بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/02/19

جورج حبش... جورج وسوف...


قد يتبادر إلى ذهنك أيها القارئ أنني سأخطّ رسالة إلى صديق ما اسمه جورج فالعنوان الذي تخيّرته لهذه الأسطر يحيل بالفعل على كتابة الرسائل، وسوف أشاطرك التخمين الذي ذهبت إليه وأعتبر ـ معك ـ هذه البطاقة رسالة، غير أنني لن أكتبه لشخص ما اسمه جورج ولكن سأكتبها لك أنت ولكل شاب وشابة تونسية غرّبتهم «الثقافة المترديّة» وسطّحت عقولهم فصاروا يخلطون بين جورج حبش وجورج وسوف!!!
«جورج» هو اسم يتردد كثيرا في المجتمعات الانقلوسكسونية لإحالته على الملوكية وشائع في تلك المجتمعات ان من كان اسمه جورج وكلّلت حياته بنجاح ما فإنه يسمّي ابنه «جورج» أيضا ليستمر في النجاح. وبالفعل كثيرون هم الذين تركوا بصماتهم في التاريخ الإنساني وكان اسم جورج ولكن للأسف الشديد أن اغلب جيل اليوم لا يعرفونهم ولم يسمعوا عنهم قطّ وقد اكتشفت ذلك مؤخرا فبمجرّد أن سمعت بوفاة مؤسس حركة القوميين العرب الحكيم جورج حبش منشئ الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سنة 1968 التي تبنت مبدأ العنف الثوري من أجل نشر الوعي العالمي بالنضال الفلسطيني وبقضية الوطن المغتصب من الكيان الصهيوني، بمجرّد أن سمعت بوفاته طفقت أرسل رسائل هاتفية والكترونية ـ كالمعتوه ـ إلى الكثير من أصدقائي وصديقاتي، وما لبثت أن أصبت بصدمة اعتبرتها اكبر من صدمة موت الحكيم... فواحدٌ يجيبني من هو جورج حبش وأخرى تقول لي هل هو حيٌّ وثالث هاتفني بصوته وقال لي بالحرف الواحد: «يا رجل لقد أفزعتني واعتقدت أن جورج وسوف هو الذي مات!!!».
هو ذات الجيل الصاعد... الجيل الذي سيبني ويعلي... الجيل الذي لا يلبس إلا الماركة الشهيرة «جورج آرمني» وينتظر آخر تقليعات مصمّم الأزياء جورج شقرا ويتابع لمسات اللاّعب جورج وياه ويشاهد أعمال النجم الامريكي جورج كولوني ويرتعب خوفا على صحة جورج وسوف ويفضّله هو وجورج الرّاسي في الغناء... الجيل الذي لا يفوّت حلقة واحدة من برنامج جورج قرداحي... انّه الجيل الذي يثق تمام الوثوق في مشروع جورج بوش لتحرير العراق وفلسطين وكامل المنطقة... هو ذا الجيل العظيم الذي يسمونه «شباب تونس» و»شباب القرن الحادي والعشرين»!!!إنّه عينه وذاته الشباب الذي لا يعرف جورج حبش ولاجورج حاوي ولا جورج باطاي ولا جورج قالووي ولا جورج طرابيشي ولا جورج عدّة ولا جورج لوكاتش ولا جورج برناردشو ولا جورج بيزيه ولا جورج أوريل أو حتى جورج مايكل...
عزيزي جورج... عزيزي القارئ... ليست هذه رسالة مضمونة الوصول لشخص بعينه وإنما هي زفرةٌ عابرة على ورق عابر في يوم عابر من أسبوع عابر في حياة عابرة هي حياة شباب تونس وشباب القرن الحادي والعشرين... ولست أغالي أبدا فالمعرفة هي المحرار الوحيد لمعرفة صدق الرهان على جيل ما...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق