بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/05/20

مسمار في الريح...


من التراكيب اللغوية السيّارة على ألسن كل التونسيين والتونسيات تركيب «مسمار في حيط» دلالة على التأمين الدائم على الحياة بمجرّد انتداب الواحد الى الوظيفة العمومية وحصوله على كافة حقوقه في اطار قانون الشغل المعمول به بدءا من التمتع بأجر كامل وصولا الى أبسط حق يمكن ان يطالب به الموظّف لدى الحكومة طبعا الى جانب التأمين على المرض والتقاعد...
وثبات ذاك المسمار الشخصي في قلب الحائط الوطني لايختلف حول حقيقته عاقلان، فكل من يشتغل أو له أن يشتغل في القطاع العمومي يعرف ذلك جيدا ولكن اعتقد اننا يجب ان نُعود ألسنتنا على تركيب لغويّ جديد يتناسب مع وضعيات الشغل الجديدة في سوقنا الوطنية والتي تشمل تحديدا فئة الشباب وبالخصوص حاملو الشهادات العليا، واعتقد أن «مسمار في الريح» هو التركيب الاسلم والاقرب لتشخيص حياة ما يقارب 46 (حسب إحصائيات الاستشارة الشبابية) من الشباب المقبلين على عالم الشغل أو هم يخوضون غماره في مؤسسات القطاع الخاص، مقابل 45.5 للقطاع العام (حسب نفس الاحصائية من مرصد الشباب)، ولئن تذهب بعض القراءات البسيطة والساذجة أحيانا إلى أن توازي نسبتي المطالبة بحق الشغل في كلا القطاعين هو مؤشّر إيجابي على قطع الشباب مع ذهنيّة «مسمار في حيط»، فإنّي شخصيا لا ألمس أيّة إيجابية في ذلك بل بالعكس إنّي أرى ذلك مؤشرا خطيرا جدا جدا اولا على هيبة القطاع العمومي الذي بات يتآكل بفعل زحف الخوصصة على كل ما كان ثابتا قبل عقود قليلة من الزمن خاصة في مجال التعليم والصحة والنقل والطاقة... وغيرها من القطاعات الحيوية، هذا فضلا عن انسداد الآفاق المهنية في تمتع مستحقي الشغل واصحابه فعلا بوظائف في القطاع العمومي مما جعلهم «يرضخون» او «يكرهون» على التوجّه الى القطاع الخاص... الى قطاع الحقوق الجزئية... الى قطاع العقود اللاّ إنسانية... وإلى الحياة عن طريق المناولة.. أليست هذه هيّ حياة المسمار «الثابت» وتدا من الأوهام فيّ قلب الريح حيث لا أمر ثابت ولا حياة مؤمّنة إلاّ لمن رضي بأن يكون «قشّة» تتطاير بها رياح الشركات والعقود أنّى طارت رغبة الاعراف...وحده «القش» اليابس تزداد نسبته في الخريف وكذلك العواصف الهوجاء تزداد سرعتها كلّما ازداد زفير الريح وقوّته...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق