بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/05/29

"زيادة الحاكم"

يحتشد ذهننا نحن التونسيّين، عمّالا أو موظفين، طلبة أو تلاميذ، متعلمين أو أميين، مدنيين أو ريفيين، تقدميين أو رجعيين.... تحتشد أذهاننا جميعا بجملة من المعتقدات التي لا تكرّس إلاّ تأخّر إيماننا بفعل المواطنة الحقيقية، ومن بين تلك المعتقدات التي تجري على ألسننا جريان الدّم في الشرايين تلك المركبات اللغوية المعلومة لنا جميعا وكأنها حقائق ثابتة وليست أوهاما مثل قولنا «عشرة الحاكم» و »زيت الحاكم» و »ضو الحاكم» و »طريق الحاكم» وكذلك «زيادة الحاكم» وهي التي تعنيني ضمن هذه الأسطر العابرة...
تعنيني «زيادة الحاكم» لأننا نعيش هذه الأيام جولة جديدة ومهمة من المفاوضات الاجتماعية حيث تجلس يوميّا إلى طاولة التفاوض، الأطراف الثلاثة بنفس النديّة والحجم وهم الاتحاد العام التونسي للشغل ممثل العمّال والعاملات بالفكر والساعد واتحاد الصناعة والتجارة منظمة الاعراف والطرف الثالث الحكومة ممثلة في مختلف وزاراتها ومؤسساتها العمومية، ومعلوم أن المفاوضات الاجتماعية التي تُجرى مرّة كل ثلاث سنوات تنظر في مستوى عيش «المواطن التونسي» وفي سبيل تحقيق الموازنة بين مستوى الدخل ومستوى العيش وغالبا ما تنتهي تلك الجلسات التفاوضية بإقرار زيادة في الاجور لعموم العمّال والعاملات، غير ان كل المنتفعين بملاليم الزيادة تراهم في كل شبر من البلاد يتحدثون عن زيادة الحاكم!!! والحال أن الاتحاد العام التونسي للشغل هو الذي يطالب بضرورة تلك الزيادة ولأجلها يكوّن المفاوضين ويدربهم وتناضل كل طاقاته من اجل تحسين الحد الأدنى المعيشي... والحال أيضا أن الحكومة والاعراف غالبا ما يتعللون بالظرف الاقتصادي العالمي او بطبيعة تغير المناخ والطقس الذي أثرّ في موارد البلاد الطبيعيّة..
تصوّروا طبيبا أو مهندسا أو أستاذا جامعيّا يتحدّث عن زيادة الحاكم وبالمثل تلاميذ معاهدنا وطلاّب جامعاتنا تسمعهم أيام الامتحانات يتحدثون عن تحصيل «عشرة الحاكم» على الاقل.. وكأن الحاكم هو الذي يدرس ويسهر الليالي!! و جدّتي تقول لي إنّها تكرهُ «عظم الحاكم» وأنها تحب «العظم العربي»... وكل المركبات اللغوية الاخرى التي لا تؤكد الا استفحال ذهنية فقدان صيغة المواطنة تلك القيمة المكتسبة عبر جملة من الممارسات وعبر جملة من المبادئ التي يؤمن بها الانسان ولا يمكن للمواطنة أن تُهدى أو تُعطى هكذا مثلما يتوهم التونسيون أن الحاكم يمنحهم الزيادة... ويعبّد لهم الطريق...

هناك تعليق واحد:

  1. شفتك امس يا سي ناجي في قناة21 تحكي على الهوية حاصيلو مسرحية ماسطة .حاجة من ثنين يا انتوما ما فاهمين شي يا فاهمين و تغشو في ارواحكم

    ردحذف