بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/05/22

أسئلة الأدب التونسي للهادي دانيال:نقوش سورية على نصوص تونسية


تتدرّج الجغرافيا نحو الامّحاء كلما اكتنز الكائن بتبر الزمان، الثقافة، فتتحد كل الجهات في قلب رحى الانسان الكوني، الانسان الذي لا تسوّره الحدود أو الحواجز مهما ارتفعت وعلت، الانسان الذي يصادق الشنفرى ويتأبط جحيم رامبو لن يكون أبدا «دبلوماسيا» لاستعداده الفطري للاشتباك العاطفي مع كل قلم مارق والانخراط الجدي مع كل متن آبق... ديدنه حدُ اللسان من الحسام... ونضج روحه قبل جسده...

هادي دانيال شاعر سوري وُلد في كفرية اللاذقية بسورية ثاني ايام ذات افريل من سنة 1956 ونحت اسمه في بيروت منذ 1975 على الصفحة الاخيرة من مجلتي «الصمود» و «الهدف» ومازال هدفه الصمود وهو يقارع طواحين الجهل ويفك ازار اللغة... يقيم في تونس منذ 1982 . صدر له فيها وفي بيروت ودمشق 12 مجموعة شعرية وكتب اخرى... اخرها «أسئلة الأدب التونسي» الصادر منذ ايام عن دار نقوش عربية وهو منجز يصنّف ضمن التأريخ الادبي لاجتماع مادته حول اهم أسئلة الأدب التونسي منذ الاستقلال الى أواخر الثمانينيات، وتفرعها على ابرز اعلام هذا المشهد في الاجناس الادبية من شعر وقصة ورواية ومسرح ونقد أدبي...
ينهض هذا المنجز الجديد / القديم للشاعر السوري الهادي دانيال اساسا على محاولته الجادة لتجاوز القصور الاعلامي الذي لم يساهم بشكل كبير في نشر الثقافة والادب التونسي، كما يستمد متن الكتاب أهميته من قدرة الكاتب على تجاوز «الحوارات الدبلوماسية» التي شابت ولا تزال ـ المدوّنة الابداعية التونسية... وهي ـ قدرة الكاتب ـ التي مكنته من بلوغ هدفه من هذا الاصدار المتمثل أساسا في الهدف المعرفي قبل الاعلاني أو الاعلامي...
وقد احتوى متن الكتاب الى جانب المقدمة، على فصلين أولهما «مبدعون ونقاد» وضمنه تمكن الهادي دانيال من سبر أغوار تجربة شيخ أدباء تونس وكتابها وشعرائها الاستاذ محمد العروسي المطوي ثم الشاعر والناقد والمترجم علي اللواتي والكاتب عمر بن سالم وعبد القادر بن الشيخ ومحمد لطفي اليوسفي والاب جان فونتان، وما يحسب للهادي دانيال ضمن هذا الفصل هو دقة أسئلته وطرافة الزوايا التي يتطرق اليها والتي لاقت صدى من حاورهم فكانت اجاباتهم مكتنزة بالافكار والمواقف ذات دلالات واحالات مرجعية.
أما الفصل الثاني الذي وسمه بتيارات» وقسّمه الى عدة أبواب الاول عن حركة الطليعة الادبية التونسية وضمنه وقف مع ابرز اعلامه كالطاهر الهمامي وأحمد حاذق العرف ومحمد المصمولي وفتحي اللواتي، والثاني عن الادب النسائي في تونس وضمنه حاول ان يفرز الحقيقة من الوهم عن هذا التصنيف مع نجاة العدواني وحياة بن الشيخ ونافلة ذهب، وكذلك بالعودة الى اراء النقاد الرجال عن هذا الادب مثل جان فونتان واحمد حاذق العرف ومحمد لطفي اليوسفي، اما الباب الثالث فقد أفرده للشعر التونسي وتحديدا جيل الثمانينيات من خلال شعراء تلك الحقبة مثل فتحي النصري والحبيب الهمامي ومحمد الصغير أولاد احمد وعبد الرؤوف بوفتح وآدم فتحي ونجاة العدواني ويوسف الرزوقة وكذلك مع ابرز نقاده مثل احمد حاذق العرف وسليم دولة ومحمد بن رجب ونور الدين فلاح وفتحي اللواتي...
واجمالا فان هذا المنجز يوثق حوارا ثقافيا رصينا متوازنا من خلال جمع المبدعين بالنقاد من ناحية ومن ناحية ثانية من خلال فطنة المحاور ودقته في طرح الاسئلة والاحراجات، وهذا الكتاب هو لبنة أولى ضمن مشروع متكامل حيث سيلحقه منجز ثان يتناول الفترة اللاحقة من المدوّنة الابداعية التونسية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق