بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/10/04

ايقاع الصدفة لمنذر العيني

... لولا القصائد حين تأتي

قد لا أتجنى على الديوان الشعري الجديد للمنذر العيني اذا ما كثفت متنه كاملا في السطر الشعري الوارد في أولى قصائد الديوان والذي يقول ضمنه الشاعر «أشياؤنا نتف كنثار الدواخل» فتيمة هذا الاصدار الجديد الصادر منذ اسابيع قليلة عن دار مسكلياني للنشر والتوزيع تنهض اساسا من الانصهار الكلي بين التفاصيل اليومية او العادات السيئة العابرة من جهة وايقاع الذاتي الداخلي المثخن بأحاسيس مختلفة ومتضاربة في الغالب...
فالشاعر المعزول في أرضه الشاحبة يتدفق عالمه الداخلي بنجوم اخر الليل... بالاصداء تسقط وترا في يديه... لنلمحه من بعيد مترنحا بين عالمين / ايقاعين... مادي عابر زائل ورمزي استوطن عريشات قلبه وحاصر ذاكرته من كل الجهات... ومن يطلع على اعمال المنذر العيني السابقة لايقاع الصدفة، فاتحة لمدار الريح وظلال المسافة سيكتشف ان العيني زرع «زهرة النرد» وانبرى يعتني بوريقاتها وزهرة النرد عند نيشته او مالارمي هي اخصاب للتعدد حيث تضحي اللغة ملعب الشاعر لاثبات كينونته التاريخية او هي جسد التاريخ بعد العود الابدي لجوهر الكائن في العالم المحيط به... ذلك ان لغة الشاعر تلعب لعبة الذات في الحضور والتخفي وفي الفعل واستحضار الفعل... انها لغة «على مقربة من سان جون بيرس، على مرأى وسمع من قفانبك. لغة للميعاد في التيه اصداؤك» كما يصفها منذر العيني في قصيدة «موعد النار» من ديوانه «ايقاع الصدفة»...ضمن هذا الاصدار تتأكد لدى الشاعر منذر العيني تلك القدرة على اضفاء الهيبة والقدسية وأسطرة الاشياء العادية والاحداث العابرة من خلال الزوايا الدقيقة التي يبني عليها متنه الشعري، وايضا من خلال توليد الرؤى وترتيب التداعيات والصور حول النواة الاولى لكل نص شعري والتي غالبا ما تكون تجربة حسية او نفسية عاشها الشاعر او كذلك أحالت او ارتبطت بحدث تاريخي لكأنه أقرب الى الروح التأملية العميقة ولعل ذلك ما يفسر تنوع الايقاعين الداخلي والخارجي لنصوص هذا الديوان وتواتر النصوص النثرية المشبعة بالروح الشعرية...كتب الشاعر في الصفحة 84 من «ايقاع الصدفة»:«تنبت الذكرى على راحتها حين أريد الامحاء، لن تمّحي الآن مازال لك الآهات ـ أحلامك في الريح ـ وأيامك ثكلى ايها المنثور في الارجاء هنا في «رأس بوغاز» قبلة السور الأغلبي بسوسة أين ضوء الفنارات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق