بحث هذه المدونة الإلكترونية

2009/02/12

تحالفات

معذرة لكل قارئ سيصاب بخيبة توقع بعد ان ينكسر أفق انتظاره وهو يُنهي هذه البطاقة الاسبوعية ليكتشف ان وجهة العنوان غير وجهة المتن الذي سيطالعه.
فمصطلح تحالفات عادة ما يحيلنا ـ ميكانيكيا ـ إلى القاموس السياسي وتحديدا الى التنظيمات الحزبية التي تختار ـ أو تجبر ـ على التحالف مع بعضها البعض في مرحلة ما، وقد تكون تلك التحالفات تكتيكية او استراتيجية، وهي تستند في أغلبها الى أرضية عمل مشترك تنبني على جملة من التوافقات المبدئية المتوفرة او المرغوب في توفيرها... وعادة ما تكون نسبة نجاح تحالف ما أقل بكثير من نسبة الفشل وهذا ما أثبته التاريخ السياسي في اغلب الحقب التي مرت...
هذه التحالفات السياسية ليست هي التي أقصدها وان كانت لا تبتعد كثيرا عن الحقل الذي أعنيه، ذلك ان كل حدث مهما كان ضئيلا ينتهي بالضرورة الى الحقل السياسي بالمفهوم الانثروبولوجي للسياسة...الحدث الضئيل الذي أعيشه تقريبا يوميا يعيشه كل مواطن تونسي يستعمل وسائل النقل، هو حدث عابر وعادي بل هو يبدو بديهيا ومنطقيا ولا يمكن ان يثير انتباه كل مواطن رغم انه يعايشه بصورة دائمة...هناك تحالف عابر بين حافلات النقل الخاصة واحدى الاذاعات الخاصة وكذلك احد المطابع الخاصة التي تزوّد شركات النقل الخاصة بالتذاكر... وهذا التحالف الثلاثي بين الخواص يبدو في ظاهره تحالفا ايجابيا يسعى إلى توفير مستلزمات الراحة للمواطن، او لنقل للحريف الذي يستعمل الحافلات، وكلمة حريف هي التي يصنّف بها السائق ومقتطعة التذاكر والمراقب المواطن التونسي...وبالمقابل هناك تحالف اخر ايضا يعيشه المواطن الذي يستعمل الحافلات الصفراء... تحالف عمومي بين الموظّف العمومي والثروة الوطنية والمواطن التونسي، تحالف يتجسد من خلال استهتار السائق والقابض والمراقب في السياقة واللياقة... تحالف يتجسد من خلال اهمال اسطول الحافلات والامعان في تخريبها وانهاء صلوحيتها من خلال حالة الطرقات ومن خلال ممارسات اغلب المواطنين داخل الوسائل التي هي ملك لهم وليست للدولة...
تحالف من خلال ظاهرة «الترسكية» لدى المواطنين من خلال اعمال التخريب التي يحلو للبعض ممارستها كالكتابة والتمزيق وتهشيم البلور...
كلها تحالفات من اجل جعل المواطن ينفر من رزقه بدل ان يحميه ويحسن استغلاله... تحالفات تعمل من اجل الاسراع بالتفريط في عمومية قطاع النقل ليستحوذ عليه الخواص ويستحوذوا على أموالنا...ان هذه التحالفات هي في احد وجوهها تحالفات سياسية، سياسة العيش... سياسة المحافظة على الرزق العام... سياسة المواطن او الغريب... سياسة سحب البساط... سياسة قتل الدولة لصالح الرأسمالي...

هناك تعليق واحد: