بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/05/27

النجاحات التونسية

تمكّنت عدة دول في العالم من تحقيق ثروتها الصناعية ونجحت دول أخرى في تحقيق اكتفائها الذاتي في الغذاء ونجحت دول في تطوير طاقتها النوويّة، ودول أخرى من الحفاظ على توازنها البيئي، ودول نجحت في تأمين أمنها الداخلي والقومي... ونجحت منتظمات أخرى في تحقيق نسبة عالية في العدالة الاجتماعية... وجميع هذه النجاحات وغيرها تعتبر المحرار الحقيقي في زمننا المعولم لتصنيف الدول والتجمعات الإقليمية ضمن خانة التقدّم الذي يحمي الوطن أولا ويجعله مهابا من باقي الدول من ناحية ثانية...
أما نحن فقد نجحنا بامتياز لا نظير له لا في الشرق ولا في الغرب في تحويل وجهة أعناق الشعب إلى المربع الأخضر... إلى المدارج الإسمنتية والخشبية... إلى الجلد المدوّر...نجاحنا هذا ندين به أساسا إلى آلتنا الإعلامية بكل تمظهراتها، قنوات تلفزية، إذاعات، صحف، مجلات، مواقع إلكترونيّة... كلها تظافرت من أجل إبدال عمرنا الإنساني بعمر رياضيّ بحت...
الاثنين الرياضي، الثلاثاء الرياضي، الأربعاء الرياضي، الخميس الرياضي، الجمعة الرياضي، السبت الرياضي، الأحد الرياضي... العمر الرياضي!!
صرنا ننام على الكرة وعليها نفتتح صباحاتنا... في البيت، في المدارس، في المعهد، في الجامعة، في مكاتب الشغل، في المقاهي، في الحافلات، في الميترو... وفي كل شبر من البلاد صار حديث الشعب التونسي عن الكرة وعن تفاصيلها...
نلوك أحذية اللاعبين وجواربهم ليلا نهارا...ونُغرق أيامنا في عرقهم وندجّج ألسنتنا بألفاظهم السوقية.. حتى صرنا نعيش داخل ملعب كرة قدم مساحته 164 ألف كيلومتر وجماهيره أكثر من عشرة ملايين...
أنا لست ضدّ الرياضة كعنصر من عناصر تكوين شخصية الفرد وملمح من ملامح مجتمع ما... ولكنّي أمقتها عندما تتحوّل إلى نشيد رسمي الكل يعزف على أوتارها... ولو كنت مُلمًّا بكرة القدم التونسية لتمكّنت من تدوين عودة العصبية الجهويّة بين جهات البلاد ومن تدوين الهبوط الصاروخي للأخلاق التي صارت مثل الكرة تتقاذها ألسن اللاعبين على الهواء مباشرة وحصريّا بكل فخر على قنواتنا الثلاثة حنبعل وتونس سبعة وقناة21...
0وصارت حركات اللاعبين مرجعا للشباب... الشباب الذي أهمل دراسته بسبب الكرة...
والذي سلّم في حقه في الشغل بسبب «حربوشة» الكرة...
وتثمينا لهذا النجاح الباهر أقترح ضمن هذه المساحة أن تتخلّى قناة تونس سبعة مثلا عن أخبار الساعة الثامنة وتعوضها بحصة رياضية، وعلى قناة حنبعل أن تستبدل برنامج زوم على الثقافة بحصة رياضية وعلى قناة 21 أن تستبدل فوروم الشباب بنقل المباريات الرياضية وإعادتها لمزيد الاستفادة منها، بل أقترح أن ندرج في جامعاتنا العلميّة والإنسانية شهادة في الرياضة.. من أجل تدعيم نجاحنا وعزّتنا أمام تلك الأمم التي تخال نفسها تقدمت بالعدالة الاجتماعية والسلاح النووي والأمن الغذائي وحقوق الإنسان وهي لا تعرف أن الكرة جوهر التقدّم...(؟)

هناك تعليق واحد:

  1. أريد أن أعقب على كلامك بأن من أسباب فشل نسمة تيفي في إستقطاب مشاهدين قد يكمن في عدم بثها لبرامج رياضيه ( لا تنسى أنها ستكون ظارب 4 : تونس ، الجزائر ، المغرب وليبيا )

    يامن

    ردحذف