بحث هذه المدونة الإلكترونية

2007/06/13

قصة قصيرة

غرق حبري


على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة
أوّل الحبّ عشب على حجر
سيّدتي استحقّ
لأنّك سيّدتي. استحقّ الحياة
محمود درويش

:همس في أذنها والفرح يشقّ صوته
- "اللّيلة سأنام على سرير من حنين... للّذي حدث بيننا هذا المساء."
صمت قليلا وأردف بتردّد
- "وللّذي سيحدث كلّ مساء... لديّ سرير يتّسع لجسدين من ماء... لجسدين من نرجس و نار... سرير يتّسع للّه و البحر..."
كانت هي في الجهة المقابلة تمسك بحفيف الحروف, و تخيّلته يحطّ على كحل أهدابها مثل عصفور يحطّ على ماء بحر... لم تنبس ببنت شفة. فقط ظلّ نفسها صاعدا مثل خيط رفيع نازل من السّماء...
تواطأ معها في هذا الصّمت و كأنّه لم يشأ أن يقاطعها و هي تقرأ له – في صمتها – قصيدة لم تكتبها بعد.
لمّا أحسّها أنهت قراءتها قطع صمت البوح بينهما وهو يقول لها:
- "أشتهي ما سيحدث مساء الغد... و لكنّي أخاف من خوفي وتردّدي..."
استرق نفسا قصيرا ليلتقط عبيرها في الأرجاء, ثم رسم قبلة على... سمّاعة الهاتف.
أقفل الخطّ و تمدّد على سريره. ظلّ مغمض العينين برهة من الزّمن ثمّ امسك مجموعتها الشّعريّة بأصابعه المرتعشة و شرع يتفحّصها ورقة ورقة و بياضا بياضا, تهجّاها سطرا سطرا إلى أن فطن بصوته المنفلت من حلقه يردّد مقطعا واحدا أعاده أكثر من خمسين ألف مرّة:
مستوحدان
أنا و ظلّي
نرسم إلى الحلم سلالم
لا وفي لنا
نسمي الدفاتر عمرا
(العمر خيول تهاوت
(1
طوى المجموعة و هو يقاوم فكرة قصّة قصيرة بدأت تراوده عن نفسها, و بلهفة وارتباك تناول ورقة مطروحة على المنضدة المحاذية للّسرير و خطّ فوقها: "... غرق"
ثمّ نام على سرير من حنين ... و من ورق

(1) مقطع من قصيد تسميات على مسامع الظل من المجموعة الشعرية حمى القصائد للشاعرة التونسية يسرى فراوس



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق