بحث هذه المدونة الإلكترونية

2011/01/02

معرض الصحافة الوطنية

لستُ‮ ‬أدري‮ ‬كم‮ ‬يحتاج اعلامنا من الوقت والنباهة ليتفطّن إلى أن قارئه ومشاهدهُ‮ ‬ومستمعه قد أفلت من عقاله القديم وفتح نوافذ وأشرع أبوابا على سياقات أخرى منحته إلى حد كبير،‮ ‬ما‮ ‬يُشفي‮ ‬غليله في‮ ‬تقصي‮ ‬المعلومة،‮ ‬ووهبته أبسط شروط الاحترام باعتباره مواطنًا من حقّه الاطلاع على ما‮ ‬يدور حوله من أحداث سواء في‮ ‬بلده أو في‮ ‬العالم‮... ‬بل صارت تمنحه مساحات شاسعة ليساهم من موقعه في‮ ‬نحت الخبر وصياغة المعلومة‮...

لا‮ ‬يزال إعلامنا إلى اليوم،‮ ‬في‮ ‬برجه العاجي‮ ‬يُغنّي‮ ‬لأجنحته ويردّد أغنيته اليتيمة،‮ ‬ويعزف لحنه المجيد،‮ ‬وأقصى ما‮ ‬يقوم به هو تغيير ديكور هذا الأستوديو‮... ‬أو تلوين هذه‮ »‬الـمُنْشَات‮«... ‬أو اقتناء مصدح جديد‮... ‬أمّا الخبر فهو باق على حاله،‮ ‬لا قداسة ولا هم‮ ‬يحزنون‮...‬
وحتّى لا أظل أدور في‮ ‬حلقة مفرغة،‮ ‬فإنّ‮ ‬اطلالة عابرة على تلك الفقرة القارة ضمن برامج اخبارنا التلفزية والاذاعية والصحفية،‮ ‬المعروفة‮ »‬بمعرض الصحافة الوطنية‮« ‬تمثل خير دليل على بهتان الخبر في‮ ‬منابرنا الاعلاميّة وعلى محدوديّة أفق من‮ ‬يسهر على اعداد هذه البرامج وغياب أدنى مجهود في‮ ‬تأثيث‮ »‬معرض الصحافة الوطنيّة‮«...‬
فهذه الفقرة لا تنظر إلا بعين الرضّى ولا تكتب نفسها إلا بقلم أخضر ولا تختار من‮ »‬الصحافة الوطنية‮« ‬إلاّ‮ ‬ما تُدبّجه الايادي‮ ‬المنضبطة للشعار الوطني‮ »‬كل الأمور على خير ما‮ ‬يرام‮«...‬
ثم إن هذه الفقرة لا تستند،‮ ‬سواء في‮ ‬التلفزة أو الاذاعات إلا إلى بعض الصحف المنتقاة بطريقة لا علاقة لها لا بالوطنية ولا بالوطن ولا تنتقي‮ ‬من هذه الصحف الا الأخبار المكتوبة بقلم واحد ويد واحدة ونظرة واحدة‮... ‬وبطريقة مغرقة في‮ ‬الابتذال وعدم احترام المتقبل‮...‬
إنّ‮ ‬فقرة‮ »‬معرض الصحافة الوطنية‮« ‬تثبت بشكل قاطع أن اعلامنا‮ ‬يشبه ذاك الرجل الأعرج الذي‮ ‬دخل الى مضمار السباق وأقنع نفسه بأنّه‭ ‬قادرٌ‮ ‬على بلوغ‮ ‬المقدمة‮... ‬معرضٌ‮ ‬لا‮ ‬يقدّم إلاّ‮ ‬الأخبار الملوّنة والصور المنمّقة تلك التي‮ ‬باتت من تحصيل الحاصل‮...‬
أعتقد أنّ‮ ‬برنامج‮ »‬معرض الصحافة الوطنية‮« ‬الذي‮ ‬تُتحفنا به وسائل اعلامنا‮ ‬يوميّا نسي‮ ‬أنّ‭ ‬يضيف عبارة‮ »‬تونس الشقيقة‮« ‬حتّى‮ ‬يضفي‮ ‬على‮ »‬حشوه‮« ‬صفة المصداقيّة ويجْعَلَ‮ ‬مُتَقَبِّلَهُ‮ ‬مستسيغًا لمادته القيّمة‮...