لستُ أدري كم يحتاج اعلامنا من الوقت والنباهة ليتفطّن إلى أن قارئه ومشاهدهُ ومستمعه قد أفلت من عقاله القديم وفتح نوافذ وأشرع أبوابا على سياقات أخرى منحته إلى حد كبير، ما يُشفي غليله في تقصي المعلومة، ووهبته أبسط شروط الاحترام باعتباره مواطنًا من حقّه الاطلاع على ما يدور حوله من أحداث سواء في بلده أو في العالم... بل صارت تمنحه مساحات شاسعة ليساهم من موقعه في نحت الخبر وصياغة المعلومة...
وحتّى لا أظل أدور في حلقة مفرغة، فإنّ اطلالة عابرة على تلك الفقرة القارة ضمن برامج اخبارنا التلفزية والاذاعية والصحفية، المعروفة »بمعرض الصحافة الوطنية« تمثل خير دليل على بهتان الخبر في منابرنا الاعلاميّة وعلى محدوديّة أفق من يسهر على اعداد هذه البرامج وغياب أدنى مجهود في تأثيث »معرض الصحافة الوطنيّة«...
فهذه الفقرة لا تنظر إلا بعين الرضّى ولا تكتب نفسها إلا بقلم أخضر ولا تختار من »الصحافة الوطنية« إلاّ ما تُدبّجه الايادي المنضبطة للشعار الوطني »كل الأمور على خير ما يرام«...
ثم إن هذه الفقرة لا تستند، سواء في التلفزة أو الاذاعات إلا إلى بعض الصحف المنتقاة بطريقة لا علاقة لها لا بالوطنية ولا بالوطن ولا تنتقي من هذه الصحف الا الأخبار المكتوبة بقلم واحد ويد واحدة ونظرة واحدة... وبطريقة مغرقة في الابتذال وعدم احترام المتقبل...
إنّ فقرة »معرض الصحافة الوطنية« تثبت بشكل قاطع أن اعلامنا يشبه ذاك الرجل الأعرج الذي دخل الى مضمار السباق وأقنع نفسه بأنّه قادرٌ على بلوغ المقدمة... معرضٌ لا يقدّم إلاّ الأخبار الملوّنة والصور المنمّقة تلك التي باتت من تحصيل الحاصل...
أعتقد أنّ برنامج »معرض الصحافة الوطنية« الذي تُتحفنا به وسائل اعلامنا يوميّا نسي أنّ يضيف عبارة »تونس الشقيقة« حتّى يضفي على »حشوه« صفة المصداقيّة ويجْعَلَ مُتَقَبِّلَهُ مستسيغًا لمادته القيّمة...