بحث هذه المدونة الإلكترونية

2011/10/21

يفرقنا الصندوق وتجمعنا تونس


لم ينته الزمن الافتراضي الفايسبوكي، ولكن الزمن الواقعي يبدأ اليوم، 23 أكتوبر 2011.

يتوقف الآن زمن مداعبة الأزرار الباردة لحواسيبنا المحمولة والثابتة ولهواتفنا المتطورة. يتوقف زمن الأزرار لينطلق زمن تحريك الأصابع الحية التي سيرسم بها كل واحدة وكل واحدة علامة القاطع والمقطوع أمام من سيختار أو تختار من الأحزاب أو القوائم المستقلة المترشحة للمجلس التأسيسي الوطني الثاني في تاريخ تونس الحديث.

لا يهم لمن سنمنح صوتنا، ولكن الأهم في هذا اليوم، 23 أكتوبر2011 هو أن لا نفوت على أنفسنا فرصة ممارسة فعل الانتخاب باعتباره عنوانا دالا على مواطنة كل واحد منا...

لا يهم مَن منَ الأحزاب أو المستقلين سيستأثر بالنسبة الأكبر في تمثيلية المجلس التأسيسي، لأن الأهم في تقديري اليوم، 23 أكتوبر 2011، هو أن تكون نسبة التصويت هي الأعلى والأكبر من كل النسب الحزبية أو السياسية، لان نسبة التصويت هي نسبة تونس، وتونس أكبر من كل الأحزاب مجتمعة...

مهما اختلفت الأفكار تونس ارض الأحرار.

في مثل هذا اليوم، ستفرقنا الأحزاب داخل الخلوة، ولكن الأكيد أن تونس ستجمعنا، فمن منا سيتخلف عن تونس؟

قد تبدو حركة التصويت حركة عابرة وبسيطة، ولكن الأكيد أنها ممارسة تُنحتُ في تاريخ كل فرد منا الذي هو بالأخير تاريخنا الجماعي، تاريخنا الوطني الذي سيأتي يوم ما ونروي بعضا من تفاصيله لأبنائنا وبناتنا وأحفادنا وحفيداتنا... سنقول إننا ساهمنا في كتابة تاريخ تونس سنة 2011...

مهما اختلفت الأفكار تونس ارض الأحرار.

الذهاب إلى مكتب الاقتراع، والدخول إلى الخلوة واختيار من سيمثلنا يوم 23 أكتوبر 2011 هو الجواب المثالي والحقيقي الذي سيصيّر دم شهدائنا يسري في عروق ارض تونس لتزهر الحدائق فوق جباه أمهاتهم، وهو الجواب الحقيقي والمثالي للدكتاتور، الذي حرمنا من هذا الحق طيلة 23 سنة، وهو أيضا الجواب المثالي والحقيقي للدكتاتوريات العربية الصامدة في بطشها إلى اليوم ضد شعوبها لتدلل على فشل الثورة التونسية وتأبد بذلك استبدادها، وهو كذلك الجواب المثالي والحقيقي لكل الأنظمة الغربية التي مازالت تعتبر العرب شعوبا متخلفة... فهل سنتخلف يوم الاقتراع عن كتابة هذه الأجوبة؟

مهما اختلفت الأفكار تونس ارض الأحرار.

إن ما حدث طيلة الأسابيع الفارط من إفراط في العنف وفي المصادمات سواء منها الشعبوية أو السياسوية، وما اقترفته بعض الأيادي العابثة لإرباك النسق الحياتي للشعب التونسي من ترفيع في الأسعار واحتكار لبعض المواد الاستهلاكية، كما أن ما يحدث من عمليات تشويه مُمنهجة لبعض الأحزاب أو المناضلين والمناضلات لا يمكنها إلا أن تكون حافزا ودافعا ايجابيا لكل فرد ليترجم ترفّعهُ عن مثل تلك الممارسات، التي هي بالأخير ظواهر صحية، والأكيد أنها كانت ضرورية.

والثابت أيضا انه بعد إتمام العملية الانتخابية وتشكيل المجلس التأسيسي الثاني في تاريخ تونس الحديث، سيمنح كل منتخب من موقعه البسيط وبصوته، شرعية البناء ورفع سقف بيتنا الوطني بعد أن نكنس منه بقايا الدكتاتورية وذهنية الاستبداد السلطوي...

مهما اختلفت الأفكار تونس ارض الأحرار.

2011/10/15

دَولَتَان بعَلَم واحد


كانوا يُعدون على الأصابع وصاروا اليوم أكثر من شعر الرأس...

كانوا أيضا بعدد رأس الشعر وصاروا اليوم يُعدون كذلك بأصابع اليد الواحدة...

فئتان من الشعب لا يلتقيان إلا في الكلام المنثور هذرا على قارعة الأيام...

فئتان من الشعب جمعتهما دولتان اتفقتا في ألوان العلم ولحن النشيد الرسمي وأخبار الساعة الثامنة وخطب الجمعة والعيدين واختلفتا في الانتماء لأفق مشترك...

بالأمس كان أغلب الشعب "متخلقا" رغم قلة شهائده الأكاديمية، واليوم صار أغلب الشعب مثقلا بالشهائد الجامعية، متخففا من القيم والأخلاق...

مفارقة عجائبية تلك التي رجحت كفة الميزان لصالح دولة المتعلم وألقت بدولة المثقف إلى الدرك الأسفل...

عندما كانت نتائج "السيزيام" تُعلن عبر موجات الإذاعة وتكتب أسماء الفائزين بتلك الشهادة على صفحات الجرائد كان المعلم رسولا... وكان التلميذ مريدا له...

وعندما كان الفائزون بشهادة الباكالوريا يعدون بالعشرات كانت الجامعات والكليات صرحا منيعا لا تينع داخل أسوارها إلا العقول المفكرة والمبدعة...

بالأمس كان الكتاب مقدسا ومهابا... وكانت الأفكار مرجعا ونبراسا لتأثيث الحياة في أدق تفاصيلها...

كان الدخول إلى قاعة السينما موعدا مقدسا... واقتناء ملحق فكري للجريدة متعة لا متناهية... وكذا الجلوس إلى الأصدقاء والرفاق والتسارر معهم... دون أقنعة أو قفازات...

واليوم تصلنا نتائج الاختبارات، التي لم تعد امتحانات، تصلنا عبر الإرساليات الهاتفية القصيرة مختلطة بإرساليات المواعيد السيارة، أو عبر مواقع الانترنت أين يلقي الممتحن نظرة عابرة على نتيجة اختباره ثم يعود ملهوفا إلى حديث افتراضي عابر على احد المواقع الاجتماعية مع شخص أثيري لا رائحة له ولا طعم...

اليوم نجلس إلى معلمنا في المقهى على طاولة "الشكبة" أو "البيلوت"، ونتقاطع مع أساتذتنا في الحانات... نلهث في كل الاتجاهات، لا بحثا عن صديق أو كرسي مريح، بل طمعا في دينار إضافي... نفشل في مصادقة آبائنا، وفي كتابة قصص حب طافحة بالشغف...

نشتري كريم الشعر وبطاقات شحن الهواتف ونلتقط الصور الرقمية مع السيارات الفارهة وننام فوق الأزرار الباردة لحواسيبنا المحمولة... نلبس اخر صيحات الدجينز ونأكل من مختلف المطابخ العالمية... ونتحدث بإطناب عن مفهوم "النسبية"... ومع ذلك... مازلنا نفكر بأن العالم إما غرب أو شرق... وأن البشر إما كفار أو مؤمنون... وان اللغة العربية "ارقى" اللغات... وأننا "خير أمة"... فلا غرابة اليوم اذا ان تصير تونس دولة بصاريتين يابستين لعلمين مختلفين، علم "للكفار" وعلم "للمؤمنين"... وهو التقسيم الجديد/القديم الذي يختلقه اصحاب المعسكرات العقائدية أولائك الذين "بفضل" تفانيهم الايماني صُلب الحلاّج وشُرّد التوحيدي ونُفي ابن رشد وقُتل السهروردي وابن باجة واغتيل مهدي عامل وحسين مروّة وناجي العليّ وغسّان كنفاني وخُصي مظفّر النواب وقتل منور صمادح...

دولتان بعلم واحد متباعدتان، متجافيتان...لا يلتقيان إلا تقاطعا على أرصفة الاختلاف والتنافر...

هكذا تبدو لي تونس اليوم، بعد أن "وَثَبَ" عليها نظامان من الحكم، أول اقترب من الجمهورية وثان نسف كل مقوماتها... ليتركنا اليوم نسأل هل نحن مواطنون في دولة ام رعايا في ولاية من ولايات الخلافة الدينية.

2011/10/03

عروب الفالت ضد الحكومة



* بقلم: نـاجـي الخشنـاوي

يبقى السجن سجنا مثلما يبقى المجرم مجرما مهما كانت صفته، ومهما علا مركزه الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي أو الفكري، ولا فرق بين اسكافي فقير ووزير ارستقراطي في العقاب، مادامت أركان الجريمة متوفرة، ومادام كل الناس متساوين في الحقوق كما في الواجبات، غير أن هذه المسلمة يبدو أنها لا تنطبق إلا في السينما أو في الروايات، أما في الواقع فالأمثلة تعد على أصابع اليد الواحدة...

ولعل الذاكرة تسعفنا بفيلم "ضد الحكومة" الذي تنبأ فيه مخرجه عاطف الطيب منذ سنة 1992 بما يدور اليوم في أروقة المحاكم المصرية والتونسية، فهذا الفيلم الذي جسد فيه أحمد زكي شخصية مصطفى خلف المحامي الذي اعتاد التحايل على القانون باستغلال ضحايا حوادث الطرقات، ليحصل من أسرهم على توكيلات تطلب تعويضات يحصل عليها لنفسه محققا بذلك أرباحا طائلة. ومن تشابك تفاصيل الفيلم نصل مع البطل إلى درجة رفع دعاوى ضد وزير التعليم ووزير النقل ورئيس هيئة السكك الحديدية يتهمهم فيها بالإهمال، فيساومه لسان دفاع السلطة للعدول عن القضايا التي رفعها ضد الحكومة ثم يزج به في قضية تنظيم إرهابي ليلقى جميع أنواع التعذيب دون أن يتخلى عن موقفه، فأصبحت القضية قضية رأى عام وفي الأخير وافق القاضي على استجواب كبار المسؤولين.

كما يمكن للذاكرة أن تحيلنا على رواية عبد الجبار العش "محاكمة كلب" تلك التي تضعنا "منذ البداية في قاعة المحكمة، وإزاء شخصية ملتبسة وقضية لا تقل عنها التباسا، فالمتهم له مواصفات إنسان ولكنه يحمل في ظاهره ملامح من الكلب وفي باطنه شعورا عميقا بالتكلب" والكلب المتحدث عنه في الرواية "ليس قناعا للشخصية وإنما هو جزء من حقيقتها الاجتماعية والأنطولوجية وحتى الجسدية." وربما لذلك استعصت محاكمة عروب الفالت، بطل الرواية، رغم ترافع عميد المحامين العرب في قضيته والذي قال في ختام الرواية "نحن هنا نظرا لكون المواطن عروب الفالت ليس متهما عاديا في قضية عادية، بل انه في تقديرنا، يمثل بل يختزل نسغ روح هذه الأمة. انه التكثيف المأساوي للمواطن العربي في هذه اللحظة الجليلة من الألفية الثالثة... إن محاكمته هي محاكمة تاريخنا، فمن في مقدوره محاكمة التاريخ؟."

ولا يفوت من شاهد الفيلم أو اطلع على الرواية أن يمسك بذاك الخيط الشفيف الرابط بينهما والمتمثل في انزياح الأزمة الوجودية لشخصية "مصطفي خلف" في الفيلم وشخصية "عروب الفالت" في الرواية، وتحولها إلى أزمة اجتماعية بالأساس وسياسية بشكل معلن في الفيلم ومتستر في الرواية...

إن هذين المثالين يرفعان جسرا متينا ينقلنا من المتخيل إلى الواقع، أو من خطاب النص إلى خطاب السلطة على الطريقة الفوكاوية، فها نحن اليوم نبلغ آخر سيناريو فيلم عاطف الطيب وخاتمة رواية عبد الجبار العش، ونكاد نصدق نبوءتهما، وان تباينت، ونحن نتابع تتالي أسماء كبار المسؤولين سابقا يقفون أمام القضاء من أجل تهم الفساد بالخصوص وتورطهم في منظومة مافيوزية نخرت كل إمكانات النهوض بهذا البلد... من رئيس هارب بما ملك جبن مع أفراد من عائلته إلى وزراء ومديرين عامين ورجال أعمال وإداريين... يتم استنطاقهم بشكل يومي... منهم من تحصن بالفرار ومنهم من يقف خلف قضبان "ناعمة" بشكل تحفظي ومنهم من حجر عنه السفر... ملفات مفتوحة وأبحاث جارية أما الأحكام النهائية فمازالت قيد الغيب... الغيب!!! هل يوجد هذا المصطلح في نظام السلطة؟؟؟

يعلمنا ميشال فوكو أن السلطة تتفاني في ترويض أجسادنا دون أن تستعمل وسائل الإكراه والقمع بل "بالنظرة واللغة"، وها نحن نقف اليوم على انصع مثال في الترويض السلطوي من خلال إقامة ندوة دولية حول الفساد والرشوة والدعوة لإقامة هيكل مؤسساتي لمقاومة الفساد والرشوة واستغلال النفوذ!!! فمتى ينتهي موسم فتح الأبواب المفتوحة؟؟؟

هنا تتراص الأجساد المتعبة في زنزانات السجون التونسية (العمومية) ... يتقاسم المسجونون "القميلة"... أم ملتاعة تأتي من أقصى الجنوب لتعود ابنها المسجون في أقصى الشمال وفي يدها قفة بسيطة... كلمات محمومة تدور بينهما داخل "البارلوار" (غرفة الزيارة) تحت أعين الحارس... تقول له كل شيء إلا عن بيعها قطعة الأرض الوحيدة لديهم لتدفع أجرة المحامي...

وهناك يطلع علينا المتهمون في بهو المحاكم بربطات عنق قزحية وبدلات أنيقة وشعر مصفف بعناية... ابتسامات في وجوه القضاة وطوابير لا نهاية لها من المحامين... قنوات تلفزية ترصد المحاكمات وصحف تتابع الأخبار... سيارات فاخرة تزورهم أمام "سجنهم الخاص"...

الأكيد أن للقضاء مبرراته حول التأخير في التصريح بالأحكام حول من ثبتت التهم الموجهة إليهم، والأكيد أيضا أن تأسيس منظومة قضائية مستقلة وعادلة تستوجب وقتا طويلا وإرادة حقيقية... ولكن بالنسبة لي يبدو أن السجن لا يليق بغير الفقراء مادام حكرا عليهم كالأسواق الشعبية والمستشفيات العمومية وحانات الشوارع الخلفية...

سأستعير من الصديق فتحي بالحاج يحي فكرة ساقها في كتابه "الحبس كذاب والحي يروح" تلك التي تحدث فيها عن أغنية المطرب الفكاهي صالح الخميسي "يا بودفة شبحتنا" "تلك الأغنية الشهيرة التي تفاعل معها كل التونسيين وحفظوها عن ظهر قلب، وكأن فيهم توجسا بأنهم زائروه يوما لا محالة."

2011/10/01

ادرسْ‮ ‬لأننا نحتاج إلى ذكائك


في كتابه "دفاتر السجن" كتب الفيلسوف والمناضل الايطالي انطونيو غرامشي: "ادرسْ لأننا سنحتاج إلى ذكائك، حرّض لأننا سنحتاج إلى حماسك ـ نظّم لأننا سنحتاج إلى كل قوتك، فالأمير الحديث لا يستطيع أن يكون فردًا أسطورة إنما هو فقط يمكن أن يكون تنظيمًا".

أستحضر هذه المقولة المشحونة والمتقدة ونحن في مفتتح السنة الجامعيّة، نتابع عودة آلاف الطلبة إلى الجامعات والكليات التونسية، نستحضرها لأن الجامعة ليست فضاء محايدًا أو عابرًا بقدر ما هي نقطة تحوّل جذرية في حياة كل طالبة وطالب، فهي منارة علم وساحة نضال وبوابة نحو عالم أرحب، هو عالم الشغل، وأعتقد أن الجامعة هي التي تنحت الجزء المهم في شخصية الفرد الوافد عليها لما توفّره من علاقات مختلفة ومهمة في آن واحد، ولما تقدمه من زاد معرفي أكاديمي وثقافي، الفضاء الجامعي الذي يختلط فيه ابن العامل وابنة الفلاح بأبناء الطبقة البرجوازيّة، الفضاء الذي تتقاطع فيه خطى الآفاقيّين، أبناء الأرياف والمدن الداخلية بأبناء العاصمة والمدن الساحلية هي التي تؤججّ الشعور الايجابي لدى كل فرد ليقتلع مكانه الطبيعي والشرعي باعتباره طليعة المجتمع.الجامعة هي فضاء الإمكان والمبالغة... الفضاء الذي نٌعلن فيه حالة السعادة الدائمة...

إن الأفكار لا تنبت في السماء ولا تمطرها السحب، وإنما تختمر في العقول وتنعقد عبر الصّلة مع الآخر المختلف، والطالب الذي يراهن على ذكاءه وزاده النضالي وتماسكه الأخلاقي بين مقاعد الجامعة ومدارج الكليات هو الأقدر على تأثيث الجامعة التونسية "الَمحلٌوم بها"، الجامعة التي وهبت هذا الشعب كوادره الفكرية والعلميّة وساهمت، باعتبارها جزءًا من الحركة الشعبيّة، في بناء دولة حديثة وعقلانيّة...

الجامعة اليوم، يخفت بريقها بفعل نظام همّش أفقها وقلّص من دورها وحولها إلى مؤسّسة ميّتة... فشلت حتى في إخراج جيل قادر على المشي باعتداد في الشارع... جيل لم يتخلّص من "فكر" الانسجام واليقين والثّابت... ولم يتجرّأ على فكر الاختلاف الذي يمر حتما بفكر الصراع... جيل توغَّلَ بعيدا في الفراغ المعرفي واليباب الاخلاقي...

اليوم، وفي انتظار تثوير الطاقات الأكاديمية، وأن تلعب النخب الجامعية دورها الحقيقي قد يعود الأمل إلى هذا الفضاء ليرسخ في ذهن كل طالب انه لا وجود لغير الواعي بوجوده، وأن الدرس الحقيقي هو التدرب على فن العيش والتعايش، التعوّد على الصراع والمقاومة لكل أشكال التّشيُّؤِ، وان الدرس الحقيقي هو نزع الأقنعة عن الأساطير الزائفة وإنتاج البدائل المجتمعيّة الأمثل، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل إن الحرية والخبز ينبتان على ساق واحدة...

أعتقد أن الطالبة والطالب اليوم على مرمى إصرار من إعادة الوهج إلى الجامعة التونسية حتى تكون فعلا جامعة شعبية بشروط تعليم ديمقراطي ومَقاييس ثقافة وطنيّة نقديّة، وحتى تصبح الحركة الطلابيّة جزء لا يتجزء من الحركة الشعبيّة الناهضة اليوم من جلباب الدكتاتورية رغم بقاياها الناتئة هنا وهناك...

"ادرسْ لأننا نحتاج إلى ذكائك" هكذا قالها غرامشي الذي كان مثلكم طالبا في الجامعة، ناضل بحماس، درس بنجاح ومات لأجل الحرية...

لا تكن مثل غرامشي أيها الطالب... كن فقط كما أنت، ذكيّا، ومناضلاً تتقد حماسًا وتتنفس حريّة...

وكن مواطنا عنيدا في فكرك، متسلّحا بالتَّحدي وفي تشكك مستمر... ولتزرع القلق أيْنما وليت وجهك في الثقافة المطمئنّة والمستكينة...