بحث هذه المدونة الإلكترونية

2013/07/18

"تسونامي" الجعايبي/بكار: مسرحية "مؤقتة" تفتح ورشة أمل قاتمة...

ناجي الخشناوي ألوان عابرة لم تتجاوز دقائق معدودة افتتحت بها المسرحية، ليعم السواد أرجاء الركح ويطوّق زمان النص ومكان الأحداث... هكذا قرأت جليلة بكار والفاضل الجعايبي الزمن الحقيقي لما سُمّي "ربيعا عربيا"... لأنه "لم يكن كافياً ما تفتَّح من شَجَر اللوز"... ألوان "مؤقتة" فموجة سوداء علت وغمت الزمان والجغرافيا... وهكذا رسم الثنائي رفقة "الأيقونة" فاطمة بن سعيدان ورمزي عزيز وقيس رستم وربيع إبراهيم وبسام العلوي ونور الهدى بالحاج وتوماضر الزرلي وأسامة الجمعي ومحمد علي القلعي وعلي بن سعيد واميمة البحري ولبنى قنوني... رسموا جميعا زمنا افتراضيا لطوفان قادم بأمواج سوداء لن تستثني نقطة خضراء واحدة من المشهد... فنار الفتنة لا تنتظر الورد ليُكمل ألوانه ويتبرج في عطره، تماما مثل "شهوة التدمير"، تلك التي تتملكنا ولا نملك سلطانا عليها، لا تترك لنا الوقت للاحتفاء بإرادة البقاء... إرادة الحياة... ولو كانت حياة عابرة فوق خشب المسرح... ولو تسلحنا بشعار "لا خوف بعد اليوم"... لأن "حلمنا بزمن لا خوف بعد اليوم تراجع وانحصر وبتنا نعيش زمن الرعب... السّخَط... السّخَط... السّخَط...". بعد "غسالة النوادر" و"العرس" و"عرب" و"التحقيق" و"العوادة" و"فاميليا" و"عشاق المقهى المهجور" و"سهرة خاصة"... وصولاً إلى "جنون" و"خمسون" و"يحي يعيش"... يضيف مسرح "فاميليا" عملا جديدا "يُعزز" المناخ العام لأعمال الثنائي الجعايبي وبكار، وفي الوقت نفسه يتفرد بخصوصيته التي فرضتها وقائع "الآن وهنا"... فمسرحية "تسونامي" العمل المسرحي الجديد لشركة فاميليا والمسرح الوطني الفرنسي (والتي عُرضت ليلة الثلاثاء 16 جويلية في إطار الدورة 49 لمهرجان قرطاج الدولي) لا تشخّص واقعا معاشا فقط، بل هي تطرح رؤية استشرافية لزمن آت قريبا في رؤيا أصحاب هذا العمل. ولئن سبق للثنائي الجعايبي وبكار أن استشرفا نهاية النظام السابق وهروب رموزه ضمن مسرحية "يحي يعيش ـ أمنيزيا"، التي جاءت محاكمة فنية/سياسية سابقة لأوانها، بعد أن وقفا في مسرحية "خمسون" على حمى اليسار واليمين وأرشيف دولة ما بعد الاستقلال، هاهما في مسرحية "تسونامي" يستبقان الزمن التونسي ليصلوا إلى زمن قروسطي/ قادم... قد يكون يوم 15 أفريل 2015... سينوغرافيا المسرحية الجديدة "قلصت" من المؤثرات الدراماتورجية المبنية على لعبتي الضوء والعتمة دون أن تتنازل عنهما تماما، بل حولت وجهتهما نحو الملابس من جهة والخطاب من جهة ثانية، حيث استأثرت ملابس الممثلات والممثلين باللون الداكن من جلابيب وبراقع وأقنعة ومعاطف سوداء ولم يخرج خطابهم عن القتل والتهديد والوعيد والأمر والنهي باسم الله... (وكأن الله أمرهم بتفجير المسرح البلدي؟)، في حين انهمر الضوء من خطاب "حياة" (جليلة بكار) صاحبة المعطف الطويل، لأنها مثلت "الحياة" باسم الحب والعدالة والحرية... والأمل... خطاب بدا في ظاهره بسيطا حد "السذاجة" في جمله وتراكيبه (وهو اختيار مدروس) وفي ذات الوقت كان خطابا متشبثا بمرجعياته التنويرية من أبي القاسم الشابي إلى منور صمادح مرورا بألبير كامو ومحمود درويش... خطاب يبلغ مداه في تقنيتي التناص والتناظر الموظف في النشيد الوطني التونسي وأيضا من خلال تقنية التكرار... خاصة لكلمة (السّخَط...) والخطاب أيضا قد يبدو بسيطا للوهلة الأولى، إلا أن تقسيمه بين الأصوات يمنحه عمقا وتوهجا داخليا نكتشفه عندما نرى الصوت الأنثوي (خاصة حياة ودرة إلى جانب صوت أمين) يستأثر بلغة الاعتداد والتحرر والأمل ويكتسح الركح رغم الانكسارات والأوجاع، وبالمقابل نسمع الأصوات الذكورية لا تجيد النطق خارج الخطاب المتكلس الذي تستخدمه مطية نحو سفك الدماء والتدمير... وحتى النص القرآني كان "استغلاله" بشكل دقيق وتم توزيع ما تم اختياره من المتن القرآني بشكل يعبر عن طبيعة الصراع التراجيدي بين رهيني التكفير ودعاة التفكير... الديكور المعتمد لم يتجاوز كرسيين لم يكونا محل نزاع وصراع كما كانا في مسرحية جنون، بل لم تكن لهما أية أهمية أمام سطوة الخطاب الملفوظ وهي إحالة ذكية إلى أن طبيعة الصراع القائم اليوم هو صراع وجود وإثبات ذات، أما الكرسي فيبقى وسيلة وليس غاية في حد ذاته، غير أن الشاشة العملاقة المثبتة آخر الركح والتي تبث صورا "تقنية" لرسوم تحيل على ما يشبه الأعاصير أو الطوفان أو التسونامي لم تؤدّ دورا وظيفيا تاما بل بدت مسقطة وفي بعض الأحيان كسرت رمزية السواد الذي غرق فيه الركح... المسرحية، إلى جانب استدعاء الواقع في محاولة من الركح لمسائلته (اغتيال الشهيد شكري بالعيد وصرخة المناضل المحامي الناصر العويني ليلة 14 جانفي...) وظفت جملة من المعطيات الراهنة كتلك المتعلقة بما يسمى "الجهاد" في سوريا ولم تسهو عن "نقد" انخراط عدد من "الصحفيين" والمنابر الإعلامية في امتهان تجارة المعلومة والخبر تماما كتجارة الدين... وكانت حركة المكنسة في يد "حياة" خير وسيلة في وجه إعلام وخطاب لم يتحرر من سلطة رأس المال... رأس المال الذي لا دين له... الحركة صوتية بامتياز في تسونامي فاميليا، نصوص شعرية وسياسية ورسائل على جدران البلاد وفي ذاكرة شخوص المسرحية محفورة، خطاب بدا موحّدا في النشيد الوطني ثم عاش سكيزوفرينيا التشظي ليصير الصوت صوتان... تسونامي هزّ الجميع بمنطقين وخطابين مختلفين حدّ الدم، أحدهما نطق باسم الله ثم اغتال وفجّر وشرّد... وآخر صدح من حلق "حياة" باسم الحب والعدالة والحرية والمساواة... النشيد نشيدان وتلك هي المسألة في اختزال ركحي لجوهر الصراع تمنينا أن لا يعتريه الإسهاب والتداعي الذي شاب النص المسرحي في لحظات ومشاهد كثيرة. الركح الذي استوعب حراك البلاد منذ سنتين وجال به في تاريخها القديم والحديث في محاولة للفهم، عاج وماج اهتزازات منذ المشهد الثاني بالسقوط المدوّي والمتكرّر للمثلين على مدى العرض، سقوط صدم الجمهور في أحيان كثيرة ولكن تبين أن الجعايبي قد جعل منه إيقاع العمل ككل في محاولة لاستدعاء واقع السقوط والتعثر الذي تعيشه تونس والمنطقة وفي محاولة لاستنهاض ذاكرة البلاد وشعبها نحو المد العالي... "تسونامي" الفاضل الجعايبي وجليلة بكار قد تكون رهينة زمنها إلى حد كبير، أو إن شئنا لعلّها "مسرحية مؤقتة" يرمي من ورائها أصحابها إلى تسجيل موقف للتاريخ في راهنه استعارا له من أدونيس عنوانه العام "الثابت والمتحول"، مسرحية قد تُنسف "تنبؤاتها الثابتة" (15 أفريل 2015) بفعل الحراك الشعبي والمد الثوري، أو بجناحي طائر "الحبارى" الذي حلّقت معه الشخوص (الجدة والحفيدة، في إشارة لتواصل الأجيال) في نهاية المسرحية في استحضار لكل ما من شأنه أن ينقذ تونس من مستنقع السواد، وبفعل ورشة الأمل المشحونة بكلمة "لا" أجابها الصوت الأنثوي على مدارج قرطاج بالزغاريد ليؤكد مرة أخرى أن نساء تونس هن طائر الحبارى المنقذة لهذا البلد... وهن الشوكة الحادة في حلق المتطاولين على تاريخ تونس من سلفيين وإسلامويين... ودعاة موت... فالصراع الأصلي في المسرحية لا يمكن اختزاله في صراع الحداثيين ضد الإسلاميين بل هو صراع حياة... صراع الفن... هو صراع من أجل تحسين شروط الوجود بعيدا عن ثقافة القبور... صراع يدربنا "لنذهب معا في طريقين مختلفتين..." مثلما قال محمود درويش.

2013/07/11

"التونسية"، "الحوار التونسي" وجمرة الإعلام الحر

رغم كل العراقيل والصعوبات التي مرت بها قناة "التونسية" أثبت الفريق العامل بها عن جدارة أن "الفشل" ليس تونسيا وأن الطموح الجامح يظل البوصلة الحقيقية لإفتكاك موقع متقدم في مجال متحرك اسمه "الإعلام"... فقناة "التونسية"، وبغض النظر عن الغموض الذي يكتنف مالكيها، وهو غموض ضاعفته ممارسات الحكومة المؤقتة المترددة بين الحسم مع "بقايا النظام السابق" من جهة، أو اقتناص ما يمكنها من تنازلات لصالح استمرارها في الحكم من جهة ثانية، قناة التونسية هي بالأخير مؤسسة إعلامية تشغل عشرات بل مئات التقنيين والصحفيين والإداريين وتؤمن لعائلاتهم مورد رزقهم، إلى جانب أنها قناة افتكت المراتب الأولى عن جدارة، وما جدارتها إلا من ارتفاع منسوب النقد المطلوب من الإعلام التونسي، وربما - أو هو كذلك - تعود كل محاولات "الهيمنة" ووضع اليد على هذه القناة بل ومحاولة تدميرها ونسفها، بدءا من قرار غلق استوديوهات شركة "كاكتوس" في أفريل 2011 مرورا بمداهمة أعوان الديوانة لمقر الشركة في منتصف رمضان الفارط، ومحاولات إثناء المستشهرين عن التعامل مع القناة، حتى بلغ الأمر بصاحب شركة "كاكتوس"، المنتج سامي الفهري، إلى تقديم نفسه للعدالة والتضحية بحياته الشخصية في سبيل إنجاح مشروعه الإعلامي... ومنذ نهاية شهر رمضان الفارط يقبع سامي الفهري وراء القضبان دون أن نفهم إلى الآن الوضع القانوني، ولا حتى الأخلاقي، لهذا "الإعلامي السجين" (في الوقت الذي تم فيه الإفراج عن عبد العزيز بن ضياء وعبد الله القلال ومحمد الغرياني)... أمام كل هذه العراقيل وغيرها، كالدعوات المتكررة، خاصة من طرف قيادات حركة النهضة لمقاطعة برامج القناة وتهجمهم على المنشطين، رغم كل ذلك صمدت التونسية واستبسل العاملون بها في الدفاع عن مؤسستهم وعن خطهم التحريري، بل إن الإصرار كان يتضاعف كلما زاد الضغط وكلما تكررت محاولات تقزيم القناة... وهاهم بنات وأبناء قناة التونسية يستفيقون مجددا على وقع "تجن" جديد يسعى إلى طعنهم وتنكيد فرحتهم بتضاعف حب المشاهدين لهم من خلال برمجتهم الرمضانية، بعد أن أقدم سليم الرياحي (صاحب نظرية "اللي ماعندوش ما يلزموش") على قطع البث نهائيا على قناة التونسية بحجة امتلاكه لترددات البث... وبغض النظر عن الجانب القانوني أو المالي، أعتقد أن السيد سليم الرياحي وكل الأطراف الساعية لعرقلة قناة التونسية، وغيرها من المنابر الإعلامية الحرة والمتحررة، اعتقد أنهم لم يستوعبوا بعدُ أن شراء حب الناس، سواء بالأموال أو عنوة وغصبا، هي وسيلة لا تدل إما عن غباء مفرط أو عن عقلية استبدادية... إن قناة التونسية لم تكن الوحيدة المستهدفة بشكل واضح وجلي، بل إن القطاع الإعلامي التونسي برمته من صحافة مكتوبة وقنوات تلفزية ومحطات إذاعية ومواقع الكترونية، كانت، ولا تزال، عرضة للانتهاكات اليومية من طرف الائتلاف الحاكم والبعض من أصحاب المال الباحثين عن مواقع جديدة، ولم ينجُ من براثن الاستبداد الجديد إلا "المنابر" التي استمرأت التهليل والتطبيل... "بفضل" تلكؤ الائتلاف الحاكم في تشكيل الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري وعدم جدية مختلف الأطراف في فتح ملف الإعلام بشكل جدي ومراجعة منظومة القوانين المنظمة للقطاع... وقبل هذا وذاك تعطيل كامل للعدالة الانتقالية واطارها التشريعي... قناة التونسية وجدت في محنتها الجديدة يد العون ووقفة شجاعة من الإعلامي الطاهر بن حسين صاحب قناة "الحوار التونسي"، حيث سخر ترددات قناته لبرامج قناة التونسية خدمة لحرية الإعلام، وهي حركة قد لا نجد لها إلا تعبيرا واحدا مختزلا في ذاك المثل الشعبي القائل "ما يحس بالجمرة كان اللي عافس عليها" ذلك أن قناة الحوار التونسي تعاني هي الأخرى من شتى صنوف التضييق والمحاصرة من قيادات الائتلاف الحاكم الذين لم يجدوا ملاذا أيام الجمر سوى استوديوهات الطاهر بن حسين... وأولهم المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت...

من "تمرد" إلى "خنقتونا": جموح الشباب بين احتقار الترويكا وقبضة المعارضات؟

صارت "صكوك الغفران" و"مفاتيح الجنة" بديلا عن عقود الانتداب وإدماج الشباب المعطل عن العمل "التوافق والشراكة" التي تتحدث عنهما أحزاب الائتلاف الحاكم ليست إلا "واجهة هشة" لصراعات عميقة مخفية منابر إعلامية "موالية" تبعث رسائل "تحذير" و"تهديد" للشباب التونسي من مغبة تكرار السيناريو المصري أي مصير للشباب المتمرد بين السقف المرتفع لبعض الأحزاب السياسية من جهة، والسقف المنخفض لأحزاب وتشكيلات سياسية أخرى، وبين الاستخفاف المهين من طرف الائتلاف الحاكم؟ ناجي الخشناوي أكد علم الاجتماع السياسي أن ما حدث في تونس هو ثورة للشباب في "السنة الدولية للشباب" ولكن، وبعد أن كانت الوقود المحرك لإسقاط النظام السابق والتسريع بهروب رؤوسه يوم 14 جانفي 2010، وبعد أن "انتظمت" الفئات الشبابية في مجالس حماية الثورة لتأمين استمرارية الحياة والذود عن الممتلكات العامة والخاصة، وبعد أن كانوا قوة انتخابية هامة يوم 23 أكتوبر 2011، ظل الشباب التونسي ينتظر ثمار "المسار الثوري" بعد أن "انتصب" المجلس الوطني التأسيسي لكتابة الدستور الجديد، وبعد أن تم تشكيل أكثر من حكومة مؤقتة لتصريف أعمال الدولة... انتظر الشباب التونسي وصبر طيلة سنتين على تعثر الحكومة وتلكؤ المجلس الوطني التأسيسي وتشتت القوى الديمقراطية وانغماس منظمات المجتمع المدني ولامبالاة المستثمرين... وبعد أن استفحلت "أزمة الثقة" بين الشباب الثوري والائتلاف الحاكم المنقض على الحكم... بعد سنتين يجد الجزء الأكبر من الشباب التونسي نفسه في مواجهة مصيره من جديد بأشكال نضالية جديدة مستلهما في جانب منها ما "خطط" له الشباب المصري... من عقود الانتداب إلى "صكوك الغفران": الفئة الشبابية لم تخلو، على غرار الطبقة السياسية، من الانقسام والتشتت، فبعد أن كانت القوى الشبابية متحدة طيلة المخاض الثوري تحت شعار "ديقاج" لإسقاط الحكومة، أصيبت هذه القوة بفيروس التقسيم، فخرجت علينا فئة لا بأس بها من الشباب تعتبر أن ما حصل في تونس صحوة إسلامية لا بد أن يتم تتويجها بإرساء دولة الخلافة، وتابعنا "جحافل" الشباب التونسي يتجه نحو "الجهاد" في سوريا وفئة منهم مكثت في تونس لتجاهد "العلمانيين الكفار" بعد أن انحصرت مهمة السياسيين في البحث عن "الهوية التونسية" وتنادت الأصوات من تحت قبة المجلس تطلب اعتماد الشريعة بدلا عن دستور يضمن حق كل مواطنة ومواطن تونسي في الشغل والحياة الكريمة والحرية (شعارات الثورة الحقيقية) ولتصير "صكوك الغفران" و"مفاتيح الجنة" بديلا عن عقود الانتداب وإدماج الشباب المعطل عن العمل... لتظل الفئة الأوسع من الشباب التونسي تعاني البطالة والتهميش والتغييب عن المشاركة في اخذ القرار... وحتى بعث "صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل" أو ما يعرف بصندوق البطالة ظل مجرد وعد وهمي وورقة انتخابية، ووحده ظل الاتحاد العام التونسي للشغل الطرف الوحيد المتمسك بضرورة بعث هذا الصندوق. لغة الأرقام أبلغ... أظهر استطلاع ميداني للرأي أنجزه المرصد الوطني للشباب بالشراكة مع منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية شمل 2438 شابة وشاب تراوحت أعمارهم بين 18 و35 سنة وتم اختيارهم حسب متغيرات الوسط والجنس والفئة العمرية والمستوى التعليمي، أظهر أن 65.1 بالمائة من المستجوبين يعتبرون أن أهداف الثورة لا تتحقق في أي ميدان مقابل 1.2 فقط ممن يعتبرون أن أهداف الثورة تحققت... وهذا الاستطلاع الميداني يعصف حتما بكل الشطحات الإيديولوجية والخطابات السياسوية التي باتت منذ يوم 15 جانفي 2010 الخبز اليومي لمحترفي السياسة... وبلغة الأرقام أيضا كشفت عدة إحصائيات أن أكثر من 2000 من شباب تونس "يجاهدون" في سوريا وأن 40 ألف شاب "هاجروا سرا" بعد الثورة إلى وجهات مختلفة، كما أن 53 % من حالات الانتحار حرقا ضحاياها من الشباب... من تمرد المصرية إلى تمرد التونسية: أحداث كثيرة تتالت في السنتين الماضيتين من "الرش" في سليانة إلى اغتيال الشهيد الوطني شكري بالعيد، وما بينهما لعلع رصاص الارهابيين على صدور العسكريين ولم يسلم منه حتى الخرفان... أحداث أججت الشعور بالقهر و"الحقرة" والاستهانة بالشعب التونسي وخاصة بالشباب الذي تعاظم شعوره بأن ثورته قد سُرقت منه وغدر بهم السياسيون... أحداث وطنية تشابهت إلى حد كبير مع المسار المتعثر في مصر ومحاولات الالتفاف على الثورة المصرية من طرف "الإخوان المسلمين" مما دفع بجموع الشباب المصري إلى التنظم في حركة مدنية سلمية أطلقوا عليها اسم "تمرد" وفاق عدد الموقعين على وثيقة التمرد 20 مليون شخص نجحت في عزل الرئيس السابق محمد مرسي رغم تدخل الجيش بعد مهلة زمنية... هذه الحركة كان لها انعكاس ايجابي لدى فئة من الشباب التونسي التي حاولت "محاكاة" المصريين في حراكهم الثوري علهم يعيدون أهداف ثورتهم إلى طريقها الأسلم، فبعد الإعلان الرسمي لحركة تمرد التونسية يوم 3 جويلية الجاري عن جمع مئات الآلاف من التوقيعات المساندة للحركة، وفي تصريح إذاعي، أكد الناطق الرسمي باسم حركة "تمرد" هيثم العوني منذ يومين، أن عدد الموقعين سيفوق المليون توقيع خاصة بعد الإقبال الكبير للمواطنين على التوقيع على وثيقة سحب الثقة من المجلس الوطني التأسيسي. وحركة تمرد التونسية، مثلما يعرفها مؤسسوها، هي "الحركة مدنية شعبية وسلمية ومستقلة عن كل الأحزاب السياسية وهي مستوحاة من تمرد المصرية، والهدف منها تصحيح وتطهير الثورة التي سرقتها الأحزاب المتواطئة وأحزاب الائتلاف الحاكم وسحب الثقة من المجلس التأسيسي والسلط المنبثقة عنه". وتوازيا مع مواصلة جمع التوقيعات يجري الإعداد لحراك شعبي على الميدان سينطلق من المناطق الفقيرة والمهمشة باتجاه المدن المركزية، في إطار ما أسمته الحركة "خارطة طريق للتحرك الشعبي والميداني". كما تم الإعلان مؤخرا عن إطلاق حملة ثانية تحت اسم "خنقتونا"، وهي حملة تتبناها مجموعة من الشباب بمختلف انتماءاتهم السياسية إلى جانب عدد من المنظمات والجمعيات على غرار اتحاد أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل والاتحاد العام لطلبة تونس إضافة إلى فنانين ومسرحيين ومثقفين إلى جانب مجموعتي "عصيان" و"زواولة"... وحركة "خنقتونا" تهدف إلى تجميع كل القوى الثورية والشبابية للعمل على تصحيح المسار الثوري، ولا تختلف في جوهرها عن مطالب حركة تمرد التونسية، خاصة مطلب سحب الثقة من المجلس التأسيسي والسلط المنبثقة عنه... بوادر التمرد وسياسة الاحتواء الرد السياسي لحركة تمرد التونسية جاء سريعا، فبعد يومين فقط من عقد الشباب لندوتهم الصحفية كان لراشد الغنوشي زعيم حركة النهضة تصريح مباشر حيث قال "ان ما يحدث في مصر لا يمكن أن يتكرر في تونس بمفعول اختلاف الزمان والمكان، وان الاعتقاد في حركة تمرد تونسية وهم، وجزء من أحلام اليقظة" وهذا تصريح كاف لمعرفة مدى استهتار الائتلاف الحاكم بأحلام الشباب التونسي ونيته في احتوائها وتطويقها بدلا من فهمها والإسراع بوضع "خطة ثورية حقيقية" تنسجم مع طموح الشباب وتحقق له مطالبه... وفي نفس السياق استبعد رئيس الحكومة المؤقتة علي العريض انتقال "العدوى الثورية" من مصر إلى تونس باعتبار أن "الوضع في تونس يتسم بالتوافق والشراكة"، واعتبر المستشار السياسي للحكومة المؤقتة نور الدين البحيري أن الدعوات إلى حل المجلس التأسيسي تفتح الباب أمام "الفوضى والفراغ السياسي في البلاد" وأن شرعية المجلس "لا تنتهي إلا بانتخابات قادمة" (انتخابات في علم الغيب)... وربما في هذا السياق تتنزل مبادرة مستشار وزير الخارجية السابق منار الاسكندراني الذي ينوي إطلاق مبادرة وطنية تجمع اكبر عدد من الفرقاء السياسيين بعد شهر أوت، غير أنها مبادرة لا تخلو من الانفراد بالرأي وإقصاء جزء كبير من الشعب التونسي، ففي تصريح صحفي للعضو السابق بحركة النهضة منار الاسكندراني، استعمل نون الجماعة حيث قال "التزامنا بالتوافق الوطني وتجميع التونسيين على مبدإ خدمة تونس شعبا ودولة والتفافنا حول شرعيتنا المنجزة على أساسي التوافق والانتخاب يقتضي اجتماع أبناء تونس كلهم من اجل حاضر يعد لمستقبل نريده كلنا أفضل" كما أن "التوافق والشراكة" التي يتحدث عنهما رئيس الحكومة المؤقتة ما تزال إلى اليوم "واجهة هشة" لصراعات عميقة مخفية بين القوى الاجتماعية والمدنية من جهة، والائتلاف الحاكم من جهة أخرى وفي مقدمته حركة النهضة... خاصة أن مسألة استئناف الحوار الوطني التي اقترحها الاتحاد العام التونسي للشغل ضمن مبادرة وطنية، أصبحت غير واضحة المعالم بعد أكثر من ثلاثة أشهر من التعطيل والمماطلة وتباين المواقف حول النقاط المطروحة على طاولة الحوار لعل أهمها حل رابطات حماية الثورة وأيضا الموقف مما حصل في مصر هل هو انقلاب عسكري أم ثورة ثانية؟، رغم أن الاتحاد العام التونسي للشغل عبر في بيانه حول التطورات المصرية عن تمسكه بالحوار وضرورة التوافق الوطني لتأمين الانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة لتونسية في الحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية والشغل... كما أن "سحب" لجنة التوافقات بالمجلس الوطني التأسيسي البساط عن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل لاستئناف الحوار الوطني لا تؤكد إلا عن "الواجهة الهشة" والمكابرة المفرطة من الأغلبية النيابية والائتلاف الحاكم لتعطيل الحوار ربحا للوقت... ومثلما اعتبر "الإخوان المسلمون" في مصر حركة تمرد "لعب شوية عيال"، اعتبر رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر أن حركة تمرد التونسية لا تعدو أن تكون "أعمالا صبيانية" و"ظواهر إعلامية" وهو يشعر "بالاستياء" من الدعوات الرامية إلى ضرب "الشرعية"، وبشكل مغرق في الإسفاف والعنجهية المفرطة قالت سهام بادي "الوزيرة" اليتيمة في الحكومة المؤقتة، قالت عن حركة تمرد "انشاء الله يتمرمدوا"... هذه المواقف وغيرها تطرح أكثر من سؤال حقيقي حول مدى استيعاب الائتلاف الحاكم لطبيعة وجوده في السلطة من جهة وأيضا لمدى تشابهه مع أساليب النظام السابق في قمعها للشباب المنتفض والتضييق عليه وعلى أحلامه حد الاختناق الذي بلغ الانفجار يوم 14 جانفي... "الإعلام الرسمي" والموالي: تجاهل حد الاستخفاف اكتفى الإعلام الرسمي بتقديم "خبر عابر" حول الندوة الصحفية التي عقدها شباب حركة تمرد التونسية، ولم تطرح القنوات التلفزية والمحطات الإذاعية متابعة إعلامية تشرح فيها أسباب هذه الحركة وحظوظ نجاحها من عدمه، بل إن عددا من المنابر الإعلامية ذات الخلفية الدينية مازالت إلى اليوم تبث صورا من ميدان "رابعة العدوية" فقط وتصف ما حصل في مصر بالانقلاب العسكري مرسلة بذلك رسائل "تحذير" و"تهديد" للشباب التونسي من مغبة تكرار السيناريو المصري... وبالمثل ما زالت تنشر عديد الصحف الموالية لأحزاب الائتلاف الحاكم "المقالات" الحاطة من قيمة شباب حركة تمرد التونسية باعتبارهم يفتقدون إلى الحنكة السياسية ومحدودي التكوين الفكري وتعوزهم الخبرة والتجربة وهم عرضة إلى "انتهازية السياسيين" للاستحواذ على أحلامهم... (وكأن هذه الصحف وهذه القنوات تناست أن من أسقط النظام السابق هو نفس الشباب المتمرد اليوم)... "معارضات" تفتح أحضانها للمتمردين الفورة الشبابية التي لم تكن وليدة ما حدث في مصر فقط بل للمعطيات التي ذكرناها ولغيرها من المؤشرات السلبية، يبدو أنها وجدت صدى ايجابيا لدى جزء واسع من الأحزاب السياسية والتكتلات الحزبية، بل إن هناك تقاطعات جوهرية بن أهم مطالب حركة تمرد الشبابية ومكونات الجبهة الشعبية مثلا، فمطلب تشكيل حكومة إنقاذ وطني وحل المجلس التأسيسي طرحته الجبهة الشعبية بُعيد اغتيال الشهيد الوطني شكري بالعيد بأيام قليلة، كما أن حركة نداء تونس نظمت وقفات احتجاجية يوم 23 أكتوبر الفارطة للمطالبة بإنهاء الشرعية، وهو أيضا من بين المطالب التي تطرحها حركة تمرد التونسية ومعها حركة "خنقتونا" وحركة "فدينا" وكذلك حركة "حقرونا"... وما يُحسب للتنظيمات المدنية والسياسية التي فاقت العشرين، والمجتمعة يوم الثلاثاء 9 جويلية، أنها لم تتجاهل مطالب الشباب ولم تحتقر أحلامهم (مثلما فعل الائتلاف الحاكم) بل إن الاجتماع الأخير حضره مشاركون عن حركة تمرد التونسية وحركة حقرونا، واعتبر المشاركون في الاجتماع الذي ترأسه حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، اعتبر المشاركون أن المجلس التأسيسي أصبح مشكلا ولم يعد هو الحل، واتفقت مجمل الأطراف على عقد مؤتمر إنقاذ وطني وضرورة إنهاء الفترة الحالية، وكان الشعار المركزي لكل الأطراف الحاضرة، الطابع السلمي والمدني للتحركات النضالية... جموح الشباب وقبضة السياسيين... بين السقف المرتفع لمطالب بعض الأحزاب السياسية من جهة، والسقف المنخفض لأحزاب وتشكيلات سياسية أخرى، وبين الاستخفاف المهين من طرف الائتلاف الحاكم لأحلام الشباب التونسي، أو الجزء الأكبر منه على الأقل، يبدو أن حركة التمرد التونسية، بمختلف تمظهراتها من تمرد إلى خنقتونا وفدينا وحقرونا وعصيان وزواولة، يبدو أن مصيرها يتوقف على مدى انسجام القوى الشبابية فيما بينها من جهة وعلى مدى قدرتهم على التعبئة والتنظم والتنظيم المحكم لإنجاح تحركاتهم الميدانية، ويتوقف أيضا على مدى انخراط المواطن التونسي في الدفاع عن مطالب ثورته الحقيقية (شغل - حرية - كرامة وطنية)، كما يتوقف على مدى جدية النخب السياسية والمدنية في التفكير في تقارب جدي وواضح حول "الشباب المتمرد" بعيدا عن محاولات استثمارها وتوظيفها فيما بعد وقودا للانتخابات القادمة... هذا "الموعد الهلامي"...

2013/07/04

"العيال كبرت"... يا مصر

لم تهدأ القنوات الاخوانية المصرية والسعودية والقطرية بالخصوص، منذ اعتصام حركة تمرد بالميادين المصرية، وإلى أن أعلن عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة المصرية عن انتهاء حكم مرسي، لم تهدأ هذه القنوات عن شن هجومات كلامية مضادة للحركة التحررية، وانبرت اغلب المنابر الاخوانية تراوح خطابها الهزيل بين "شرعية مرسي" وضرورة "الجهاد" ضد كل المتظاهرين على اعتبار أنه في نظر الإخوان "لعب شوية عيال"، وضد مؤسستي الجيش والداخلية المصريتين (باعتبارهما من فلول النظام السابق حسب الإخوان)... وربما لذلك لا نستغرب أن يكون أول قرار بعد بيان إنهاء الشرعية الاخوانية هو قطع البث وغلق القنوات التحريضية (مصر 25 والحافظ والناس والرحمة والشباب) وهو إجراء استثنائي اتخذته وزارة الداخلية تجنبا لتأجيج الفتن بين المصريين وتحريضهم على الاقتتال من خلال وابل الفتاوي اللادينية الموجهة عبر هذه القنوات التي لا تمت بصلة للإعلام ولا تؤمن به سلطة رابعة شعارها إنارة الرأي العام لا الانحياز لفئة على حساب أخرى... كما أن هذه القنوات، وحسب الجيش المصري والداخلية المصرية، قد جهزت جملة من الأشرطة المصورة (فيديوهات) لأفراد من الإخوان وأتباعهم مرتدين ملابس عسكرية ليعلنوا انشقاقهم عن الجيش لصالح مرسي وجماعته لإيهام الناس أن الجيش منشق... ويدخلون بالتالي في حرب أهلية... وهذا القرار، أعتبره شخصيا قرارا ثوريا ولا يضرب حرية الإعلام مثلما يتم الترويج إلى ذلك من المنابر الاخوانية الأخرى التي تتناسى خطاب التهديد الذي أرسلته وزارة الاستثمار الاخوانية أسبوعا واحدا قبل انطلاق حملة تمرد إلى ما تسميه القنوات التلفزية العلمانية، حيث هددتها إن هي تعرضت إلى نقد الرئيس المخلوع مرسي أو جماعة الإخوان المسلمين، وهو نفس خطاب التهديد الذي وجهه مرسي للإعلاميين... وعلى عكس السلمية التي حرصت عليها حركة تمرد والانفجار الجماهيري الشعبي المحتفل بنجاح إرادته في تقرير مصيره، وفي الوقت الذي ترفرف فيه الإعلام المصرية بين أيادي المنادين برحيل مرسي، شاهدنا صدى خطاب الاخوانيين التلفزي في "مغارة الدم" تلك التي كانت مخفية خلف جدران المقر العام لمرشد الإخوان حيث تراصت قوارير المولوتوف والهراوات والخراطيش التي قتلت عددا من المتظاهرين وأصابت المئات منهم... وله الصدى أيضا في الأسلحة و"الصواريخ" المتحركة على الحدود المصرية... وفي المجموعات المسلحة التي تتحرك مثل الفيالق العسكرية ضاربة عرض الحائط قوانين البلد وأجهزته الأمنية... في الوقت الذي تتوالى فيه الأخبار عن هروب القيادات الاخوانية نحو وجهات خارج مصر... إن المشهد المصري المنفجر لا يختلف كثيرا عن المشهد التونسي، فكل المؤشرات تؤكد أن الانفجار وارد وقائم الذات، خاصة أمام تعثر الحوار في كل مرة وتعنت أصحاب "الأغلبية" وإصرارهم على كسر عنق المسار الديمقراطي المفترض، ونفس الأدوات التي شاهدناها في مصر نشاهدها في تونس من القنوات التحريضية والمساجد المحتلة والعنف المنظم في تشكيلات جمعوية إلى جانب طبعا تعثر كتابة الدستور ومحاولات تمرير نص فئوي حزبي لا يؤسس لدولة مدنية ذات أفق ديمقراطي، ويظل في الضفة المقابلة الفقر والتهميش والفساد ينخر الأغلبية المسحوقة و"يجثم" على صدور من اسقط نظام الديكتاتور السابق... ولعل التصريحات التي نتابعها من طرف بعض قياديي حركة النهضة اليوم، والملوحة بضرورة الحوار وبأن الوضع مختلف في مصر لا يمكن قراءتها إلا على أنها تصريحات استباقية وليست مبدئية، ومحاولة منها لاحتواء المتمردين التونسيين الذين أمهلوا نواب المجلس التأسيسي الكثير من الوقت وصبروا كثيرا على شطحات الحكومات المؤقتة المتعاقبة على الوجع التونسي... ذاك الوجع الذي تضاعف يوم اغتيل الشهيد الوطني شكري بالعيد... لكن الثابت والمؤكد أن ما نعيشه اليوم في تونس بين خطابات التسويف من جهة والتهديد من جهة ثانية، والممارسة الحكومية المغرقة في الليبرالية من جهة والثيوقراطية من جهة ثانية، لا يدل إلا عن تشابك خفي بين القوى الحاكمة وعدد من القوى "المعارضة" بتوجيه محكمة من الدوائر الخارجية لقبر المسار الثوري ووأد أحلام الشباب التونسي... إن ما حصل في مصر هو "ثورة الثورة" كتلك التي حدثت في فرنسا وفي روسيا وفي عدة بلدان من أمريكا اللاتينية، وليست "ثورة على الثورة" و"انقلاب على الشرعية" مثلما روج له إخوان مصر ويروج له اليوم إخوان تونس... وما حصل في مصر وسيحصل حتما في تونس هو استكمال الثورة حتى يتحقق المبدأ الحقيقي لها وهو حكم الثوريين لأنفسهم، لا أن يسطو عليها القادمون على أجنحة الطائرات من لندن وباريس وبروكسال والدوحة... ومثلما لا تصنع زهرة واحدة الربيع، فأن ثورة مصر الجديدة لا بد لها من ثورات متتالية لتتأكد فعلا كلمة الربيع العربي... ومثلما اخترع التونسيون كلمة "ديقاج" في وجه النظام المخلوع سيتجرؤون على الحلم وسيخترعون حتما شكلا نضاليا جديدا لتصحيح مسار ثورتهم...