بحث هذه المدونة الإلكترونية

2012/09/24

حوار مع المناضل النقابي عدنان الحاجي:

السلطة واهمة إذا ما صدّقت أنها نجحت في إخماد الاحتجاجات الاجتماعية ناجي الخشناوي في ضيافتنا هذا الأسبوع المناضل النقابي عدنان الحاجي الذي عرف بنضالية أوصلته في سنوات الجمر إلى السجون لكنه لم يسكت ولم تبحّ له حنجرة ولا يمكن أن نتصور أنّ يصمت خاصة عند المحطات السياسية والاجتماعية الكبرى... دعوناه ضيفا في جريدتنا هذا الأسبوع ليطلع القراء على الوضع بالمناجم حيث لم يكن متفائلا إذ أكد أن شركة فسفاط قفصة ستمرّ سنة 2014 بعجز عن تصدير الفسفاط وقال إن السلطة الحاكمة واهمة إذا ما صدقت أنها نجحت في إخماد الاحتجاجات الاجتماعية.. بدا متشائما عندما قال قد يكون يوم 23 أكتوبر شبيها بيوم 14 جانفي 2011. عدنان كان لابد أن يتحدّث عن الاتحاد وعن مبادرته ولم يخجله القول إنها جاءت متأخرة وقال مازال بإمكان الاتحاد أن يلعب دوره. لنبدأ هذا الحوار من النتائج النهائية للانتدابات بشركة فسفاط قفصة؟ ـ النتائج النهائية لمناظرة انتداب عمال بشركة فسفاط قفصة اعتقد أنها نجحت في خلق حالة من الارتخاء واليأس في نفوس المعطلين عن العمل بالمنطقة باعتبار أنها المرة الثالثة التي تصدر فيها هذه النتائج ثم تقع مراجعتها. يبقى الأمر المهمّ هو أن المقاييس التي وقع على أساسها الانتداب لم يقع الاتفاق عليها مع ممثلي جهة الحوض المنجمي من نقابات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية ولذلك بقيت هذه المقاييس غامضة وغير مفهومة إلى حد الساعة وفيها الكثير من الحيف والظلم الذي لحق بعض المعطلين ممن شاركوا في هذه المناظرة. القضية ليست في عدد الانتدابات بل في أسس الانتداب التي تفتقد إلى شروط الشفافية والموضوعية وأعتقد أن القضية في الحوض المنجمي في علاقة بهذا المطلب تحديدا تتجاوز هذه المسألة إلى عديد الإشكالات والتي تتطلب حلاً مستعجلاً، بصورة أوضح تمّ اختزال قضايا منطقة الحوض المنجمي في انتداب بضع مئات من المعطلين في شركة قفصة بينما كانت اتفاقاتنا الأولى مع الرئيس المدير العام لشركة فسفاط قفصة منذ ماي 2011 تنصّ على توفير كل مقومات الحلول الجذرية للمنطقة غير أن هذه الحكومة تراجعت وتنصلت من هذه الالتزامات. هل نذكّر القراء بأهم مطالب أبناء الحوض المنجمي؟ ـ أريد أن أوضح أن مطالبنا ليست متعلقة بالتنمية الشاملة والمستديمة لأننا نعلم أن التنمية الشاملة تتطلب عقودًا من الزمن وحوارًا وطنيّا جادًا، ولكن ما أريد أن أشير إليه هو تلك المطالب الخصوصية للحوض المنجمي وفي اعتقادنا أن تحقيق هذه المطالب سيوفرّ بالضرورة الاستقرار والأمن وللتذكير هذه المطالب يمكن إجمالها في ما يلي: شركة فسفاط قفصة لابد من تأهيلها وتجديد أسطولها وأدوات عملها والعمل على زيادة طاقة إنتاجها من أجل توفير مواطن شغل أكثر لاستيعاب اكبر عدد من المعطلين لأن نسبة الانتدابات الحالية هو ليس زيادة في عدد العمال بل هو تعويض لنسبة من عدد العمال الذين تم تسريحهم في إطار التقاعد لمدة خمس سنوات 2011 إلى 2015. وبالتالي سنجد أنفسنا في المستقبل المنظور نعود إلى نفس النقطة والأزمة، وعندما نطالب بتأهيل الشركة فهذا بالرجوع إلى الإحصائيات والأرقام بشركة قفصة التي ستجعلها سنة 2014 عاجزة عن تصدير مادة الفسفاط. أيضا تفعيل دور الشركة في محيطها أي أن الشركة تتحمّل مسؤولية أخلاقية وقانونية عن التلوث البيئي واهتراء البنية الأساسية وتدني الوضع الصحي للأهالي لذلك نرى لزامًا على هذه الشركة أن تساهم ماديا في إصلاح هذه الأوضاع. كذلك تتحمل الشركة مسؤولية أخلاقية إزاء عائلات ضحايا الشغل ممّن تعرضوا إلى حوادث خطيرة نجمت عنها إعاقات دائمة وعليها أن تكافئ عائلات هؤلاء الضحايا بانتداب شخص على الأقل من كل عائلة. أيضا تتحمل الشركة مسؤولية المتقاعدين الذين سُرّحوا قبل سنة 1986 والذين تراوحت مدة عملهم بين 30 و40 سنة ومازالوا إلى اليوم يتقاضون أجورًا أقل من الأجر الأدنى الصناعي أو الذين أحيلوا على عدم المباشرة في 1986 إلى سنة 2000 والذين تعرضوا إلى مظالم كبيرة في احتساب أجورهم وهم إلى اليوم يطالبون بحقوقهم ونذكر بان هذه الاتفاقية أبرمت بين الشركة و«الشرفاء» سنة 1986 بعد ضرب القيادة الشرعية للاتحاد العام التونسي للشغل. أيضا بالنسبة إلى الفلاحين الذين تضرّرت أراضيهم جراء نشاطات الشركة والمعمل الكيمياوي بالمظيلة نرى أنّه لزامًا على الشركة تعويض هذه الأضرار. وأخيرا نحن نطالب بتخصيص نسبة من أرباح الشركة للتنمية بالمنطقة وهذا ما التزمت به فعلاً إدارة شركة قفصة وأقرّه مجلس إدارتها وذلك بتخصيص 400 مليار دفعة واحدة بعنوان 2006 / 2011 لإنجاز بعض المشاريع بالمنطقة على سبيل المثال إحداث بنك تجاري لتمويل المشاريع الصغرى وقد أنجزت دراسته ورصدت له الأموال وكذلك تهيئة 10 مناطق سقوية بمنطقة الحوض المنجمي وانجاز معمل اسمنت بمنطقة «تابديت» التابعة للرديف وغيرها إلا أن الحكومة الحالة تنكرت لهذا الاتفاق ونذكر على سبيل المثال أن نَصيب الرديف لوحدها في هذا الاتفاق توفير ألف (1000) موطن شغل مباشرة مقسمة كالآتي: 454 انتداب بالشركة و200 بشركة البيئة والغراسة و300 بمعمل الاسمنت المزعوم و46 انتداب من عائلات ضحايا الشغل وعليه قبلنا هذا الاتفاق وأمام تراجع الحكومة لم نحصل إلا على الانتدابات بالشركة فقط، ولو نُفِّذ هذا الاتفاق لحلّ المشكل من أساسه ومن بين المطالب الرئيسية هو الاعتراف بجميع حقوق عائلات الشهداء والجرحى واعتبارهم ضمن شهداء الثورة وتمكينهم من فرص العمل. في حوار سابق أدلى لنا وزير الشؤون الاجتماعية خليل الزاوية بتصريح مفاده أن يوم 31 ديسمبر سينطلق العمل الفعلي لشركات البيئة فهل هناك من المؤشرات ما يدل على الشروع في هذه الخطوة؟ ـ أوّلا لابد من الإشارة إلى أنّه ومنذ تأسيس شركات البيئة على أنقاض شركات المناولة سابقا وعمّالها يتقاضون أجورًا من أموال المجموعة العمومية دون انجاز أي عمل يُذكر وعددهم كان في البداية 2700 عامل أي بجملة أجور شهريا بما قيمتها مليار ومائة مليون، والإشكال في كل هذا أن هؤلاء العمّال يطالبون بوضع الأسس القانونية لهذه الشركات وتوضيح العلاقة الشغلية بينهم وبين مشغلهم وهذا من حقهم طبعًا، وقد طالبنا الحكومة بالتعجيل في التفاوض في هذا الموضوع وصرف العمال إلى العمل إلا أنها بقيت تُماطل وهناك إشكال آخر يتمثل في تمثيلية العمال في التفاوض من خلال ما سمي بالنقابات المؤقتة ولا أعتقد أن المشكل القائم قد حُلًّ بمجرّد إبرام اتفاقية بزيادة 50 دينارا شهريا وبالتالي لا أعتقد أن الأمور ستهدأ داخل هذه الشركات، وأتساءل هنا عن مبرّر تحديد نهاية ديسمبر موعدًا لانطلاق العمل بهذه الشركات. هل يُنذر هذا الوضع بعودة الاحتجاجات الاجتماعية؟ ـ اعتقد أن الاحتجاجات لم تخمد وان كانت في الوقت الراهن هادئة فإن ذلك يعود إلى المؤسسات وغياب ممثلي السلطة في الجهة والاحتجاج حاليا كمن يصرخ في الصحراء واعتقد أن السلطة واهمة إذا ما صدّقت أنها نجحت في إنهاء الاحتجاجات الاجتماعية بالحوض المنجمي واعتقد أن اليوم في الحوض المنجمي أنه بمجرّد عودة هذه السلطة السياسية والأمنية ستعود الانتفاضة من جديد وهذا المشكل لابد للحكومة من التفكير فيه بجديّة وتحمل مسؤوليتها في معالجة جُذور القضايا بالمنطقة. ماذا تعني بغياب السلطة السياسية والأمنية؟ ـ حاليا في الرديف لا يوجد المعتمد ولا العُمد ولا النيابة الخصوصية ولا رجال الأمن ما عدا بعض العناصر أصيلي المعتمدية الذين يقومون بعمل إداري بَحْت، كذلك أم العرايس تفتقد إلى الأمن ونيابة خصوصية ممثلة لأن النيابة الحالية تم تنصيبها من قِبل حركة النهضة ودون توافق أما المتلوي فهي على كفّ عفريت. ثمّ إنّ الوالي منذ تنصيبه على رأس ولاية قفصة لم يحلّ أية مشكلة وقد دأب على التعامل مع عناصر حركة النهضة في الجهة فقط ويعمدُ إلى التسويف والوعود الكاذبة وهو في نظري غير قادر وليست له الكفاءة المطلوبة بإدارة جهة مثل ولاية قفصة ورغم انتمائه إلى حركة النهضة فلم يُعرف عنه خوض غمار السياسة أو المشاركة الفعالة في الحياة العامة طوال إقامته بالجهة. على ذكر حركة النهضة والسلطة السياسية، اليوم نحن على مقربة من انتهاء الشرعية الدستورية والانتخابية (23 أكتوبر) وهي المسألة التي قد تؤجّج الوضع من جديد، كيف ترون هذا التجاذب بين الأطراف السياسية وما مدى انعكاسه على الوضع العام؟ ـ مما لا شك فيه أن يوم 23 أكتوبر هو تاريخ مفصلي لانتهاء الشرعية الانتخابية المزعومة التي طالما تغنت بها حركة النهضة لتبرير سياستها وأحيل القراء على المرسوم الرئاسي الداعي الشعب التونسي إلى انتخاب مجلس وطني تأسيس مدّته سنة واحدة وكذلك إلى الالتزام الأخلاقي والسياسي لبعض الأحزاب منها حركة النهضة والتكتل الذين أمضوا بيان 15 سبتمبر 2011 والذي التزمت فيه الأطراف الممضية بان تكون مدة المجلس سنة لا أكثر، وإذا كانت حركة النهضة اليوم تتعلّل بان القانون المؤقت المنظم للسلطات قد جبّ ما قبله أي المرسوم والالتزام والبيان فإن هذا عذرٌ أقبح من ذنب إذ أنها تعمّدت منذ مناقشة القانون المؤقت الانقلاب على التزاماتها السياسية ولم تدافع عنها وهي الكتلة الأقوى في المجلس فيوم 23 أكتوبر سيكون منعرجًا خطيرًا في تاريخ ما بعد الثورة ولابد من التفكير جدّيا في إيجاد الحل المناسب من أجل تجنب الفراغ وأعتقد حسب رأيي أن الحل الوحيد يكمن في حل هذه الحكومة وتعيين حكومة تكنوقراط لتصريف شؤون البلاد مع تحديد موعد للانتخاب لا يزيد عن الستة أشهر والالتزام بذلك لأن يوم 23 أكتوبر قد يكون يومًا مشابها ليوم 14 جانفي إذا ما تواصل التعنّت. ولكن اليوم هناك تمشٍّ نحو تشكيل حكومة ائتلاف وطني؟ ـ من الآن والى توسيع الائتلاف الحاكم اعتبر أن المشاورات اليوم هي خطوة استباقية من حركة النهضة لسحب البساط من تحت أقدام المعارضة ولكن هذه المناورة لا يمكن لها أن تدرأ المقروء باعتبار أن انتهاء الشرعية الانتخابية لا تعني الحكومة فقط بل المجلس التأسيسي برمته الذي فشل في الالتزام بالمدة النيابية المحدّدة وعليه فان استمالة بعض الأطراف ومحاولة تشريكها في اقتسام غنيمة الحكم لا يمكن إلا أن يزيد في تأجيج الغضب وعزل كل من تسوّل له نفسه المشاركة في هذه اللعبة وأقصد بالتحديد حركة نداء تونس التي ربما وحسب تصريحات قياداتها قد تتحول من منافس حقيقي وجدّي لحركة النهضة إلى شريك فعلي ومتآمر على الشعب إذا قبل بالمشاركة في ما يسمى بحكومة الائتلاف الوطني. ففي ظلّ وجود أكثر من مائة حزب لا يمكن الحديث عن حكومة ائتلاف وطني. ألا ترى أن الوقت الراهن يفرض بقوة المبادرة الوطنية التي طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل لفتح حوار جدي وعميق بين كل مكونات المجتمع المدني؟ ـ مبادرة الاتحاد أود أن أشير إلى أنها جاءت متأخرة وأعتقد أن مبادرة الاتحاد لا يمكن الحديث عنها اليوم باعتبار اقتراب موعد انتهاء الشرعية الانتخابية ورغم النقاط الايجابية في المبادرة إلا انه لا يمكن الجمع بين الذئب والقطيع فما تضمنته هذه المبادرة من نقاط أساسية لابد من التوافق حولها فإن هذه المحاور فيها اختلاف كبير وجذري مع حركة النهضة ولو لم يكن هذا الاختلاف لما وجدنا أنفسنا اليوم في هذا الوضع الخطير حسب رأيي، فالاتحاد إذا كان له من دور لابد أن يلعبه في كبح جماح هذا الائتلاف الحاكم ولعب دور كبير لخلق توازن اجتماعي يضمن الحقوق الدنيا للشعب التونسي وأنا أستغرب عندما نرى لافتة في تجمع نهضوي بالقصبة كتب عليها «إلى متى صمت الحكومة على عصابات التجمع والاتحاد» بينما قيادة الاتحاد تمرّ على ذلك دون تعليق فهذه الترويكا الحاكمة التي يريد الاتحاد من خلال مبادرته إيجاد توافقات معها يسعى طرفها الرئيسي (حركة النهضة) إلى ضرب الاتحاد والتحامل عليه واعتباره عدوًا رئيسيّا للشعب والوطن. وأدعو الاتحاد إلى أن يكون محورا رئيسيا في مبادرة عملية تضمن الاستقرار في مرحلة ما بعد 23 أكتوبر وعليه كذلك أن يُعلن انحيازه بوضوح للكتلة الديمقراطية في البلاد. في علاقة بالكتلة الديمقراطية طالبت مؤخرًا باستقالة وزير الداخلية على خلفية تدهور الوضع الأمني خاصة بعد اقتحام السفارة الأمريكية فكيف ترون هذه المطالبة وكيف تقيمون المد السلفي في البلاد؟ ـ وزير الداخلية هو جزء من هذه الحكومة التي فشلت فشلا ذريعًا في كل خياراتها بالنسبة إلى هذه المرحلة وقد لمس الشعب التونسي زيف وكذب برنامجها الانتخابي ونحن نلاحظ في كل جهات البلاد غضبًا شعبيا عارمًا ضد حكومة الترويكا ووزير الداخلية باعتباره وزيرًا في هذه الحكومة فقد باءت سياسته الأمنية بالفشل وخاصة في ظلّ غياب إصلاح جذري وجدّي لأجهزة هذه الوزارة، فالبوليس السياسي مازال يعمل إلى اليوم والممارسات والملاحقات والتتبعات للنشطاء مازالت كما في السابق والعناصر الفاسدة داخل الوزارة والتي لعبت أدوارا قذرة ضد المناضلين مازالت إلى اليوم تنعم بالحرية ولا أدلّ على ذلك من الخلافات المتكررة والمتفاقمة مع نقابات الأمن الذين يطالبون بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين فما كان من وزير الداخلية إلاّ أن أوقفهم عن العمل وزج بهم في السجن وقام بنقلهم إلى مناطق مختلفة وأذكر على سبيل المثال السيد عصام الدردوري الذي أثار قضية شابين من الرديف هاجرا خلسة إلى اسكتلندا في 2008 في باخرة فسفاط وماتا على متنها ووقع دفنهما في اسكتلندا ولم يقع إعلام عائلتيهما بتدبير من السلط الأمنية وإلى حد اليوم لم يقع فتح تحقيق في الموضوع ومازال المفقودان في عداد الأحياء ومسجّلين ببلدية الرديف وهما زهيّر بيّة ورفيقه وكذلك النقابي علي السلطاني بسلك الأمن الذي وقع إيقافه عن العمل لأسباب نقابية، أما السلفية فإن حركة النهضة ما فتئت تشجّعهم وتطلق أيديهم للوقوف ضد خصومها وهي المتسبب الرئيسي في تقوية شوكتهم بل سمحت لهم بالنشاط العلني رغم معاداتهم لمبادئ الجمهورية والديمقراطية وعدم اعترافهم بالنمط المجتمعي التونسي المتفق والمتوافق عليه. إن ما قام به هؤلاء يوم 14 سبتمبر أمام وداخل السفارة الأمريكية إنما هو نتاج طبيعي لسياسة النهضة المهادنة لهم وقد كان هذا الفعل منتظرًا نظرًا إلى غياب الحزم والصرامة في تطبيق القانون معهم. واعتقد أن الكثير من الوزراء كان لهم أن يستقيلوا من هذه الحكومة مثل وزير التربية خلال امتحان الباكالوريا في جوان الفارط وعلي العريض الذي اعترف بفشله في ضبط الأمن والاستقرار ولا أعتقد أن لديه ما سيضيفه في هذه الخطة وكذلك وزير التعليم العالي في أحداث منوبة وكذلك وزير الخارجية خاصة بعد فضيحة مركب لمبدوزا.. وأتساءل لماذا الكيل بمكيالين من قِبَل هذه الحكومة ووزرائها في علاقة باحتجاجات المعطلين عن العمل والمهمشين والمفقرين في حين يتم التغاضي عن العنف الممنهج والدعوات المتكررة إلى القتل من قبل بعض الأئمة...

2012/09/19

حوار مع الرئيس السابق للهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال كمال العبيدي:

الاستحواذ على وسائل الإعلام بداية الاستبداد ونهاية المستبد على رئيس الحكومة أن يتذكر وعوده في شهر جانفي الحكومة الحالية ليست ناطقة باسم الثورة التونسية احتكار الإشهار العمومي من علامات غياب الإرادة السياسية للإصلاح الإعلاميون والشعب التونسي سيحمل حزبا التكتل والمؤتمر المسؤولية التاريخية لمواقفهم السلبية من هذه الهجمة ضد حرية الإعلام هذا ردي على الحبيب اللوز وقيادي النهضة ما يحدث اليوم في دار الصباح يذكرني بما حدث سنة 89 في وكالة تونس إفريقيا للأنباء أجرى الحوار ناجي الخشناوي ـ تصوير كريم السعدي
عن مشروعية إضراب صحفيي وتقنيي وإداريي دار الصباح، والصحافيين المتملقين في السابق والمتسلقين الآن، وعن ضرورة التوزيع العادل للإشهار العمومي، وعن السياسة الممنهجة لضرب أهم مكتسبات الثورة التونسية، حرية الإعلام والتعبير، دار هذا الحوار الذي خصنا بها السيد كمال العبيدي الرئيس السابق للهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال. * لنبدأ هذا الحوار من "الحدث" الأخير والمتعلق بإضراب صحافيي وتقنيي وإداريي دار الصباح؟ * لو كنا حقيقة ملتزمين بما تعمل به الدول الديمقراطية لبادرت الحكومة منذ أن اندلعت انتفاضة الشعب التونسي لدعم قطاع الإعلام والمساهمة في توسيع هامش الحرية التي افتكها الصحافيون، ولكن على العكس تماما نلاحظ توترا كبيرا في التعامل مع قطاع الإعلام عموما ومنه دار الصباح التي تم تعيين مديرا عاما لها كان في السابق رجل أمن، وعُرف بتورطه في ملف فساد (رشوة) وحكم عليه بالسجن ولا يملك أي تجربة في إدارة مؤسسة إعلامية في حجم دار الصباح بتاريخها العريق المرتبط بحركة التحرر من الاستعمار الفرنسي وباستماتتها في الدفاع عن استقلالية خطها التحريري زمن بورقيبة وفي الفترة النوفمبرية، رغم الضغوطات المسلطة عليها، وحتى عندما اشتراها المدعو صخر الماطري وشرع في تحويل دار الصباح إلى أداة دعائية شهدت المؤسسة احتجاجات من بعض الأقلام بلغت حد الاستقالة. هذا قرار خاطئ وكان على الحكومة المؤقتة أن تراجعه وتأخذ برأي أهل القطاع وممثليه الشرعيين خاصة أنهم في المفاوضات الأخيرة قدموا ما يكفي من الأدلة عن عدم كفاءة هذا المدير، لكن مع الأسف الحكومة تصرفت وكأنها في نظام استبدادي وهو ما دفع بالعاملين في دار الصباح للدخول في إضراب عن العمل. هذا التعيين المسقط يذكرني شخصيا بما حدث سنة 1989 في وكالة تونس إفريقيا للأنباء عندما قام بن علي بتعيين المدعو محمد الهادي التريكي مديرا عاما مساعدا على الوكالة، وقد انتفض العاملون وحملوا الشارة الحمراء، كما وجه العاملون بالوكالة، عريضة لبن علي يرفضون فيها ذاك التعيين، لكن بن علي لم يستجب لطلبهم وكأن نفس النموذج السيئ يتكرر، رغم أن هذه الحكومة منتخبة ولم تأت بانقلاب مثل ما حصل مع بن علي، ولكن بمثل هذا التصرف أعتبر أن الحكومة الحالية فقدت ماء الوجه تماما. * بعد المفاوضات الأخيرة صرحت نقيبة الصحافيين بأن ممثلي الحكومة لا يملكون القدرة على اتخاذ القرار، وفي كل مرة يطلبون مهلة من الوقت للتشاور، كيف ترون هذه المعادلة خاصة أن ملف دار الصباح استوفى كل الشروط؟ * من الطبيعي أن يعود المستشارون الحكوميون إلى الوزراء والى رئيس الحكومة لأخذ القرار النهائي، ولكن المؤسف أن هؤلاء المستشارين غير مسموح لهم بالاجتهاد، وشخصيا استغرب أن يتم التفاوض مع المستشارين مع احترامي لهم، ولكن كان من الأجدى والأنفع أن يكون التفاوض مع من له القدرة على اتخاذ القرار الفوري. في الحقيقة هذه الحكومة غير جادة بالمرة منذ أن أمسكت بدواليب الحكم، والعديد من التونسيين يتابعون باستغراب ما تبديه الحكومة من تناقض صارخ بين ما تقوله وما تفعله، فهي تتحدث دوما عن الحوار ولكن على ارض الواقع لا تفعل سوى ما تقرره هي بمفردها وهذا بداية طريق الاستبداد، ولكن هذا أيضا بداية نهاية المستبد خاصة أن الشعب التونسي اليوم أبدى من الفطنة والحذر ممن سيصادر حريته. رئيس الحكومة التزم في بداية شهر جانفي بالالتزام بالمعايير الدولية لحرية التعبير ووعد بتطبيق المرسومين 115 و116، لكن سرعان ما أعلن بعض مستشاريه أن هذين المرسومين لن يتم تفعيلهما ولابد من مراجعتهما، وكأن هناك جهة خفية تمنع رئيس الحكومة من الإيفاء بوعوده وهذا أدركناه خاصة بعد التعيينات الأخيرة على رأس المؤسسات التي أثبتت غياب الآليات والمعايير التي تعتمدها الأنظمة الديمقراطية، بل بالعكس يبدو أن الأمور تسير وفقا للمزاج الشخصي وللحسابات الضيقة، وتبين أن المعيار الأساسي هو معيار الولاء قبل الكفاءة، وقد سبق لنا أن شرحنا وبيّنا لرئيس الحكومة أن عديد الدول عاشت نفس التجربة الانتقالية مثل جنوب إفريقيا وجمهورية التشيك قد تم تجاوز مثل هذه الوضعيات (التعيينات) باختيار أفضل الملفات المقدمة. * وكيف ترون الدعوات المتتالية لضرب الإعلام والإعلاميين مثل دعوة النائب بالمجلس الوطني التأسيسي الحبيب اللوز عن حركة النهضة في احد خطبه لما دعا لضرب الإعلام بيد من حديد؟ * مثلما ذكرت، منذ بداية شهر جانفي أصبحت العلامات المخيفة فيما يتعلق بمستقبل الإعلام تتكرر، والتعيينات هي شكل من أشكال العنف مثلها مثل الاعتداءات الجسدية التي طالت عديد الصحافيات والصحافيين من طرف البوليس ومن طرف أشخاص يُقال أنهم تابعين لحركة النهضة، والذين يفلتون في كل مرة من العقاب والمحاسبة، حتى أصبح المعتدي يشعر بحماية وحصانة من السلطة التي تمنحه دفعا جديدا لمعاودة الكرة، وهذه أيضا من علامات الاستبداد، وما قاله الحبيب اللوز يوم الجمعة في خطبته يدل على أن هناك إصرار في حركة النهضة على "تأديب" الصحافيين، وأنا شخصيا أحملّه ما قد يحدث من عنف ضد أي صحفي، لان العنف يبدأ من التحريض عليه. شخصيا اسأل الحبيب اللوز وأقول له لو لم تكن التغطيات الصحفية لمحاكمتك ولبقية قياديي حركة النهضة في الثمانينيات لما كان لقضية الإسلاميين في تونس أن تجد كل ذاك التعاطف، ولو لم تكن هناك أقلام حرة في تونس لما كنت نائبا بالمجلس الوطني التأسيسي. أقول للحبيب اللوز ولكل من يحرض على تعنيف الصحافيين أن هذه الممارسات هي من سجل الدكتاتوريات التي اكتوينا منها، ومن العار أن نستخدمها اليوم مع شعب اثبت رفضه العيش تحت ديكتاتورية جديدة، كما أدعو الجهاز القضائي لتتبع كل من يحرض على العنف ومحاسبته. * كيف تردون على الرأي القائل بأنه من الوارد جدا أن نعيش التجربة الجزائرية أو اللبنانية فيما يتعلق بتهديد الصحافيين وتعنيفهم حد القتل؟ * هذا السيناريو مُستبعد، لان تجربة الشعب التونسي وظروفه التاريخية والسياسية تختلف عن التجربتين الجزائرية واللبنانية، وما يبعث الأمل في تونس وعدم تكرار مثل هذين النموذجين والانزلاق نحوهما، هو اليقظة والحرص من طرف التونسيين على التصدي لكل حاكم مستبد، إلى جانب أن هذه الخلافات من الممكن تجاوزها سلميا ومدنيا وديمقراطيا، ولكن يجب الحذر من بعض الأطراف المتشددة التي لا يمكن التنبؤ بممارساتها. * كل الأسهم تتجه إلى حركة النهضة في حين أن الائتلاف الحاكم متشكل من ثلاثي حزبي، فكيف ترون دور حزبا التكتل والمؤتمر من اجل الجمهورية في هذا التمشي الضارب لحرية الإعلام؟ * في الحقيقة شاهدت بعض القياديين سواء من التكتل أو من المؤتمر يتضامنون مع الإعلاميين في القصبة خاصة يوم 9 جانفي ومرة ثانية في شهر أوت، ولكن ما يبعث على الحيرة والاستغراب أن هذين الحزبين يرأسهما حقوقيان عُرفا بتاريخهما النضالي ضد الاستبداد وخاصة في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ما يثير الاستغراب هو صمتهما وغياب موقفهما، وأعتقد أن الإعلاميين والشعب التونسي سيحملهما المسؤولية التاريخية لمواقفهم السلبية من هذه الهجمة ضد حرية الإعلام واستقلاليته. هذه فضيحة بكل المقاييس، لأن الصمت على تعيين شخص "متورط" و"متآمر" على النقابة الوطنية للصحفيين ومن الداعمين للانقلاب عليها سنة 2009، من العار على حزبين لهما تاريخ نضالي أن يصمتا أمام هذا التعيين ولا يبديان سوى موقف اللاموقف. * وكيف ترون الاتهامات الموجهة للحكومة السابقة ولليسار عموما بتحريك وسائل الإعلام ضد الحكومة الحالية؟ * هذا اتهام مجاني ومبرر غير منطقي واعتبر هذه الاتهامات تعليقا للفشل وللعجز على الآخر، فلو طبقت هذه الحكومة منذ البداية المراسيم المتعلقة بتنظيم القطاع الإعلامي لما آلت الأمور إلى ما آلت إليه الآن، ولكن هذه الحكومة خيرت عدم المصادقة على هذه المراسيم الحاسمة لتحدث الفراغ وتجد الثغرات، فمثلا اليوم نجد قنوات تلفزية جديدة لا نعرف مصادر تمويلها ومع ذلك تخصها الحكومة بتصريحات حصرية مثل قناة "الزيتونة"، وهو سبق اعتبره شخصيا استنطاق بوليسي للبغدادي المحمودي، وهذا مخجل، ولا يحدث في الدول الديمقراطية وكل هذه الممارسات لا تأكد إلا أن هذه الحكومة لا تفكر إلا في الانتخابات القادمة وكيفية الفوز بنتائجها. * كيف تفسرون حالة الشد والجذب بن وزارة الداخلية والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين فيما يتعلق بما يسمى القائمة السوداء للصحافيين خاصة أمام وجود عدد من الصحافيين الذين انسجموا مع سياسة الحكومة الحالية ومنهم من بارك تعيين لطفي التواتي؟ * وزارة الداخلية تتحمل مسؤولية كبيرة لأنها لم تتحمل المسار الجديد للإعلام الطامح إلى التحرر والحرية والانتعاق من الرقابة، أو بالأحرى لم تتقبل الصيغة الجديدة لدور الإعلام. لا أحد ينكر أن جزءا مهما من الصحافيين تواطؤوا مع النظام السابق وباعوا ضمائرهم بأبخس الإثمان وساهموا في الانقلاب على شرعية المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وكتبوا التقارير البوليسية في زملائهم، وهم اليوم يبحثون عن عذرية جديدة، والمشكلة أن هؤلاء هم اليوم مستعدون لمواصلة نفس الممارسات ولذلك لا أجد تشبيها ملائما لهم إلا "المرتقزقة" والوشاة الساقطون تحت سطوة الإغراء بالأموال والمناصب. هناك عملية مفضوحة لربح الوقت واستمالة للوجوه الفاعلة زمن الاستبداد. المطلوب اليوم من وزارة الداخلية ومن كل مؤسسات الدولة هو تمكين المواطن التونسي من حقه في الإطلاع على جميع الوثائق تفعيلا للبند 41 الناص على الحق في النفاذ إلى المعلومات. * كيف تفسرون ما يحدث اليوم لقناة التونسية؟ * لا احد ينكر أن مدير هذه القناة، سامي الفهري، كان متورطا مع بلحسن الطرابلسي وهناك العديد من القضايا المرفوعة ضده، ولكن أتسائل لماذا هذا الخرق القانوني ولماذا هذا التسرع، بل ولماذا تتزامن عملية اعتقال سامي الفهري مع موجة التصريحات الناقدة لتلفزة "التونسية" وخاصة لبرنامج "اللوجيك السياسي". أرى أن منطلق هذه الحكاية هو ضرب حرية الإعلام وليس تتبع شخص متورط أو سيثبت القانون انه متورط في قضايا فساد واستغلال نفوذ، وبالأخير ليس سامي الفهري الوحيد المتورط في قضايا فساد فهناك العديد من الصحافيين المتورطين في الفساد. ما يبعث على الاطمئنان أن هناك عديد المسؤولين الجدد يؤمنون بمطلب الحرية والاستقلالية، وهناك عديد الصحافيين الذين يقفون اليوم صدا منيعا أمام كل من يريد العودة بالإعلام إلى مربع الاستبداد. * هناك سلاح قديم جديد يسمى الإشهار العمومي، كيف ترون تأثيره اليوم في المشهد الإعلامي؟ * احتكار الإشهار العمومي من علامات غياب الإرادة السياسية لإصلاح قطاع الإعلام فتوزيع الإشهار والإعلام العمومي يخضع لمقاييس موضوعية، في حين أن الأنظمة المستبدة تحتكر الإشهار وهو ما كان حاصلا في تونس من خلال وكالة الاتصال الخارجي التي تمنح النسبة الكبرى للصحف الأكثر موالاة، وللأسف إلى اليوم مازلنا نرى نفس الصحف التي كانت تتمتع بالنسبة الأكبر من الإشهار العمومي في زمن بن علي مازالت تتمتع إلى اليوم بنفس الإشهار العمومي في حين أن عديد الصحف الجادة محرومة من هذا الإشهار على غرار صحيفة "السور" وصحيفة "الأولي" أما الصحف التي كان يصنفها نظام بن علي على أنها صحف معارضة فحدث ولا حرج. * هناك الكثير من اللوم على تقديم استقالتكم من رئاسة الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام وإنهاء مهام هذا الهيكل؟ * هذا صحيح، ولقد بلغتنا عديد رسائل اللوم في بداية شهر جويلية لما قررنا إنهاء مهام الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام من الشخصيات الوطنية ومن الإعلاميين، وأذكر أن عياض بن عاشور كان من بين الشخصيات الوطنية التي تأسفت لقرار إيقاف عمل الهيئة ولكن بعد مدة عاود عياض بن عاشور الاتصال بنا ليقول أن موقفنا كان صائبا وفي محله. لقد قررنا إيقاف عمل الهيئة حتى لا نكون ديكورا تابعا للحكومة الضاربة عرض الحائط بكل القرارات التي نطرحها وتدير ظهرها لكل النصوص القانونية التي يشهد القاصي والداني بتقدميتها وديمقراطيتها، ثم نحن لم ننه عملنا، ففي الأيام القليلة سنصدر التقرير النهائي لعملنا باللغتين الفرنسية والانقليزية بعد أن أصدرناه باللغة العربية. استقالتنا كانت بمثابة الرسالة لكل الغيورين على تونس وعلى تحقيق أهداف ثورتها. * الاتحاد العام التونسي للشغل أطلق مبادرة وطنية للخروج من الأزمات المتتالية، واليوم يفصلنا شهر تقريبا عن انتهاء الشرعية الانتخابية لهذه الحكومة فكيف ترون أفق الاستجابة لفتح حوار جدي؟ * مبادرة الاتحاد لا يمكن تجاوزها إلا من جاحد وناكر لهذا الشعب، ولا يمكن تأمين الانتقال الديمقراطي في ظل حكومة ترفض الحوار المسؤول والجدي مع مكونات المجتمع التونسي المدني والنقابي والحقوقي. اليوم نحن بحاجة ملحة وأكيدة للعزوف عن منهج الهيمنة والغطرسة والانزلاق في اتجاه إنشاء استبداد جديد. حقيقة أقول أن هناك عديد المؤشرات السلبية التي لا تبعث على الارتياح من طرف الحكومة الحالية، ومنها أساسا الاستفراد بالرأي وهناك نهم حقيقي للسيطرة على المؤسسات وعلى دواليب الحكم، واستخفاف بالمطالب الحقيقية للشعب التونسي. على هذه الحكومة أن تحسم أمرها في الخضوع لبعض المتشددين ولبعض الدوائر الأجنبية التي تخدم أجندات سياسية لا علاقة للشعب التونسي بها.

2012/09/14

نواب من التأسيسي ونقابيين ونشطاء المجتمع المدني يساندون إضراب دار الصباح

ناجي الخشناوي (صور منتصر العكرمي) لم يكن صحافيو وتقنيو وإداريو دار الصباح لوحدهم أثناء تنفيذ إضرابهم يوم الثلاثاء 11 سبتمبر، بل كان إلى جانبهم عديد الشخصيات الوطنية من نواب المجلس الوطني التأسيسي ونقابيين وسياسيين ومثقفين وخبراء ونشطاء من المجتمع المدني. الشخصيات أجمعت على أن مساندتهم مبدئية من اجل استقلالية دار الصباح وقطاع الإعلام عموما باعتباره احد أهم أجنحة الانتقال الديمقراطي. "الشعب" رصدت بعض الآراء والمواقف للمساندين لهذا الإضراب:
نبيل جمور (الكاتب العام لنقابة الثقافة والإعلام بالاتحاد العام التونسي للشغل) حان الوقت لإسقاط أقنعة الانتهازية قبل كل شيء أوجه تحية نضالية لكل العاملين بدار الصباح الذين كان لهم شرف قيادة هذه المعركة الكبرى لتشبثهم بمطالبهم الشرعية والمشروعة من أجل ديمومة مؤسستهم. أما فيما يتعلق بالإضراب وبالوضع العام بدار الصباح فيجب التذكير بان نقابة الثقافة والإعلام بالاتحاد العام التونسي للشغل سبق أن قدمت لائحة إضراب ورغم حضورنا في جلستين صلحيتين بولاية تونس فإننا لم نتوصل إلى حل نهائي وايجابي، ونحن متشبثون برفضنا القطعي والمطلق للتعيينات المسقطة ومنها تعيين المدعو لطفي التواتي الذي يدل تاريخه على أن اختياره لا يدخل إلا في باب الهجمة المنظمة والممنهجة لضرب حرية الإعلام وكسر شوكة الإعلاميين من اجل خدمة أجندة حزبية ضيقة. إن هذا النفق الذي تريد الحكومة الحالية أن تزج فيه قطاع الإعلام لا يترك لنا المجال إلا لنكون يقظين وحذرين من القرارات والخطوات التي تأتيها الأطراف التي من مصلحتها الهيمنة على الإعلام وتطويعه ليعود أداة طيعة ومستكينة في خدمة الاستبداد، وما على مكونات المجتمع المدني والسياسي والحقوقي وعلى النقابيين أن يعوا أن معركة الإعلام هي معركة كل الأحرار والشرفاء لتأمين الانتقال الديمقراطي الذي مات لأجله الشهداء والذي لن يكون إلا بإعلام مستقل وقضاء مستقل، واليوم حان الوقت لإسقاط كل الأقنعة على كل من يتاجر بهذه المبادئ خدمة لمصلحته الشخصية. غازي الغرايري (استاذ القانون) حرية الإعلام خط أحمر تواجدنا اليوم إلى جانب صحافيي دار الصباح لا يجب أن يُفهم إلا على أساس الدفاع عن المكتنز الأساسي الذي اكتنزه الشعب التونسي منذ الثورة وهو حرية الكلمة وحرية التعبير واستقلالية وسائل الإعلام، وبالتالي وقوف أهل القطاع صفا واحدا ضد أي محاولة للالتفاف على هذا المكتنز أمر طبيعي ووقوفنا إلى جانبهم واجب وطني لان المساس بحرية الإعلام هو خط احمر. سعيد العايدي(وزير الاقتصاد في الحكومة السابقة) حرية الإعلام مكسب ثوري تأسيس الديكتاتوريات ينطلق من ضرب حرية الإعلام وتقييد الصحافيين وتوجيه عملهم ونقلهم للخبر. اليوم لا يختلف عاقلان من أن أهم مكسب بعد الإطاحة بنظام بن علي هو الهامش المحترم من حرية الإعلام، ولكن التعيينات المسقطة على مؤسسات إعلامية وطنية وتضييق الخناق على الأقلام والمصادح كشف النية الواضحة في ضرب هذا المكسب الثوري. ما يثير الضحك فعلا أن هذه الحكومة تلقي بفشلها على الحكومة السابقة التي انتميتُ إليها وتعتبر أن اليسار هو الذي يحرك وسائل الإعلام، وهذا تجن واضح لا يثبت سوى عجز هذه الحكومة، وانصحها أن تبحث في مكامن عجزها وفشلها داخلها هي، لان المعارضة اليوم تلعب دورها الحقيقي وتقدم المقترحات العملية ولكن الحكومة لا تسمع سوى صوتها. سالم العياري (المنسق الوطني لجمعية المعطلين عن العمل) تونس ليست للبيع باعتبارنا منظمة وطنية ومكون من مكونات المجتمع المدني فإن حضورنا اليوم يتنزل في إطار مساندتنا المطلقة لمبدأ حرية الإعلام، هذا المبدأ الذي تحاصره الحكومة المؤقتة بمختلف الوسائل من قمع وتوجيه وتعيينات مسقطة وتفويت هذه المؤسسات الوطنية وكأن هذه الحكومة لا هم لها سوى بيع ممتلكات الشعب التونسي. جمعية المعطلين عن العمل ستكون سندا دائما لكل التحركات والاحتجاجات المطالبة لا بحرية الإعلام فقط، وإنما بكل ما سيدفع في اتجاه تحقيق أهداف الثورة ومنها أساسا الحق في الشغل. إيهاب الشاوش (صحفي بالتلفزة الوطنية الأولى) لن نتراجع ولن نستسلم هل يُعقل أن كل الصحافيين والإداريين والتقنيين بدار الصباح مخطئين ووحدها الحكومة على حق؟ الثابت والمؤكد اليوم هو الاستفراد بالرأي وتجاهل المطالب الحقيقية لأهل القطاع ولممثليه الشرعيين وضرب صارخ لمبدأ الحوار بدليل فشل كل جلسات التفاوض مع الحكومة خاصة بشأن التعيينات المسقطة. ما لا يعرفه المواطن أن العديد من الإعلاميين مصابون بعقد نفسية جراء ما تعرضوا لها في زمن الدكتاتورية من ضغط وقمع ولذلك هم غير مستعدون اليوم إلى التراجع عما افتكوه يوم 14 جانفي من حرية التعبير. حياة السايب (رئيسة القسم الثقافي بجريدة الصباح) نرفض التنصيب والتعيين إضرابنا اليوم اضطررنا إليه بعد أن استنفدنا كل الوسائل الأخرى ولم نكن نرغب البتة في خوض الإضراب بقدر ما كان لدينا أمل في أن تفهم هذه الحكومة أن فرض خياراتها وتوجهاتها علينا في دار الصباح لن يجد سوى الصد والرفض، وما يحزن فعلا هو التصعيد المجاني من طرف السلطة والتهجم على صحافيي الصباح. بصراحة الوضع صار "متعفنا" إلى ابعد الحدود، واليوم نحن في مفترق طرق ولا خيار لنا سوى النضال حفاظا على مورد رزقنا وعلى استقلاليتنا الصحفية، وما يشحننا بالأمل هو هذه المساندة المطلقة من مختلف مكونات المجتمع التونسي المؤمنة بحرية الإعلام. الصادق بالعيد (أستاذ القانون الدستوري) لا علاقة لهذه الحكومة بالثورة باعتبار أن حرية الصحافة والإعلام هي الأساس الأول للديمقراطية فهي المعركة الفاصلة في هذه المرحلة لتحديد طبيعة النظام الذي سنعيش فيه، إما تأسيس منظومة ديمقراطية أو العودة إلى الديكتاتورية، وأعتقد أن الثورة متواصلة خاصة أمام هذه "الردة" التي تأتي من طرف بات معلوم وهي الحكومة المؤقتة وأنصارها، التي تثبت كل يوم أن لا علاقة لها لا بالثورة ولا بأهدافها. محمد الحامدي (نائب بالمجلس الوطني التأسيسي) من ادوات الاستبداد الاعلام "الحكومي" هناك مسعى محموم من حركة النهضة لتطويع الإعلام وتوجيهه، ومع الأسف أن "الجماعة" لم يستوعبوا إلى الآن الفرق بين الإعلام العمومي والإعلام الحكومي وهذا أمر خطير لان من أهم أدوات الاستبداد هو تركيز ما يسمى "بالإعلام الحكومي" الخاضع تماما لتوجهات الحكومة القائمة واعتماده كجهاز دعاية وتلميع، واعتقد أن هذه المحاولات فضلا عن كونها مرفوضة فإنها ستفشل بفضل المقاومة الحقيقية للشعب التونسي الذي هو بصدد تطليق كل أشكال الاستبداد. عبد الستار السحباني (نقابي وأستاذ علم الاجتماع) تطهير الإعلام لا يعني القضاء عليه هو إضراب شرعي ومطالب الصحافيين بالاستقلالية وحماية حرية التعبير في مؤسستهم وفي جميع المؤسسات الإعلامية يأتي في إطار التهديدات المتواصلة من قبل الحكومة لضرب أهم مبدأ في الإعلام وهو الاستقلالية والحرية. بصراحة لأول مرة نرى حكومة تشن "حربا" هوجاء على قطاع الإعلام، فحتى في النظام السابق لم يتم التعامل مع الصحافيين بهذه الطريقة المهينة وهذا أمر مؤسف. كنا نرى في السابق كل الأخبار الجميلة عن تونس في "ظل السابع من نوفمبر" إلى أن استفاق الشعب التونسي يوم 14 جانفي على الخراب المعمم وفساد طال الأخضر واليابس، وهذا ما تريده الحكومة اليوم أن نزوق صورتها وكأنها لم تستوعب أن في تونس اليوم كل فرد بصدد نحت وجوده كمواطن حقيقي سيرفض حتما من يعيده إلى مربع الاستبداد. أما شعار تطهير الإعلام فيبدو أن الحكومة ترفعه للقضاء على هذا القطاع وترك من سيكون في خدمتها، وعليها أن تعرف أن تطهير الإعلام يعني فتح حوار جدي مبني على نقد ذاتي وموضوعي لأهل القطاع وطرح تصور جديد للإعلام يستجيب لروح الديمقراطية. يوسف الصديق (مفكر وفيلسوف) انتهى زمن "القوادة" دون مبالغة أعتقد أن إضراب دار الصباح هو يوم الفصل في قضية الإعلام التونسي وتحديد وجهته التي يجب أن يسير فيها، وهي الاقتراب من مشاغل الشعب التونسي في إطار من الاستقلالية والحيادية. الإعلام هو العصب الحقيقي في الأنظمة الديمقراطية أما في الأنظمة الاستبدادية فإن الحكام ينسجون خيوطا واسعة من المخبرين و"القوادة" لتلميع صورتهم، واليوم نحن في حالة حرب مع كتيبة "القوادين" القديمة والجديدة التي تنتجها حركة النهضة، هذه الحركة التي تعتبر نفسها الناطقة باسم الرب والمسؤولة عن تنفيذ تعاليمه ولو بالعنف والقهر والظلم. في السابق كان هناك عبد الوهاب عبد الله التابع لبن علي أم اليوم فصار لنا أكثر من عبد الوهاب عبد الله... وهذا سرطان قد يؤدي بنا إلى أن نصبح مثل كوريا الشمالية. سلمى بكار (سينمائية وعضوة المجلس الوطني التأسيسي) الدستور وحده لا يكفي هذه المرة الثانية التي نأتي من المجلس التأسيسي كنواب عن الكتلة الديمقراطية لمساندة صحافيي دار الصباح، بعد أن استقبلناهم بالمجلس الوطني التأسيسي بباردو. وقد دافعنا بشدة ككتلة ديمقراطية على الفصل 26 المتعلق بحرية الصحافة والإعلام، ولكن للأسف القوانين وحدها لا تكفي إذا لم تكن مسنودة بإرادة سياسية تحترم حرية التعبير واستقلالية الصحافة، ويبدو أن هذه الإرادة مغيبة من طرف الحكومة الحالية. وباعتباري سينمائية اعتقد إننا مع الصحافيين في نفس مرمى الحكومة الحالية باعتبار ما يلحق الفنانين اليوم من تهديدات بالقتل والتعنيف والمحاكمات الجائرة باسم المقدسات. أيمن الرزقي (عضو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين) حرية الإعلام هي "أم المعارك" توقيت وإطار إضراب دار الصباح يجعل من هذا التحرك "أم المعارك" في الدفاع عن حرية الصحافة واستقلالية المؤسسات الإعلامية، واعتقد أن نجاح الحكومة الحالية في ضرب صحافيي دار الصباح سيكون المدخل الحقيقي لضرب باقي المؤسسات الإعلامية. المفاوضات التي خضناها مع الطرف الحكومي اتسمت بازدواجية الخطاب وسببه وجود جناحين داخل الحكومة واحد معتدل والثاني يريد التغول على القطاع الإعلامي وتطويعه لخدمة أجندته الحزبية، ويبدو أن هذا الجناح الأخير هو المسيطر داخل الحكومة ويسعى إلى جعلنا نتفاوض من اجل التفاوض فقط وهذا أسلوب بشع جدا. المشكلة في التفاوض أننا نقنع الطرف الحكومي ونقدم له الأدلة ولكن للأسف في كل مرة يريدون العودة لاستشارة "أعرافهم السياسيين" ولذلك لم نتقدم في المفاوضات، بل تعطلت تماما. نجيبة الحمروني (رئيسة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين) رئيس الحكومة لم يفتح ملف لطفي التواتي بعد جلسات التفاوض التي خضناها مع الطرف الحكومي اكتشفنا أن الحكومة لا تفعل شيئا سوى ربح الوقت ولا تطرح حلولا عملية بخصوص قطاع الإعلام ومنه دار الصباح، ومن نتفاوض معه لا يملك القدرة على اخذ القرار بمفرده. تعيين لطفي التواتي هي القطرة التي أفاضت الكأس فقد قدمنا ملفا كاملا لرئيس الحكومة بخصوص التواتي، ويبدو انه لم يفتح هذا الملف ولم يطلع على تاريخ لطفي التواتي والدليل على ذلك المضي قدما في هذا التعيين، وبالتالي لا خيار لنا كنقابة وطنية للصحفيين إلا المضي قدما في خيارنا النضالي دفاعا عن قطاعنا وعن استقلاليته. مراد العمدوني (نائب بالمجلس الوطني التأسيسي) محطة نضالية لن تكون الاخيرة مساندتنا لحرية الإعلام يدخل في المعركة التي نخوضها كديمقراطيين من اجل الحريات الأساسية الفردية والعامة ومنها حرية الصحافة وحرية الإبداع، وما نلاحظه أن أعضاء حركة النهضة في لجنة الحقوق والحريات مصرين على تقييد هذه الحريات وجعلها مشروطة بعدة ضوابط التي من شأنها أن تقضي على حرية التعبير والإبداع وقد ترجمت على ذلك من خلال ممارسات الحكومة والإيهام بما تحققه من مكاسب حزبية ضيقة على حساب المجموعة الوطنية. نحن في محطة نضالية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة إلى حين تحقيق أهداف الثورة. خميس الخياطي (صحفي بدار الصباح) ذهب صخر... جاء الماطري! باعتبار ابنا لدار الصباح قبل الثورة وبعدها كصحفي لا يمكنني إلا أن أكون هنا إلى جانب زملائي وزميلاتي وكل العاملين بدار الصباح الذين لا تربطنا فقط صلة عمل بل نحن نعيش كأسرة متضامنة. ودار الصباح ليست أي مؤسسة فهي قد كونت مدرسة إعلامية منذ فترة الاستعمار، والتفريط فيها وفي وجودها من طرف الحكومة الحالية غاية مرفوضة تماما وهي مشبوهة في حد ذاتها، لان الكثير من الدلائل تشير إلى إمكانية بيعها مجددا إلى صخر الماطري! ناجي البغوري (رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين سابقا) محاولة للهروب بالثورة الهجمة الشرسة والممنهجة لضرب حرية الإعلام لم تنطلق اليوم، وإنما منذ أن مسكت هذه الحكومة بدواليب الحكم المؤقت، وجميعنا يتذكر ما سُمي "باعتصام الأحرار لتطهير إعلام العار" الذي نظموها أمام مقر التلفزة الوطنية، وتكون نوع من الرضا عن دور التلفزتين الوطنيتين الأولى والثانية بعد تغيير المدير العام ومديري القناتين، واليوم يأتي الدور على المؤسسات الإعلامية التي تمت مصادرتها ومنها دار الصباح، وكل هذا الهجوم والنهم اللامحدود لتطويع الإعلام هو لغاية البقاء في السلطة إلى اجل غير محدد. حركة النهضة لا تضرب الصحافيين فقط بل المبدعين عموما من فنانين وتشكيليين وممثلين ورسامين وكتاب ومسرحيين... وهناك رغبة جامحة لإسكات كل الأصوات المنادية بالحرية ومحاولة إفساد الجهاز القضائي وتسييس المؤسسة الأمنية بعد اختراقها وخلق ميليشيات موازية وكل هذا من اجل الهروب بالثورة والبقاء في الحكم. سناء فرحات (رئيسة فرع النقابة الوطنية للصحفيين بدار الصباح) مهددون بالإحالة على البطالة إضراب اليوم كان مقررا منذ عشرة أيام، وكنا خلال الأيام السابقة في اعتصام مفتوح وننتظر حلا جديا من طرف المسؤولين، لكن مع الأسف انقطع حبل التواصل مع الحكومة بسبب تعنتها ورفضها لمطالبنا خاصة الرافضة للمدير الجديد لدار الصباح، وضربوا عرض الحائط مطالبنا المادية والمعنوية. هناك قرابة 180 عائلة مهددة بالإحالة على البطالة والحكومة لا تهتم لمطالبهم. خالد الكريشي (عضو مؤسس لحركة الشعب) منارة إعلامية مهددة بالتوظيف مساندتنا مطلقة لإضراب صحافيي دار الصباح وكل العاملين فيها من اجل استقلالية المؤسسة وحيادية خطها التحريري وانتخاب هيئة تحرير طبقا للمرسوم 118 ومثلما يقع اليوم تطبيق المرسوم 115 في جانبه الجزائي فيما يتعلق بقضايا الثلب ضروري أيضا اعتماد المرسوم المخول لانتخاب رؤساء التحرير ومديري الصحف. حضورنا اليوم يتنزل في إطار الدفاع عن دار الصباح باعتبارها منارة إعلامية وطنية مهددة اليوم بالتدجين واستغلالها وتوظيفها لغايات حزبية ضيق
ة.

الخط التحريمي

لأن الخط التحريري الذي استبسل لأجله عشرات الصحافيين أيام الديكتاتورية بات مهددا اليوم ويتم تحويل وجهته لما أسميه خطا تحريميا بفضل الخط التحريضي المتصاعد والممنهج لإخماد كل نفس جديد يريد الخروج من جبة دخل فيها إما خوفا أو طمعا في السابق... ولأنه كان في البدء إعلاميا يساريا متطرفا، ثم صار إعلاميا يعاوده الحنين إلى اللون البنفسجي، ثم صار إعلاميا كافرا فخائنا لوطنه، سجى القلم في درج مكتبه بالبيت وخرج إلى الشارع الطويل ليكتب مقالا تحت الطلب يستجيب لإعلام الثورة، إعلام الأغلبية التي كانت في الصفوف الأمامية للثورة إبان اندلاعها!!! لقد أراد أن يكتب مقالات تحت الطلب مساهمة منه في تحقيق أهداف الثورة... وينأى عن ذاك الإعلام الذي لا يفعل سوى تشويه المسيرة المظفرة للحكومة المؤقتة... ذاك الإعلام الأعور الذي لم ير أهداف الثورة تتحقق مثلما حلم به كل تونسي وكل تونسية، وهي أهداف تعزز انتقالنا الديمقراطي السلمي، وتجعل من تونس بلدا رائدا في الثورات السلمية الحديثة مثلما كانت رائدة في المدنية... فكان أول مقال له فرصة للتذكير بأهم أهداف الثورة المتحققة مع الحكومة المؤقتة: من أهداف ثورتنا أن يصير كل مواطن قادر على قراءة أخبار البلد في الصحف والجرائد بعد "الفجر" حتى لا يعكر صفونا "المغرب"... ومن أهداف الثورة أن نوقف الفيضانات العارمة بالشمال الغربي بواسطة جدار سميك من عُلب الحليب والعجين. ومن أهدافها أن نختن فلذات أكبادنا حتى نؤدي دينا لنا في عنق كل تونسي للشيخ عبد العزيز ابن الباز، كدنا ننساه لولا مقال شيخنا الراشد. من أهداف الثورة التونسية أن نترك عصابة فرت بثروة البلد ونستبدلها بطائرة تأتي من حيث تنعم ذات العصابة، محملة بالأغطية الصوفية. من أهداف الثورة أن نعرف أن في تونس مدينة اسمها مكثر لم تضرب بجذورها في التاريخ الحديث ومقاومة المستعمر في الجبال، بل بزغت فجأة من برنس منصفنا. ومن أهم أهداف الثورة التونسية أن نطيع "منقذنا" الجديد ونتماهى مع بعضنا البعض مثل "دجاج الحاكم". من أهداف الثورة أن نهدي سحب سماء تونس وغيومها المدرارة لتمطر في قطر أو في السعودية. من أهداف الثورة أن نخيط كفنا للشعب السوري في فندق من فئة تسعة وتسعين نجمة ونرفع تابوتا مغطى بالعلم الأمريكي لجثة شقيق عربي. من أهداف الثورة أن نمنح أبناءنا رصاصا حيا بدلا من الدمى الصينية ليلعبوا مع جيرانهم على حدودنا الغربية والشرقية... وقريبا في أحياء العاصمة... من أهداف الثورة أن نضيف عيدا لترسانة أعيادنا، نحتفل فيه مرة في السنة بشراء البصل لطبخه ويكون فرصة للعائلات للتزاور وتبادل رؤوس البصل... من أهداف ثورتنا أن نستبدل المركز الوطني للأرشيف بحديقة غنًاء أسوة بمن استبدل سجن 9 أفريل بشجيرات دفلى، حتى لا نرهق مسيرتنا الجديدة بتلك الأسماء المتبجحة... من أهداف ثورتنا أن نتعلم كيف تكون الجثث بحالة وفاة... وكيف نصيب سمك البحر الابيض المتوسط بالتخمة البشرية...

2012/09/08

رئيس جامعة منوبة الأستاذ شكري مبخوت للــ"الشعب":

الجامعة تعيش تحت هيمنة مطلقة من الوزارة الأولى بالحريات الأكاديمية يمكننا صياغة "عقد جامعي" ديمقراطي ذهاب الأمن الجامعي غير مأسوف عليه الجامعة لا يمكنها إلا أن تكون إلا حداثية وهي المختبر الحقيقي لنجاح المشروع الديمقراطي حتى قبل صياغة الدستور أي طرف سياسي سيحاول السيطرة على الجامعة سينكسر على صخرتها وأدعو الأحزاب السياسية لرفع يدها عن اتحاد الطلبة أجرى الحوار ناجي الخشناوي ـ تصوير منتصر العكرمي
في هذا الحوار الذي خصنا به رئيس جامعة منوبة أياما قبل انطلاق العودة الجامعية، أكد الأستاذ والباحث شكري مبخوت رئيس جامعة منوبة أن ما يعيق سير الجامعة التونسية هو التوهم الخاطئ لدى المسؤولين بان مطلب الاستقلالية، وهو معيار دولي، لا يعني انه مشروط بالمحاسبة والمراقبة، كما اعتبر أن صياغة عقد جامعي ديمقراطي يكمن في فتح حوار مفتوح بين جميع مكونات المؤسسة الجامعية، كما اعتبر أن قرار إلغاء الأمن الجامعي أمر غير مأسوف عليه، وأن ما حدث السنة الفارطة من عنف سببه عدم تطبيق القانون على من مارس العنف من الطلبة، والتوظيف السياسي من ناحية والهالة الاعلامية التي رافقت احداث العنف من ناحية ثانية. * أيام قليلة وتفتح الجامعة التونسية أبوابها للطلبة، فما هي آخر استعدادات جامعة منوبة، وهي التي تضم 14 مؤسسة جامعية ؟ * في الحقيقة الاستعدادات عادية ولا يوجد أي استثناء، فجميع مؤسسات جامعة منوبة لها من الناحية التقنية الخبرة والكفاءة في تأمين العودة الجامعية، ولكن اتخذنا جملة من الاحتياطات اعتبارا لما حدث السنة الفارطة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمنوبة من تجاذبات سياسية، ولا نخفي تخوفنا من أن يكون لتلك الأحداث انعكاس هذه السنة، وتخوفنا تحديدا من تعطيل سير الدروس، ولكن نحن متأكدون أن تجربة الجامعيين وتمسكهم بالضوابط الأكاديمية سيمكننا من تجاوز ما قد يطرأ من تجاوزات. هناك تخوف أيضا من تاريخ 25 أكتوبر، وهو تخوف مشروع لأنه موعد محاكمة عميد كلية الآداب بمنوبة الأستاذ الحبيب الكزدغلي مع تكييف قانوني يدعو إلى بعض التساؤلات وهو تكييف قد تكون له بعض النتائج السلبية رغم الموقع السليم للعميد باعتبار أن الوقائع قد جدت في مكتبه وتم التهجم عليه وهناك شهود ونرجو أن تكون هذه المحاكمة من "حواشي" كلية منوبة وان لا تكون منطلقا لتعقيد الوضع من جديد. عدد الطلبة بالمركب الجامعي بمنوبة مستقر إلى حد ما، بل إن العدد هذه السنة اقل بقليل من السنة الماضية باعتبار عدد الناجحين في الباكلوريا، وأيضا لأننا حرصنا مع سلطة الإشراف، التي كانت متفهمة، على أن يكون عدد الموجهين إلى الجامعة عدد معقول خاصة أن عدد الأساتذة القارين محدود وعدد الأساتذة من الصنف "أ" من أساتذة التعليم العالي والمحاضرين اقل بكثير وهذه النقص مفهوم باعتبار جامعة منوبة تعتبر "شابة" (12 سنة) ولكن النزيف الكبير الموجود هو في العدد الكبير للأساتذة المتعاقدين من الذين لا ينتمون قانونيا إلى سلك المدرسين الجامعيين، بل اعتبرهم طلبة، لان ما يتقاضونه يعتبر منحا لإتمام بحوثهم وليست أجورا بمفهوم قانون الشغل، ورغم أنهم طالبوا بالإدماج في السنة الفارطة غير أن التوجه العام للوزارة هذه السنة هو تجديد العقود. * نفهم من كلامكم أن علاقتكم بسلطة الإشراف طيبة خاصة فيما تعلق بطاقة استيعاب الجامعة؟ * السياق الجديد الذي نعيش فيه اليوم بعد انتخاب المسؤولين الجدد على التعليم العالي بما في ذلك رؤساء الجامعات، أوجد سياقا جديدا لم يخلو من جوانب سلبية خاصة فيما تعلق باستقلالية الجامعة من حيث التسيير والقرارات والتصرف الإداري والمالي وفي الموارد البشرية. ما ألاحظه شخصيا هناك نوع من التفكك في علاقات المؤسسات بالجامعات وفي علاقة الجامعات بالوزارة، وهذا التفكك له ما يبرره باعتبار أن الجميع في حالة بحث عن صيغ تعامل جديدة في تسيير الجامعة، وفي اعتقادي أن الصيغة الجديدة لا يمكن أن تقطع مع الماضي إلا بتكريس مفهوم الاستقلالية باعتباره من المعايير الدولية في أي منظومة جامعية، والمشكلة أن في الوزارة من يتوهم أن الاستقلالية تعني عدم المحاسبة والمراقبة وهذا توهم خاطئ بل فهم متخلف جدا بمقتضيات التسيير الجامعي، ونحن كمسؤولون جامعيون عندما نطالب بالاستقلالية فنحن نطالب أكثر بالمحاسبة والمراقبة الحقيقية. نحن اليوم نعيش هيمنة مطلقة من الوزارة الأولى عن طريق المحاسبة المالية ومراقبي المصاريف من وزارة المالية مما يعطل حتى المشاريع التي تخدم أهداف الحكومة، لغياب المرونة في التصرف المالي وفي الموارد البشرية، وهذه الهيمنة يجب أن تنتهي لأنها وضعت في عهد الدكتاتورية للسيطرة على المؤسسات العمومية، هذا من الناحية المالية. هناك الناحية الثانية وهي ما نسميه "مدخلات التعليم العالي"، فالمؤسسات الجامعية تقدم "الشهادات" وهي شهادات نوعية وهو ما يتطلب تصرفا محكما في الموارد البشرية، لكن جامعاتنا لا تتحكم معرفيا في الطلبة الوافدين عليها لان عملية التوجيه ممركزة لدى الوزارة، ولا تتحكم في انتداب الأساتذة ولا في انتداب الكفاءات والإطارات الإدارية ولا حتى في العملة لان عملية الانتداب ممركزة أيضا في يد الوزارة. الأمر المتحقق في الواقع وليس باقتناع الجميع وهو حرية القرار الأكاديمي، وفي الواقع هذا الأمر كان متوفرا في السابق في زمن الدكتاتورية وحافظ عليه الجامعيون وهم بصدد تطويره منذ 14 جانفي خاصة بعد القرار الهام والمتمثل في انتخاب رؤساء الجامعات. * على ذكر الحريات الأكاديمية، ونحن بصدد كتابة دستور جديد هل هناك مسعى من الجامعيين لدسترة هذه الحريات باعتبارها العمود الفقري لنجاح وإشعاع الجامعة التونسية؟ * أولا أود أن أشير إلى أن مفهوم الحريات الأكاديمية في حد ذاته فيه شيء من الاختلاف، فما يفهم مباشره هو حرية التعبير وحرية التفكير وحرية الدرس، ولكن الحريات الأكاديمية في تعريف اليونسكو وفي تعريف أهل الاختصاص تتجاوز هذا الفهم الأولي إلى صياغة علاقات تشاورية مبنية على الحوار المفتوح بين كل مكونات الجامعة من طلبة وأساتذة وموظفين وعملة لصياغة عقد جامعي ديمقراطي. دسترة الحقوق الأكاديمية أمر مطروح لأنها جزء لا يتجزأ من الحريات العامة، ولان كل تمش ديمقراطي يمنع العودة بأي شكل من الأشكال إلى الديكتاتورية يمر حتما عبر دسترة جميع الحريات العامة والفردية ومنها الحريات الأكاديمية، والجامعة باعتبارها نوعية قادرة لان تكون مختبرا حقيقيا لنجاح المشروع الديمقراطي حتى قبل الانتهاء من صياغة الدستور. * باعتبار نوعية الفضاء الجامعي بنخبته المعرفية والثقافية وباعتبارها مختبرا لنجاح الديمقراطية، ألا ترون أيضا أنها مختبرا اليوم "للصراع" بين المشروع التنويري والحداثي والمشروع "الظلامي"؟ * الجامعة لا يمكنها إلا أن تكون حداثية، وما حدث في كلية الآداب كان أمرا مفروضا من الأطراف السلفية التي أرادت اختبار مدى قدرة الجامعة على رؤية ونظرة معينة وهذا الأسلوب معروف في جميع المراحل الانتقالية، وما وقع في منوبة أربك الجميع قبل حكم الترويكا وبعده أيضا، حتى صارت "ورطة". الأمر المطروح هو كيف يمكن للجامعة أن تحافظ على تقاليدها الجامعية وفي نفس الوقت أن تحترم الحريات الفردية حتى وان كانت "متطرفة"، وان تفرض معاييرها في التعامل مع ظواهر مثل السلفية كما تعاملت في السابق مع اليسار. واعتقد انه من الخطئ أن نطرح المسالة من زاوية الجامعة مقابل السلفية، مثلما لم تطرح من قبل الجامعة مقابل القومية أو اليسارية، رغم أن الأطراف السياسية اليسارية وحتى الإسلامية في الماضي كانت "تلوذ" بالفضاء الجامعي عندما كانت الدكتاتورية تضيق الخناق في الفضاء العمومي، أما اليوم فهذا الفضاء مفتوح لكل التيارات و"الصراع" يُدار في فضائه الحقيقي أي بعيدا عن الجامعة، ولذلك علينا أن نمنع أي محاولة للتحكم في الجامعة من أي إيديولوجيا لان الجامعة لا تحتمل إلا العمل النقابي. ومسألة النقاب مثلا هي مسالة محسومة باعتبار أن النظام الداخلي للجامعة يرفض قبول شخص مجهول الهوية، ونحن لا نفرق بين منقبة أو شخص من الطوارق أو شخص مقنع (cagoule ). في الولايات المتحدة الأمريكية أو في بريطانيا تقبل الجامعات بدخول مثل هؤلاء الأشخاص، ولكن هذه ليست حجة لضرب خيارات الجامعة التونسية ولا يمكن اعتمادها باسم حقوق الإنسان والحريات العامة لأنها منظومة كاملة لا تتجزأ. وعلى من يطالب بالحقوق أن يلتزم بالأساليب السلمية لا أن يلجأ إلى العنف وفرض رأيه بالقوة وتعطيل الدروس مثلما فعل السلفيون في كلية منوبة والخطأ الذي نتحمل مسؤوليته السنة الفارطة هو عدم تطبيق القانون بصفة فورية على من مارس العنف في الفضاء الجامعي. * هناك تخوف كبير اليوم من طرف الطلبة وأوليائهم والمدرسين من ارتفاع منسوب العنف والتهديد داخل الفضاء الجامعي، خاصة بعد إنهاء تواجد الأمن الجامعي فكيف ستواجهون مثل هذه الوضعية؟ * بكل بساطة أقول انه لو كان الأمن الجامعي متواجدا السنة الفارطة لوقع ما وقع من عنف وتصادم، لان الأمن الجامعي لم يتدخل البتة لفض مشكلة ما داخل الجامعة بل كان دوره الوحيد قمع الطلبة زمن الدكتاتور، وبالتالي فإن ذهاب الأمن الجامعي غير مأسوف عليه. المطلوب اليوم هو التفكير في توفير الأمن الجامعي على أسس جامعية وفق المعايير الدولية، وللأسف وزارة الإشراف لم تحرك ساكنا بخصوص هذا الجانب. في جامعة منوبة لنا 14 مؤسسة جامعية لم يقع فيها أي إشكال "امني" إلا في كلية الآداب السنة الفارطة، وبالتالي عموم المؤسسات الجامعية هي محمية بطبيعتها لان المواطن التونسي لا يرى في الجامعة إلا معقلا للعلم والمعرفة، وما حدث هو أمر ظرفي ومتعلق بقرار سياسي ضيق ينبغي أن تتحمل فيه الأطراف السياسية مسؤوليتها. * ولكن اليوم لم يعد خافيا على احد إصرار بعض الأطراف للسيطرة على الجامعة؟ * هناك وهم أن من يمتلك الساحة الطلابية سيمتلك الشارع، وهذا وهم ثبت انه لا يعدو أن يكون وهما، وعلى الأطراف السياسية أن تتأكد أنها لن تستطيع الهيمنة على الجامعة وعلى هذه الأطراف أن تكون مسؤولة ومن سيتجرأ ويحاول الهيمنة على الجامعة سينكسر على صخرتها. بالنسبة للعنف الموجود في الجامعة لا يقتصر على الظاهرة السلفية فقط، بل هناك مشاكل المخدرات والمتاجرة بالطالبات وبالتالي يجب أن تكون هناك مقاربة أمنية شاملة ويجب فتح حوار وطني حقيقي لتأمين الدور الفعلي للجامعة التونسية. والحلول الآنية والظرفية لا يمكنها أن تحل مشكلة العنف في الفضاء الجامعي. اليوم علينا أن نوجد تناغما حقيقيا بين أبناء الجامعة من طلبة ومدرسين وموظفين وعملة والجهاز الأمني والجهاز القضائي لتجاوز خطر العنف المهددة للجامعة التونسية. * هناك أحداث وطنية هامة ستعيشها تونس قريبا منها خصوصا إعلان الدستور الجديد والانتخابات القادمة، فكيف ترون انعكاس هذه الأحداث الوطنية على الطلبة والجامعة التونسية عموما؟ * سؤالك ينبني على تصور لما كان في السابق باعتبار أن في زمن الاستبداد كان الفضاء الجامعي هو الذي يستطيع أن يندد ويرفض ويعبر بكل حرية، الآن الفضاءات عديدة، وشخصيا أنا ضد أن تكون هناك إضرابات بسبب مثلا تأخر موعد الإعلان عن الدستور وضد إيقاف الدروس بسبب أحداث طارئة لا دخل للجامعة فيها. يكفينا من ردود الفعل الآنية ويجب أن نجعل من الجامعة قريبة من البرج العاجي لأنه المكان الوحيد الذي يمكننا من رؤية الواقع بطريقة أفضل. الجامعة للجميع ولا احد يملكها، والتهويل الإعلامي في السنة الفارطة هو الذي جعل من أحداث العنف سواء في منوبة أو سوسة أو قابس أو القيروان... أقحمت الجامعة في سياق هي ليست معنية به أساسا. * كإدارة، مع من ستتفاوضون حول مشاغل الطلبة، خاصة أن اليوم هناك الاتحاد العام لطلبة تونس والاتحاد العام التونسي للطلبة؟ * قانونيا لا يوجد إلا طرف واحد وهو الاتحاد العام لطلبة تونس، ونحن نتفاوض مع كل طرف يكون معبرا عن قضايا الطلبة وله تمثيلية في المجالس العلمية، وهي الوحيدة التي لها صبغة قانونية وشرعية وانتخابية رغم محدودية عدد المشاركين. ونحن نتفاوض معهم باعتبارهم طلبة ولا تهمنا لا ألوانهم الإيديولوجية ولا انتماءاتهم السياسية، ولا نخفيكم سرا أننا كجامعيين نشتكي من غياب الهياكل النقابية الممثلة للطلبة والسبب هو الخلط الذي ورثناه منذ مؤتمر فيفري 72. نحن نتفاوض على المطالب المادية والمعنوية للطلبة ولا نتفاوض على طبيعة النظام التونسي هل هو شبه شبه أم رأسمالي تابع. اليوم نحن بصدد الدخول في مرحلة التعددية النقابية واعتقد أن الطرف الأكثر تمثيلية للطلبة ومن لا يحاول تسريب السياسي إلى النقابي سيكون هو الطرف المفاوض بالنسبة لنا، وهنا أدعو الأطراف السياسية لرفع يدها عن الاتحاد العام لطلبة تونس. ثم نحن نرنو إلى أن تكون هناك تمثيلية بيداغوجية ونقابية وثقافية للطلبة. * ينتج طلبة الجامعة سنويا عددا مهولا من الإعمال الجامعية ولكنها تظل مركونة في الإدراج، فهل تفكرون في طرحها للقراء في المكتبات، خاصة أن فيها من الأعمال ما يضيف للمشهد العلمي والثقافي؟ * أولا يجب أن أوضح مسالة يتم تداوله مفادها أن ما كان ينشر سابقا من المنشورات الجامعية يتم وفق الولاءات الحزبية وهذا غير صحيح إطلاقا بل ما يحسب للجامعة أنها احترمت وحافظت على المعايير الأكاديمية والاستقلالية المعرفية في النشر الجامعي. أما الأعمال الجامعية للطلبة وخاصة رسائل الدكتوراه وهي كثيرة جدا، يجب هنا أن نقر بان الكثير منها لا يقدم إضافة علمية كبيرة وهذا ليس استنقاصا بل لان الإضافات العلمية تكون جزئية في الأبحاث وتندرج عموما في مشروع معرفي شامل، وبالتالي ليست كلها جديرة بالنشر، ولكن غالبا يُترك الأمر لرغبة صاحبها في النشر أو لوجود مثلا جائزة يمكن أن تتوج الأعمال المهمة ونحن في جامعة منوبة أنشأنا هذه السنة جائزة جامعة منوبة للبحوث لاستصفاء واختيار الأعمال الأكاديمية الجادة وستصدر نتائجها قريبا. * في سياق النشر أحدثتم السنة الفارطة مجلة "أكاديما" وكان لها الوقع الحسن منذ عددها الأول فهل ستتواصل هذه المجلة؟ * "أكاديميا" هي مجلة ذات بعد ثقافي ولكنها تُعنى بجل القضايا الجامعية وركزت في السنة المنقضية على توضيح خطها التحريري ووصلت إلى صيغة مرضية إلى حد ما. وستعود في بداية أكتوبر القادم إلى الصدور لتكون صوتا للجامعة المعبر عن قضاياها وشواغلها ونتمنى أن تعيش طويلا.

2012/09/04

حوار مع مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري:

ما دخل رئيس حركة النهضة في التحوير الوزاري؟! من حق الشعب أن يعرف مآل لجنة التحقيق في أحداث العنف يوم 9 افريل أجرى الحوار ناجي الخشناوي ـ تصوير كريم السعدي اعتبرت المناضلة مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري وعضوة المجلس الوطني التأسيسي، أن صيغة الفصل 28 تثير الاستغراب باعتبار أن مسودة التوطئة والمبادئ العامة في دستور "الجمهورية الثانية" ينص صراحة على مبدأ المساواة التامة والفعلية بين المرأة والرجل على أساس المواطنة، محملة في ذات الوقت مسؤولية ضرب هذا المبدأ لصمت وتواطئ كل من حزب التكتل والمؤتمر من أجل الجمهورية، معتبرة أن المسيرة الاحتفالية بعيد المرأة (13 أوت) التي انتظمت في عديد ولايات الجمهورية رسالة تنبيه وتحذير لكل من تسول له نفسه المساس بالمرأة التونسية رمزا للجمهورية. في هذا الحوار تتطرق المناضلة مية الجريبي إلى ما حف بالفصل 28 من الدستور وآخر مستجدات الحزب الجمهوري وآفاق الجبهات الانتخابية القادمة. * كنت أول أمينة عامة لحزب سياسي في تونس وترشحت لرئاسة المجلس التأسيسي، فهل تعتبرين أن هذه الوظائف القيادية ستظل مكفولة للنساء التونسيات على ضوء المتغيرات الحاصلة في تونس؟ * التونسيات قطعن أشواطا مهمة في المشاركة في النشاط العام بدءا من حركة التحرير ومرورا ببناء الدولة الحديثة وصولا إلى الإطاحة بالنظام السابق، وأعتقد أن ما حققته المرأة التونسية من مكتسبات لم تكن مسقطة ولم تأت من فراغ، إنما اقتلعتها عن جدارة وباستحقاق، وأعتقد أن وجود المرأة في المواقع الريادية والقيادية دون إمكانياتهن الحقيقية. الآن نعرف أن هناك دعوات للتراجع عن هذا الموقع المتقدم والنكوص بمسيرة مشعة للمرأة التونسية المتحققة على مدى عقود وعلينا كمناضلين سياسيين وجمعياتيين وعلى كل فئات الشعب التونسي أن يقف صفا واحدا أمام هذه الهجمات وأن يبرهن على فطنته وحذره من المشاريع التي تحاول شد حركة التاريخ إلى الوراء، وما حصل ليلة 13 أوت بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة خير جواب على كل مشكك في قيمة المرأة التونسية. * قبل وبعد 14 جانفي كانت المرأة في الصفوف الأمامية لجل التحركات، وكان مطلب المساواة مركزيا في كل تلك التحركات، وتضمن ما لا يقل عن 40 مشروع دستور قدم للمجلس التأسيسي مبدأ المساواة بما يعني وفاقا وطنيا حول هذا الاستحقاق، غير أن الفصل 28 مثل "نشازا" دستوريا؟ * أعتبر أن مبدأ المساواة قيمة إنسانية وهي محل توافق وطني في صفوف الشعب التونسي لا نخبته الفكرية والسياسية فقط، وهذا التوافق أسست له الحركة الإصلاحية التونسية المتأصلة في تاريخها والمنفتحة على التاريخ الحضاري المستنير، بدءا من خير الدين ومرورا بالطاهر الحداد والفاضل بن عاشور، وهو تيار متواصل في الزمن... وبالفعل فإن مشاريع الدساتير المقدمة للمجلس التأسيسي وعلى رأسها مشروع دستور الاتحاد العام التونسي للشغل نصت جميعها على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، ومهم أن نستذكر هنا وثقية 18 أكتوبر التي جمعت أطرافا من اليسار ومن القوميين ومن الإسلاميين وقد ثمّنت آنذاك الهيئة في الوثيقة المكاسبَ التي جاءت بها مجلةُ الأحوال الشخصيّة التونسيّة، ورأت فيها ثمرةً لحركة إصلاحيّة تنويريّة خلّصتِ المرأةَ من قيود عصور الانحطاط الاجتماعيّة والثقافيّة، وأسهمتْ بذلك في تحرير نصف المجتمع وتحديثه مع الحفاظ على مقوِّمات هويّته الحضاريّة الخصوصيّة. وطالبت الهيئة بتعميق هذه المكاسب، في توافق مع المواثيق الدوليّة المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، وقد التزم الجميع وقتذاك بالنضال من أجل تكريس هذا المبدأ وتطويره ايجابيا، ولذلك أعتقد انه لا مجال اليوم للتراجع عن هذه الالتزامات والنكوص بتلك العهود. والفصل 28 من الدستور الحالي يثير الاستغراب، فإذا كنا نؤمن بمبدأ المساواة كما يقول إخواننا في كتلة حركة النهضة فلماذا يتم التخلي عن هذا المصطلح التأسيسي وتعويضه بكلمة "التكامل"؟! خاصة أن مسودة التوطئة والمبادئ العامة تنص صراحة على المساواة وكل أعضاء المجلس الوطني التأسيسي متفقة على ذلك باعتباره مبدءا يوحد كل التونسيين، غير أن هذا الفصل بالصيغة المقترحة من كتلة حركة النهضة كان مفرقا للجميع لذلك دعوتنا لكافة الكتل أن نتوحد ونوحد كل التونسيين من خلال التنصيص صراحة ووضوحا على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل. *كيف تقيمين تراجع حركة النهضة اليوم وهي في الحكم عن مبادئ 18 أكتوبر وخاصة فيما تعلق بمبدأ المساواة بين المرأة والرجل والحريات العامة والفردية؟ *نحن نشهد ازدواجية في الخطاب تَسم أداء حكومة الترويكا والحزب الحاكم بصف خاصة، فوثيقة 18 أكتوبر كانت محطة تاريخية تؤسس لعلاقة ديمقراطية تعددية بين كل العائلات الفكرية حتى نتعايش بسلام بل ونتكامل في خدمة الصالح العام تحت علوية القانون، وفي إطار احترام المبادئ الديمقراطية الجامعة، لكن مع الأسف الشديد وقع التراجع عن هذا الاتفاق، والحقيقة أن التراجع عن هذه التعهدات لم يقتصر على وثيقة 18 أكتوبر، بل أيضا عن الوثيقة الممضاة عشية الانتخابات (23 أكتوبر) التي التزمنا بمقتضاها جميعا بأن لا يتجاوز عمل المجلس التأسيسي مدة السنة. ازدواجية الخطاب نلاحظها أيضا في مجال استقلال القضاء، حيث يعلنون عنه شفويا ويرفضون التنصيص عليه في القانون، وكذلك الأمر في خصوص المساواة بين المرأة والرجل، وأنا أعتبر أن صمت الحزبين "المشاركين" في الحكم (حزب التكتل من اجل العمل والحريات وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية) عن مثل هذه التراجعات الخطيرة لا يمكن إلا أن يحمل اسما واحدا هو "التواطؤ". *في سياق هذا الخطاب المزدوج، كيف تقيمين تعامل الحكومة الحالية مع الأعياد الرسمية مثل عيد الجمهورية وعيد الشهداء وعيد المرأة، وهل ترين أن إبداء التجاهل لهذه الأعياد من ناحية، وممارسة العنف والقمع ضد المحتفلين من ناحية ثانية، مرده الطبيعة الانتقالية للمرحلة أم هي سياسة إستراتيجية لضرب مقومات النظام الجمهوري؟ *من ليس له ماض لا يمكن أن يزعم بناء المستقبل، والماضي لدى كل الشعوب يتجسد ويتمظهر في الأعياد الوطنية والشعبية. ما استغربه أن حكومتنا المؤقتة منذ أن تولت مقاليد الحكم لم تحفل بأي مناسبة لا وطنية ولا شعبية. في 20 مارس، عيد الاستقلال، قلنا إنهم حديثون بالحكم لكن تواصل الأمر، ففي يوم 9 افريل عيد الشهداء، وقع "الاحتفال" بالمتراك وبالغاز المسيل للدموع ولا يفوتني هنا أن أسأل عن مآل اللجنة التي تشكلت للتحقيق في أحداث العنف المنظم الذي سلط على الشعب يومها. كما تجاهلت الحكومة عيدين وطنيين بقيمة عيد الجمهورية (25 جويلية) وعيد المرأة (13 أوت)، ولكن نحن في الحزب الجمهوري ومع كل مكونات المجتمع المدني الحية والغيورة على تاريخ تونس والمفتخرة بأعيادها الوطنية والشعبية، كنا نحتفل في كل مرة ونعبر عن وفائنا لكل الأجيال التي سبقتنا وناضلت من أجل حياة أفضل لنا، وقد نظم الحزب الجمهوري اجتماعا شعبيا ضخما في شارع الحبيب بورقيبة يوم 25 جويلية 2012 واحتفلت الأحزاب والجمعيات والمنظمات بيوم المرأة بالزخم الذي لاحظه الجميع، كما حرص الحزب الجمهوري أن لا تقتصر هذه الاحتفالات على تونس العاصمة بل انتظمت الاحتفالات في قابس وصفاقس ونابل والمهدية والمنستير وبنزرت وبنعروس وغيرهم من الولايات. الاحتفال بعيد المرأة كانت احتفاليا وكذلك تعبويا للوقوف في وجه خطر التراجع عن مكتسبات المرأة والمجتمع التونسي. *في كلمتك في قصر المؤتمرات بمناسبة عيد المرأة كنت توجهت برسالة للحكومة وصفتها بالتاريخية ؟ *إن اجتماع 13 أوت في قصر المؤتمرات والذي سبقته مسيرة ضخمة انطلقت ليلا في شارع الحبيب بورقيبة مرورا بشارع محمد الخامس، والتي ضمت أحزابا سياسية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني والنقابي يؤسس إلى صيغة تجميعية لكل القوى الديمقراطية الوسطية والمعتدلة لمواجهة كل أخطار الاستبداد بأشكالها الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وهذا التجميع يكتسي أهمية بالغة بعلاقة بالاستحقاقات الدستورية والسياسية القادمة وبذلك فهو يكتسي بعدا تاريخيا، وما قلته في كلمتي تحذير من الانحرافات الخطيرة التي تأتيها الحكومة المؤقتة. * وفقا لتصريح سابق ذكرت أن قرار منع التظاهر يوم 13 أوت تم الإعلان عنه في اجتماع حزب سياسي (حركة النهضة) فهل يعني أن وزير الداخلية، الذي اعتبرته في السابق عديد النخب السياسية قد أظهر من الكفاءة ما يخول له أن يكون رجل دولة محايد، فهل يعني هذا أن الدولة التونسية عادت إلى مربع الاستبداد والى سيطرة الحزب الحاكم على دواليب الدولة؟ *مظاهر التداخل بين الحزب "الحاكم" ومؤسسات الدولة عديدة وتبعث على الانشغال وتؤكد مرة أخرى أننا لم نقطع بعد مع أساليب العهد الماضي، فنرى على سبيل المثال رئيس حركة النهضة يعلن عن تحوير وزاري وشيك وهو لا يتقلد أي منصب حكومي! ونرى مسؤولين حزبيين يستغلون القاعة الشرفية لمطار تونس قرطاج لاستقبال ضيوفهم الحزبيين تحت رايتهم الحزبية، أما عن تصريحات الولاة الذين من المفترض أن يتحلوا بالحياد والاستقلالية، فهي عبارة عن حملات انتخابية سابقة لأوانها، أما عن تبريرات لممارسات حزبية حدث ولا حرج وليس أدل على ذلك من ممارساتهم فيما يتعلق بالنيابات الخصوصية التي تنم عن نزعة سيطرة واستحواذ وهيمنة تفتح المجال أمام كل الأخطار. أن تحقيق أهداف الثورة التي جاءت من اجل تحقيق الكرامة لكل المواطنين مهما كانت انتماءاتهم تفرض على كل الوطنيين الوقوف صفا واحدا ضد هذه الانزلاقات الخطيرة. *بعد نجاح مؤتمركم التوحيدي، وفي خضم التكتلات والجبهات الانتخابية والإستراتيجية، هل هناك آفاق جديدة للالتقاء مع مكونات سياسية أخرى؟ *البناء الديمقراطي يفترض التوازن بين الأطراف السياسية لتأمين التداول على الحكم وهو الركن الأساسي للنظام الجمهوري وهذا التوازن يفترض تجميع الجهود وتوحيد العائلة الديمقراطية الوسطية المعتدلة. هذا الالتقاء الذي ضم إلى جانب الحزب الديمقراطي التقدمي ائتلاف عدة أحزاب وسطية تقدمية مثل حزب آفاق تونس والحزب الجمهوري إلى جانب تشكيلات سياسية حديثة العهد وهي حزب الإرادة وحزب الكرامة وحركة بلادي وحزب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية إلى جانب شخصيات وقوائم مستقلة، هو التقاء ليس خيارا بل هو ضرورة وليس تمشيا حزبيا لبعض الأطراف، وإنما مطلب واسع تعبر عنه عديد النخب والمواطنين في بلادنا، لذلك قرر المكتب السياسي للحزب الجمهوري المنعقد مؤخرا في صفاقس فتح باب المشاورات مع كل الأحزاب والجمعيات والمنظمات التي نلتقي معها في نمط المجتمع الذي ننشده لتكوين أوسع جبهة ديمقراطية ممكنة في أفق الاستحقاق الانتخابي القادم. *ولكن أفضى هذا التوحيد إلى انقسامات داخل الحزب الديمقراطي التقدمي وكذلك في صفوف الحزب الجمهوري، فهل هناك مبادرات لإعادة مناضلي الحزب خاصة أمام حركة الاستقطاب الواسعة التي تقوم بها بعض القوى على غرار نداء تونس؟ * أولا نحن نحترم كل الخطوات التي تقوم بها الأحزاب الأخرى في إطار من الأخلاق السياسية ونؤكد تواصلنا مع الأحزاب الوسطية والمعتدلة من اجل جبهة انتخابية، والحزب الديمقراطي التقدمي جسد مساره التوحيدي بانصهار تسعة (9) أحزاب إلى جانب 15 قائمة مستقلة، رغم أن الرأي العام السياسي والوطني لا يذكر إلا ثلاثة أحزاب فقط. والآن تجاوزنا هذه المرحلة، ومؤتمر الحزب الجمهوري تزامن مع انسحاب عدد من الكوادر السياسية، وبالطبع نحن نأسف لهذا الانسحاب، ونأسف أننا عندما كنا نطرح مسالة التوحيد نَزَعَ بعض من إخواننا إلى التفرقة، وكما قلنا في عديد المناسبات أن هذه الانسحابات جاءت رفضا لنتائج مؤتمرنا الذي كان ديمقراطيا وشفافا، وعلى كل حال نحن تجاوزنا هذه المرحلة والحزب الجمهوري يشق طريقه بثبات، ولا أدل على ذلك هذا الامتداد الجغرافي ونجاح تحركاتنا الميدانية والتجاوب الشعبي العفوي وربما مسيرة الاحتفال بيوم المرأة 13 أوت دليلا آخر على ثبات نهجنا الوسطي والمعتدل. تجاوزنا مرحلة الانقسامات وعسى أن يجد كل الديمقراطيين والمعتدلين بعضنا البعض في خدمة تونس. * تم مؤخرا عرض تقرير بسير المشاورات بين حزبكم وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي ونداء تونس، هل لنا أن نعرف بعض التفاصيل من هذا التقرير؟ * تنادينا، نحن الأحزاب الثلاثة للحوار وتقريب وجهات النظر بخصوص الراهن السياسي وأيضا للبحث في سبل تجميع طاقاتنا، وقد أكدنا على خطورة الوضع العام بالبلاد والمتسم بنزعة السيطرة والهيمنة من الحزب الحاكم، وبوضع اجتماعي على حافة الانفجار، ووضع سياسي ملتبس بحالة من الغموض الشديد في خصوص خارطة طريق واضحة المعالم، كل هذه المؤشرات كانت أرضية مشتركة لنا ضمن هذا التقرير وقد تم عرض التقرير على الحزب الجمهوري الذي ثمن التوازن السياسي بين الأحزاب الثلاثة، وكلف الحزب الجمهوري الهيئة التنفيذية بإطلاق المشاورات مع الأحزاب الوسطية واليسار المعتدل ومنظمات المجتمع المدني لتكوين أوسع جبهة ديمقراطية تؤمن المسار الانتقالي نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وفي هذا الإطار لا يسعني إلا أن اثمن "الجبهة الشعبية" التي تشكلت مؤخرا بين عدة أحزاب يسارية وهو ما يدل على أن كل الأطراف قد استخلصت الدرس من الانتخابات السابقة ومن حالة التشتت، وهذه الجبهات سوف تيسر الأمور على المواطن ليتمكن من حسن الاختيار. *دعا الحزب الجمهوري منذ مدة إلى حل الحكومة وتكوين حكومة إنقاذ وطني، هل هذا المقترح مازال ساري المفعول في هذه الفترة؟ *عديد الأطراف الوطنية، (أحزاب وجمعيات ومنظمات وكذلك مواطنين ) تؤكد على فشل الحكومة، هاته الحكومة التي انتظر منها المواطن المضي قدما في تجسيد البرامج التنموية العادلة والتي تمتص جزءا من البطالة المتفاقمة في صفوف الشباب وتحدث حركية اقتصادية، هاته الحكومة التي فشلت في تشبيك منظومة الحريات العامة والفردية وفي إرساء العدالة الاجتماعية، وفي إحلال الأمن، لكن مع الأسف الشديد نلاحظ خطابا مزدوجا خاصة فيما تعلق بالحريات، وكذلك لم تتراجع نسبة البطالة بل تفاقمت، ورأينا خطاب الرضى عن النفس تطلقه الحكومة في كل مناسبة وبالمقابل ولا تلقي إلا باللوم على الأطراف الأخرى من معارضة وإعلام وحتى المواطن المحتج والرافض لوضعه المزري لم يسلم من الحكومة. هذه الحكومة تنصلت من مسؤوليتها وعليها أن تقر بفشلها وهذا ما يدفعنا للبحث عن سبل إنقاذ وطننا، وقد قدم الحزب الجمهوري حلا يضمن يتمثل في توافق وطني واسع حول حكومة محدودة العدد (15 وزيرا) متركبة من كفاءات مشهود لها بعيدا عن المحاصصة الحزبية وتتبنى برنامج إنقاذ وطني عاجل بما يفسح المجال أمام إجراءات عاجلة وناجعة وبما يفسح المجال أيضا أمام الأحزاب السياسية وأعضاء المجلس الوطني التأسيسي لإنهاء صياغة الدستور. *الحكومة دائما ما تعلن أن هناك حوارات ومشاورات جارية مع المعارضة هل كنتم، الحزب الجمهوري، طرفا في هذه المشاورات؟ * أعتقد انه لا يمكن أن نؤمن الاستمرار إلا بالحوار بين المعارضة والحكومة، غير أن الترويكا متقوقعة على ذاتها، رافضة الاعتراف بالأخطاء وتغلق باب الحوار، ورغم كل التصريحات التي نسمعها من حين إلى آخر بخصوص التشاور والتحاور فان المناسبة الوحيدة التي التقى فيها رئيس الحكومة المؤقتة مع المعارضة تعود لأشهر خلت وكان لقاءا عاما!!! *يبدو أن الإعلام والقضاء هما الحلقة المحددة لتغول الترويكا ولذلك لا تتواني حركة النهضة في السعي الجاد للاستحواذ على الإعلام وتطويع القضاء، وأمام التعيينات الأخيرة في قطاع الإعلام من ناحية وتضارب التصريحات بشأن إطلاق سراح النقابيين المعتقلين من ناحية ثانية كيف ترون مستقبل هذين القطاعين؟
* لا ديمقراطية بدون قضاء مستقل واعلام حر، وانه لمن المحزن ان الحكومة تسعى جادة منذ اول يوم لتدجين الاعلام وتطويع القضاء، تارة بشن الهجومات على الاعلاميين وطورا بالخروج علينا بمشروع خوصصة الاعلام العمومي، وهنا لا يفوتني ان أشيد بالوقفة الحازمة لابناء القطاع ولكل مكونات المجتمع السياسي والمدني والحقوقي في الدفاع عن قطاع الاعلام عموميا مستقلا، وبالمناسبة احيي الوقفة الاحتجاجية التي قام بها الصحافيون أمام جريدة عريقة (الصباح) للدفاع على حرية الكلمة ورفض التعيينات المسقطة. القضاء بدوره يشهد استهدافا من طرف السلطة التنفيذية، وما بالعهد من قدم يذكر الرأي العام الوطني عزل 81 قاضيا في ظروف غامضة تفتقد إلى الشفافية من طرف السلطة التنفيذية التي قامت الثورة من اجل أن ترفع يدها عن السلطة القضائية، وكما تابع الرأي العام الوطني شهد المجلس الوطني التأسيسي جدلا كبيرا بين من يدافع عن استقلالية حقيقية للقضاء وبين من يريد أن يطوع هذا الجهاز... كل هذه المؤشرات تنبؤ بان القطع مع الماضي هو شعار أجوف.

2012/09/03

حوار مع المناضل حمة الهمامي أمين عام حزب العمال:

بهذه الأساليب سيتم تزوير الانتخابات القادمة أجرى الحوار ناجي الخشناوي ـ تصوير كريم السعدي في ذات الشقة التي حاصرها البوليس السياسي لسنوات طويلة استقبلنا المناضل التونسي حمة الهمامي، وبتلك الابتسامة التي تعلو محياه كلما اقتاده البوليس إلى احد الغرف المظلمة، خصنا زعيم حزب العمال بهذا الحوار، وكان واضحا وصريحا وحاسما في أجوبته على جملة الأسئلة التي طرحناها، والتي حاولنا أن تكون مواكبة لآخر تطورات المشهد السياسي في تونسي، بدءا بخطاب رئيس الجمهورية المؤقت محمد المنصف المرزوقي في مؤتمر حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، مرورا بتفاصيل الجبهة الشعبية وآفاقها الانتخابية والسياسية وصولا إلى مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل ودوره التاريخي لا في ثورة 14 جانفي فقط، بل في استقلال تونس... في هذا الحوار وجه حمة الهمامي جملة من الرسائل إلى الرؤساء الثلاثة والى عدد من الفاعلين السياسيين. * لنبدأ من الخطاب المفاجئ للرئيس المؤقت للجمهورية، وخاصة فيما تعلق بحركة النهضة، كيف قرأتم "اتهاماته"؟ * ما قاله المرزوقي في خطابه لم يكن مفاجئا أو غير منتظر، لأن تشكل الترويكا لم يكن على قاعدة مبادئ بل لغاية تقاسم المناصب رغم ما يوجد من اختلافات جوهرية بين الأطراف الثلاثة، وأمام فشل الحكومة المؤقتة في إيجاد حلول جذرية للمطالب الشعبية من ناحية وتغول حركة النهضة وفرض توجهها ورؤيتها على شريكيها في الحكم (التعيينات والقرارات الاقتصادية والاجتماعية...)، وكذلك في ظل "انطلاق" الحملة الانتخابية بطريقة غير قانونية، كان متوقعا أن يقول رئيس الجمهورية المؤقت ما قاله. ثم لا ننسى أن رئيس الجمهورية المؤقت تعرض للعديد من "الإهانات" من طرف حركة النهضة خاصة في نزع الصلاحيات عنه وفي قضية تسليم البغدادي المحمودي وفي تعيين الشاذلي العياري محافظا للبنك المركزي... اعتقد أن ردود فعل المرزوقي جاءت متأخرة جدا ولا يمكن أن تكون لها مصداقية لدى الرأي العام. * وكيف تقرؤون ردة فعل قياديي النهضة وخاصة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن تصريح غاضب لوزير الداخلية فيه نوع من التهديد بكشف "دوسيات" المرزوقي؟ * انسحاب عدد من قياديي حركة النهضة عبر بشكل واضح عن خيبة أملهم من رجل عدوه "صديقا" فوجدوه معارضا لهم، أما بخصوص تصريح السيد علي العريض وزير الداخلية فقد تم تكذيبه بشكل رسمي وقاطع، ولكن لو فرضنا أن العريض قال ما نسب إليه، فلا يمكنني أن أقول إلا أن مثل هذه الممارسات لا تذكرنا إلا بممارسة بن علي. * كلمة رئيس المجلس الوطني التأسيسي وُصفت بأنها "مهادنة" لحركة النهضة، بل مُمجدة لها؟ * ذاك هو مصطفى بن جعفر. لا يمكنه أن يكون مثل منصف المرزوقي على الأقل من الناحية السياسية، فهو لا يستطيع أن يقول "لا" لحركة النهضة، ولا أن يأخذ مواقف واضحة وحاسمة في بعض الأحداث. واعتقد عموما أن مواقفه هذه تعود أساسا إلى التفكك الذي أصاب حزب التكتل وللانسحابات المتوالية لمنخرطيه. وللتاريخ يجب أن نذكر أن بن جعفر ساهم في هيئة 18 أكتوبر 2005 ثم انسحب منها وانتقدها بشدة، بل اعتبرها حركة متشددة ودعا في نفس الوقت إلى الإبقاء على بن علي ونظامه والقبول ببعض الإصلاحات الشكلية. * بالتزامن مع مؤتمر حزب المؤتمر، انعقد مؤتمر الحزب الاشتراكي اليساري، وفي تصريح لإحدى الإذاعات قال محمد الكيلاني أنه لا فرق بين حركة نداء تونس وحزب العمال فيما يخص الدفاع عن قيم الجمهورية، وان هناك مساع "للتحالف" في هذه المرحلة... ما رأيكم في هذه المقارنة وما حقيقة هذه "المساعي"؟ * أعتقد أن ما تذكره لي من كلام على لسان محمد الكيلاني هو كلام يلزمه هو، ونحن لنا اختلافات جوهرية في ما يخص برنامجنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي مع حركة نداء تونس، ثم إن المطروح الآن ليس فقط الدفاع عن مبدأ الجمهورية بل ما هو محتوى هذه الجمهورية وما طبيعتها وسياستها الداخلية والخارجية... كل هذه النقاط نختلف فيها جذريا مع حركة نداء تونس، هذا فضلا عن كونها حركة ليبرالية. حتى حركة النهضة تتحدث عن الدفاع عن مبدأ الجمهورية وعن الدولة المدنية والجمهورية الديمقراطية، ولكن اعتقد انه ليس مهما الكلام عن الشعارات، وإنما المهم هو الإيمان بهذه المبادئ والقيم. حركة نداء تونس مازالت ترفع الشعارات ولم تتقدم برؤية متكاملة وببرنامج واضح ومفصل حتى يحكم عليها الرأي العام بشكل نهائي. اعتقد أن كلام محمد الكيلاني ليس في محله تماما، وانفي شخصيا تماما أن يكون هناك أي اتصال لا مباشر ولا غير مباشر بين حزب العمال وحزب نداء تونس. وهناك مسألة مهمة أود أن أشير إليها في هذا السياق، وهو الترويج الإعلامي المغلوط لما يسمى استقطابا ثنائيا، إما مع حركة النهضة أو مع حركة نداء تونس، وهو ما يذكرني سابقا ما كان يروج له بن علي، إما معه هو أو مع الاتجاه الإسلامي... اليوم هناك جبهات سياسية تتشكل ورؤى تختلف والحكم وحده للرأي العام الشعبي لأنه الوحيد القادر على اختبار موازين القوى. * هناك من يتحدث عن إمكانية "التوحيد" بينكم وبين محمد الكيلاني خاصة انه كان من بين أهم مؤسسي وقيادات حزب العمال الشيوعي التونسي؟ * لا وجود لخلافات ذاتية بين مناضلي حزب العمال والحزب الاشتراكي، ولكن خلافاتنا سياسية بالأساس، والدليل على ذلك أن مثل هذا التصريح للكيلاني يمكن أن أقراه على أن حزبه لا مانع لديه من التحالف مع حركة نداء تونس، وهذا ما نختلف فيه معه، فنحن كحزب عمال ومع الحركة الوطنية الديمقراطية ومع القوى القومية وكل مكونات الجبهة الشعبية نسعى إلى تحقيق أهداف الثورة والتي لا نخال أن حركة نداء تونس ومعها الحزب الاشتراكي اليساري معنيان بتحقيق أهداف الثورة. * في سبر للآراء مؤخرا، حزتم على المرتبة الرابعة في عملية التصويت، فهل يعني هذا أنكم، في الجبهة الشعبية، قادرون على تقويض ما يُسمي بالاستقطاب الثنائي، وأن الأمل عائد للتيار اليساري والقومي والتقدمي ليأخذ حجمه الحقيقي؟ * رغم تحفظاتنا على ما ينشر من الإحصائيات والأرقام في عمليات سبر الآراء، إلا أن هذا الترتيب يمكن أن يكون مؤشرا ايجابيا على تفاعل الرأي العام الشعبي مع الجبهة الشعبية في الوقت الذي نلاحظ فيه تراجعا لدى بعض الأطراف الأخرى بما فيها الترويكا. هو مؤشر ايجابي ولكنه جزئي، ونحن في الجبهة الشعبية متفائلون لعدة أسباب، أولها أن اللحظة الراهنة لم تجمعنا ولكن تاريخنا النضالي هو قاسمنا المشترك الأول، ودون مزايدة أقول أن محكمة أمن الدولة أنشأت خصيصا لليساريين والقوميين في الحركة النقابية والطلابية والحقوقية والسياسية... ودون مزايدة أيضا التاريخ يشهد لكل القوى اليسارية والقومية والقوى التقدمية وفي مقدمتها الحركة النقابية والحقوقيين بأنهم كانوا في الصفوف الأمامية للاحتجاجات الشعبية التي توجناها بإسقاط الدكتاتور يوم 14 جانفي. نقطة الضعف التي اعترت هذه القوى الحية هو التشتت وعدم التنسيق والعمل المشترك، ولكن بعد انتخابات 24 أكتوبر ثمة من قام بعملية حسابية بسيطة أثبتت أن الأصوات التي جمعتها القوى اليسارية في تونس تؤهلها لان تحتل المرتبة الثالثة لو لم تكن مشتتة (بين 32 و34 مقعدا في المجلس التأسيسي). ثم إن السعي المحموم لحركة النهضة لإعادة إنتاج نظام ديكتاتوري أتعس من نظام بن علي كان رافدا مهما للتشبث بتوحيد القوى اليسارية والقومية في الجبهة الشعبية (12 حزب وتيار سياسي) إلى جانب عدد كبير من المستقلين. كل هذه المؤشرات يمكن أن تخرجنا من "مربع" المعارضة إلى الحكم ومن قوة احتجاج إلى تنفيذ أهداف الثورة دون مواربة أن تلكؤ كما نرى اليوم. * ولكن قبل انتخابات 23 أكتوبر تشكلت بعض الجبهات والأقطاب ذات التوجه اليساري والتقدمي غير أن "نزعة" الزعامات ساهمت بشكل مباشر في هزيمتكم في انتخابات المجلس التأسيسي، فهل ستُحسم هذه النزعة نهائيا بعد تشكل الجبهة الشعبية؟ * أثناء انتخابات 23 أكتوبر لم تكن هناك مسألة زعامات بالشكل الذي يتم الترويج له، ولكن كانت هناك عديد المسائل الرئيسية منها بالخصوص الاختلاف في الموقف من الالتحاق بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، والموقف من حكومة السبسي آنذاك مما أثر على نتيجة الانتخابات... حزب العمال والى آخر لحظة ظل ينادي بقائمات موحدة على كل الدوائر، غير أن بعض شركائنا طرحوا قائمات موحدة جزئية... ثم لا ننسى أن في تلك الفترة لم يكن هناك وعي كبير للرهان على المشروع اليساري بقدر ما كان رهان على مشروع مجتمعي. الآن وقع تقييم كل هذه المسائل بجدية داخل الجبهة الشعبية وتم تقديم النقد والنقد الذاتي من كل طرف في الجبهة... المسؤولية تحملناها جميعا ولم تلق على طرف بعينه وهذا مهم وأساسي. * هل لكم أن تطلعونا على تفاصيل هيكلة الجبهة الشعبية؟ * لأن جبهتنا سياسية استراتيجية وليست انتخابية، واعتبارا من دروس التجربة الماضية ستكون هناك قيادة مستقلة على المستوى الوطني ولن يكون هناك نضال حزبي بل جبهوي، كذلك الهيكلة ستمتد جهويا ومحليا وفي القرى إلى جانب الانتشار القطاعي، وهناك مجلس وطني وهيئة تنفيذية وهيئة موسعة لاتخاذ القرار، ونحن الآن بصدد تدارس مقترح مهم سينص على أن المستقلين سيمثلون ثلث المقاعد في جميع الهيئات. * كيف تردون على حملات التشويه الممنهجة ضدكم وضد المناضل شكري بالعيد؟ * الأطراف المناوئة للجبهة وفي مقدمتها حركة النهضة تنتهج تكتيك بن علي، ففي البداية قالوا أن اليسار لن يتوحد، والآن ابتدعوا حكاية أن راضية النصراوي ستكون وزيرة البيئة، ثم أثاروا مسالة الزعامات وحاولوا تغذيتها بيني وبين شكري بالعيد تحديدا، ثم هم الآن يواصلون شن حملة منظمة على المناضل شكري بالعيد الغاية منها إرباك مسار الجبهة والذي يعتمد التركيز على الشخصيات البارزة، وكلنا نتذكر كيف ركز نظام بن علي على أحمد بن صالح لضرب حركة الوحدة الشعبية، ثم ركز على أحمد المستيري زعيم حركة الديمقراطيين الاشتراكيين وركز على الزعيم الحبيب عاشور لضرب الاتحاد... التركيز على شكري بالعيد الآن هو لغاية ضرب حركة الوطنيين الديمقراطيين لأنه يتزعم المسار التوحيدي ولكن أقول لمن يروج هذه الأكاذيب أتحداكم أن تنشروا أي دليل على ما تتهمون به شكري بالعيد، بل أتحداكم جميعا أن تنشروا أرشيف البوليس السياسي... * هناك إصرار "للاستيلاء" على مؤسسات الدولة لغايات انتخابية، وهناك من يطوع وسائل الإعلام لنفس الغايات، وفي نفس الوقت لم تحسم مسألة الهيئة العليا للانتخابات، ألا ترون أن تفاؤلكم مبالغ فيه أمام هذه الأساليب؟ * بن علي استخدم مؤسسات الدولة وسقط واستغل الإعلاميين وسقط كذلك... نحن نؤمن أن مؤسسات الدولة هي ملك الشعب لا الأحزاب وكذلك نؤمن باستقلالية الإعلام وحياده في العمليات الانتخابية، والجبهة الشعبية ملتصقة بالحركة الطلابية والحركة النسائية وبعدد كبير من الإعلاميين النزهاء وبالنقابيين والحقوقيين والعمال والفلاحين وهم نقاط قوتها ورأسمالها الرمزي. الأكيد إن إمكانيات الجبهة المالية متواضعة ولكن النشاط النضالي والتطوعي سيكون سندنا، أيضا في الجانب الإعلامي لدينا عدد كبير من الشباب الناشط على الشبكات الاجتماعية ولكنه ليس منظما في عمله، كذلك لا تنسى أن كل وسائل الإعلام فيها صحافيات وصحافيون يحملون الفكر التقدمي، أما فيما يتعلق باستغلال مؤسسات الدولة فيكفينا اليوم إن نتابع الحركات الاحتجاجية من الجماهير الشعبية الرافضة للتعيينات الحزبية من طرف حركة النهضة وأيضا المراقبة المستمرة والحذر والتثبت من محاولات استغلال المرافق العمومية، وأود أن أقول هنا أن حركة النهضة بمحاولاتها هذه ستأكد تزوير الانتخابات القادمة خاصة أن النهضة والترويكا عموما لا تريد أن تكون الهيئة العليا للانتخابات مستقلة، كما أن القانون الانتخابي إلى الآن مازال غامضا، وهناك صراع على مكاتب الاقتراع... اليوم لا يمكن أن نفكر فقط في الانتخابات، بل علينا أن ننتظر إمكانية حدوث انقلاب، ووارد جدا أن يتعفن الوضع ويحدث انقلاب وقد يحدث من داخل الترويكا ذاتها. حركة النهضة اليوم تريد وضع يدها على وسائل الإعلام، وتسعى للسيطرة على الإدارة التونسية وترفض استقلالية السلطة القضائية، وكذلك على جهاز الأمن وفي علاقتها بشعار "أزلام النظام" فكلنا اليوم يشاهد كيف تقوم النهضة بتعيين التجمعيين على رأس المؤسسات الحساسة في البلاد، وواضح أن النهضة لا تريد أن يعاود التجمع حكم البلاد وإنما ترغب في التحكم فيه أو مسك الحكم بيده، والنهضة أثبتت أنها ليبرالية أكثر من نظام بن علي ونحن اليوم نعيش استعمارا فلاحيا جديدا من خلال التفويت السري والعلني للأراضي التونسية للقطريين والسعوديين والأتراك والإسبان... من ناحية والمحافظة على اتفاقيات الشراكة الاقتصادية والأمنية والعسكرية التي أمضاها نظام بن علي إلى جانب ضرب مكاسب المرأة والحريات الفردية والعامة. * ألا ترون أن ملفات الفساد أصبحت بمثابة وسيلة للمقايضة والتهديد خاصة في قطاع الإعلام وسلك القضاة؟ * الثابت والأكيد أن حركة النهضة ليس في برنامجها لا مقاومة الفساد ولا محاسبة الفاسدين سواء في الإدارة أو الإعلام أو القضاء، والدليل التعيينات الغريبة على رأس الإدارات والمؤسسات الإعلامية، ولو قام سامي الفهري بتغطية مؤتمر حركة النهضة لمَا تم اتهامه... والأعمال التي يقوم بها وزير العدل الآن لا تثير إلا الشبهات... كل هذا طبيعي لان حركة النهضة ليست حركة ثورية. * وكيف تنظرون إلى مسألة التعويضات؟ * من يستحق التعويض أساسا هو الشعب التونسي المفقر والجهات المحرومة، في حين أن تعويض الأفراد الذين تريد حركة النهضة أن تمنحهم الملايين، يجب أن يكون آخر شيء وبعد التدقيق الشفاف لكل من قُمع في السابق، والأخطر أن عادل العلمي مثلا اعتبر التعويضات غنيمة بعد الفتح الرباني! وبالمقابل مثلا أجرة نائبة مصطفي بن جعفر تساوي أجرة 38 عامل! ولا أحد من وزراء هذه الحكومة صرح بممتلكاته! ولا أحد يعلم حجم مصاريفهم الآن! * كيف ترون علاقة السلطة اليوم مع الاتحاد العام التونسي للشغل؟ * سلوك الحكومة المؤقتة وتحديدا حركة النهضة تجاه الاتحاد العام التونسي للشغل هو نفس السلوك الذي انتهجته الحكومات السابقة، وإذا كانت حكومة بورقيبة أو بن علي كانت تريد تركيع الاتحاد خوفا من قوته في البلاد، فان حركة النهضة تعسى لضرب الاتحاد لأنها لا تؤمن بتاتا بالعمل النقابي كايديولوجيا، ثم هي حركة ليبرالية محافظة ولا تهتم للعمال، ولذلك تسعى إلى "التنويت" داخل هياكل الاتحاد لتفكيكه ولنتذكر جيدا موقف الإسلاميين من أحداث 26 جانفي 1978 ألم يعتبروا تلك الأحداث "فتنة"، وفي عام 75 في أول إضراب عام في الوظيفة العمومية الذي قام به الأساتذة كان قياديي النهضة الموجودون إلى الآن ضد الإضراب... * وكيف تقيمون المبادرة الوطنية التي أطلقها الاتحاد؟ * المبادرة ايجابية وكنا ننتظر من الاتحاد أن يقوم بتفعيلها بشكل جيد، وقد لاحظنا أن جميع الأطراف استحسنت المبادرة ما عدا حركة النهضة التي اعتبرت أنها "أتت في الوقت الضائع" ثم تداركوا الأمر فيما بعد ولكن موقفهم الأول هو الصحيح لأنهم يرفضون الحوار ويعتبرون أنهم الوحيدون الذين يجب أن يطلقوا المبادرات باسم "الشرعية الانتخابية" وهنا أود أن أقول لحركة النهضة أن أدولف هتلر كانت له شرعية انتخابية بنسبة 34 بالمائة. اعتقد أن على الاتحاد أن يتصرف كطرف حاسم في البلاد، لان فرحات حشاد زمن الاستعمار كان حاسما وقال " من لم يذهب إلى السياسة أتته هو" واليوم نحن نعيش استعمارا جديدا. * اتهمت الحكومة الحالية الاتحاد بحماية القوى اليسارية، بل أن زعيم حركة النهضة اعتبر أن الاتحاد تحالف مع بقايا النظام السابق واليسار المتطرف؟ * هذه تهمة من سجل الاستبداد وفاشلة، وتدخل في سياسة فرق تسد، وأذكر هنا أن في محاكمتي سنة 2002 اتهم وزير العدل آنذاك البشير التكاري بعمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل بمساندتنا... رسائل حمة الهمامي إلى : المنصف المرزوقي: (mieux vaut tard que jamais) مصطفى بن جعفر: "الله يسامحك" حمادي الجبالي: أتحداكم أن تنشروا ملفات الفساد وأرشيف البوليس السياسي حسين العباسي: الحذر كل الحذر من سياسة فرق تسد الطيب البكوش: التاريخ هو التاريخ الباجي قائد السبسي: ننتظر أن تقدم نقدا ذاتيا مية الجريبي:الحسابات الصائبة توصل إلى النتائج الصائبة عبد الفتاح مورو: السياسة ليست مراوغات كروية لطفي زيتون: متى تفهم أنك مستشار ولست وزيرا؟