بحث هذه المدونة الإلكترونية

2010/12/20

محروقاتنا وفواتيرهم

أكّدت المؤشرات الأخيرة لوزارة الصناعة أنّ تونس ستحقّق فائضا في ميزان المحروقات موفى السنة الجارية في حدود نصف مليون طن من النفط (الانتاج 9 مليون طن مقابل استهلاك 5،8 مليون طن).
ويذكر أنّ استثمارات تونس في قطاع التنقيب عن المحروقات وتطوير الحقول تضاعف بأكثر من خمس مرّات بين 2005 و2008 (من 500 مليون دينار إلى 7،2 مليار دينار).
كما بيّن التقرير السنوي للبنك المركزي التونسي أنّ عائدات تونس من الغاز الطبيعي ازدادت 2،8٪ السنة الفارطة لتصل إلى 2،3 مليون طن وظلّت الاستثمارات المخصّصة لهذا القطاع في مستوى مرتفع لم ينزل دون 9،1 مليون دينار رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية خلال 2009.
رغم هذه "المعطيات الايجابية" و"المؤشرات الهامة" إلا أنّ إمكانية ارتفاع أسعار المحروقات تبقى واردة في كلّ لحظة وهذا ما حصل في موفى الأسبوع المنقضي إذ أعلنت المصالح المختصّة عن زيادة جديدة في أسعار المحروقات كانت على النحو التالي:
ـ البنزين الرفيع بدون رصاص: دينار و370 مليما للتر الواحد
- بترول الانارة: 810 مليم للتر الواحد
- الغازوال العادي: دينار و10 مليم للتر الواحد
- الغازوال الرفيع: دينار و200مليم للتر الواحد
- الفيول الثقيل عدد 2: 420 دينارا للطن الواحد
- غاز البترول المسيل قارورة 3 كيلو غرام: دينار و 860مليما
- قارورة 5 كيلوغرام: ثلاثة دنانير و15 مليما
- قارورة 6 كيلوغرام: ثلاثة دنانير و590 مليما
ـ قارورة 13 كيلوغراما: سبعة دنانير و 700مليم
ـ قارورة 25 كيلوغراما: 27 دينارا و 670مليما
ـ قارورة 35 كيلوغراما: 38دينارا و735 مليما
ـ الطن الواحد للغازالمسيل صبة: 1106 دينار و750 مليما
ـ الطن الواحد للغاز البروبان المسيل ـ صبة: 1138 دينارا و416 مليما.
وللإشارة فإنّ الإحصائيات الواردة في أوّل المقال نُشرت ثاني أيّام عيد الأضحى، أي أنّه لم يمرّ على زمن التصريح بها وزمن الزيادة في الأسعار شهر واحد وهو ما يطرح أكثر من نقطة استفهام، بل نقطة تعجب أمام هذه المفارقة؟
فالمنطق يقتضي حتمًا، وفقا للفائض المعلن عنه وللتطور في قطاع التنقيب، يقتضي في أسوأ الحالات أن تظلّ أسعار المحروقات على ما كانت عليه، على الأقل لمدّة زمنية أطول من شهر وإلاّ فإنّ الشكوك ستطال صحة ومصداقية الإحصائيات المعلن عنها "بكل فخر واعتزاز".
وإذا كانت تونس قد تجاوزت محنة الأزمة الاقتصادية العالمية، وفق هذا التقرير، وكلّ التقارير الرسمية الأخرى، فإنّ المنطق أيضا يفترض أن تظلّ أسعار المحروقات على ما كانت عليه...
ولكن يبدو أنّ النظريّة الوحيدة المعتمدة من طرف وزارة الصناعة هي الزيادة ولاشيء غير الزيادة وهي أكيد نظريّة لا يفهمها إلاّ أصحاب "قصاصات البنزين" ومالكي السيارات الإدارية (قرابة 35٪ سيارات إدارية من أسطول السيارات في بلادنا)...
أذكر أني عندما سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا منذ ثلاث سنين تقريبا تردّدت كثيرا على محطّات البنزين لاقتناء علب السجائر وقد انتبهت إلى وجود لوحات ضوئية مثبتة أعلى مضخات المحروقات لم أشاهدها من قبل لا في تونس ولا في بعض البلدان العربية التي زرتها، وبسؤالي عن هذه الآلات قيل لي أنّها معدّات خاصة بسعر برميل النفط وهي تقوم بعمليات التحيين وقتيا وبناءًا على المعطيات التي تقدّمها تلك اللوحات يتزوّد صاحب السيارة بالبنزين حسب السعر الذي يتوافق مع سعر برميل النفط في ذات اللحظة (طبعًا مع إضافة الاداءات ومعلوم التكرير..).
إن هذا الاختراع يمكّن المواطن من "استهلاك" المحروقات بشكل تتواتر فيه زيادة السعر كما نقصانه، باعتبار تقلّب سعر برميل النفط، وهذا الاختراع يبرهن على مدى احترام تلك الحكومات لمواطنيها وتعاملها معهم بشفافية مطلقة... فإن طالتهم أزمة مالية أعلنوها دون خجل وإن أنعمت عليهم الطبيعة لا يحرمون أحدًا من خيراتها...
فهل نشاهد يومًا ما مثل هذه الآلات تنتصب في محطّات بنزيننا فتريحُ جيوبنا وتقينا شرّ الشكوك والسؤال عن حقنا في ثرواتنا الطبيعية؟

2010/12/18

شعب تونس... منتصر

منذ أعلنت أجهزة الأمن عن تمكنها من العثور على الطفل المختطف المدعو منتصر بن رجب وإلقاء القبض على المختطفين فجر يوم الثلاثاء 7 ديسمبر 2010 تحول هذا الخبر إلى أهم مادة إعلامية في كامل البلاد، إذ تصدّرت صور الطفل المختطف (صور قديمة) أولى صفحات الجرائد، وافتتحت به نشرة الثامنة ليلا أخبار البلاد والعالم بعد أن شهد بيت الطفل أضخم ندوة صحفية في تاريخ الإعلام التونسي (هكذا سمعت على أمواج احد الإذاعات الخاصة التي واكبت حفل استقبال الخبر، لا الطفل، وأحصت عدد الخرفان المذبوحة وعدد زغاريد النسوة...).

ومنذ يوم 7ديسمبر أصيبت وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة والالكترونية بإسهال حبري وإسراف لغوي من خلال المقالات الإخبارية والتحليلية والبرامج التلفزيونية والإذاعية التي عالجت الخبر وأغدقت عليه من التعاليق والتأويلات والاستنتاجات ما لا حصر له... وكل ذلك من اجل إنارة الرأي العام الوطني والعالمي المتعطش لمعرفة أدق تفاصيل هذه الجريمة التي تحولت إلى أسطورة أكبر من موقع ويكيليكس... ومن حريق حيفا...ومن ثلوج أوروبا...

طبعا لكل مواطن الحق في معرفة أخبار البلاد والعالم، ومن واجب كل منبر إعلامي أن يقدم الخبر في آنه ويلم بكل جوانبه، ويتناوله من الزوايا الأكثر قربا من الحقيقة.

وفي علاقة برواية منتصر، الطفل المختطف، وبغض النظر عن تواتر الحكايات واختلاف الروايات وتعدد التأويلات بخصوص حيثيات هذه القضية، فان ما يهمني شخصيا هو "الاهتمام المنظم" الذي أبدته مختلف المنابر الإعلامية، على اختلاف توجهاتها، بهذا "الحدث" العادي، الأمر الذي ذكرني بفيلم "الهروب" للمخرج المصري عاطف الطيب والذي تقمّص فيه الممثل احمد زكي شخصية "المنتصر" (رب صدفة خير من ألف انتصار)... هذا الفيلم الذي كان بطله الحقيقي الإعلام حيث الأمور "دبّرت بليل" ليشغل منتصر الناس ويملأ الدنيا.. ويفسح المجال للسلطة لتدبر أمورها بالليلل. وليبرهن "المنتصران" بأن التعددية الإعلامية إنما هي تعددية كمية لا نوعية في عمومها...

تطابق في الأسماء جعلني أتساءل: ممّا يهرب الشّعب التونسي حتى يركّز كلّ هذا التركيز اللافت على قضية منتصر؟ أو ليست هذه القصة – مع احترامنا لمشاعر عائلته وحقوق منتصر بن رجب الطبيعية وحقوق الطفولة عموما...- إحدى آلاف القصص التي يشاهدها ملايين التونسيين في برامج استثارة العواطف واستفزاز سيول الدموع التي تكاد القنوات تبثها صباحا مساء ويوم الأحد ؟

نعم ذلك هو الخيط الرفيع الرابط بين "هيلولة" الاحتفاء بعودة منتصر والسياق العام لتلك البرامج الرثائية فجميعها هروب ممّا كان أعظم. جميعها مواراة للهموم الحقيقية للشعب التونسي، تجاوز مدروس لارتفاع ثمن المحروقات والقهوة وتجنّب ممنهج لطرح أزمة البطالة وتلاف – عبارة مشتقة من اللفظة العامية "تتليف"- لمشكل التأمين الصحي وإلهاء عن حرقتنا لاحتراق حيفا وعن تشرّد أبناء الأحياء القصديرية بسبب الفيضانات بالمغرب وغيرها من الأمور والأخبار التي كانت قبل انتشار شعار "قناة تلفزية لكل مواطن" تمثل جراحات جماعية ينشغل بها التونسيون ويجدون الوقت الكافي للتفكير الجماعي بشأنها ومحاولة إيجاد الحلول لها وإبداع سبل التحرك حولها.

إذا كان عاطف الطيب واحمد زكي قد أبدعا في فيلم "الهروب" وأبلغا رسالتهما، فان الإعلام التونسي قد أتقن جيدا إخراج فيلم "المنتصر" كعادتنا به واسهم من موقعه "الريادي" في تمرير رسالته التي من اجلها صنع...

2010/12/10

وثيقة حقوق الإنسان في الوطن العربي


إعلان النوايا أو النص الغائب

وافقت بعض البلدان العربية على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948، وبعض هذه الدول صادقت على الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادرتين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966.

واشتدت الدعوة داخل الوطن العربي لتحقيق حماية دولية للمواطن العربي وذلك بإصدار ميثاق مخصوص لحقوق المواطن العربي في حمى المنظمة الإقليمية العربية (جامعة الدول العربية). وقد وضعت بالفعل مشروعا لهذا الميثاق ومهدت له بمذكرة إيضاحية ترصد له أهم اتجاهاته، وبقرار مجلس الجامعة عدد 668 بتاريخ 15 ديسمبر 1970 شُكلت لجنة من الخبراء التي أنجزت " إعلان حقوق المواطن في الدول العربية ".

ولئن عمم المشروع على الدول الأعضاء جميعهم فان 9 دول فقط هي التي عُنيت بالرد !!! وقد رفضته دول أخرى شكلا ومضمونا. ولهذا التباين في المواقف مبرراته على أرض الواقع، فتنوع الإيديولوجيات في الوطن العربي ولاسيما في المجال السياسي والحيز التنظيمي يشكل أحد أهم العوائق في وجه جمع الكلمة حول مشروع تصورات قانونية ولوجيستيكية محددة في شأن حقوق المواطن العربي، وهي أيضا تعبيرة "موضوعية " تدل على تباين مواقف سلطة الحكم في كل قطر من مسألة الحريات، إذ أنه يتفاوت تشددا أو تساهلا بتفاوت مدى ديمقراطية هذا الحكم أو استبداده و مدى إعلائه أو تحطيمه لحاجز التجهيل السياسي الشاهق والمضروب على أفق المواطن العربي مند قرون خلت وحال بينه وبين إدراك الأوليات والبديهيات الأساسية المتعلقة بحقوقه في وجه السلطة.

ولكن المصادقة العالمية والحماية الإقليمية ظلت تنظيرا متعاليا _ ولا تزال _ عن الممارسة الواقعية، ولهذا الأمر أسباب تعيق التحقيق وشروطه الطبيعية، وتنأى به عن التجسيد بدءا من النص/ النوايا وصولا إلى الفعل/ الغائب.

فالإعلان العالمي، ولئن كانت نواياه حسنة، فانه واقع ضمن رؤية إيديولوجية أفرزتها طبيعة المرحلة التاريخية التي صدر فيها (1948)، إذ ليس لحقوق الإنسان من معنى سوى حق رجل الأعمال الغربي في التسرب إلى كل ركن من أركان العالم للسيطرة على الأسواق والاستحواذ على الثروات واستثمار مواده الأولية وتحقيق الأرباح، وهذا هو جوهر كونية حقوق الإنسان بالمفهوم البرجوازي الإمبريالي، ظاهره إنساني أممي، وباطنه طبقي استعماري.

أما على مستوى الحماية الإقليمية العربية، فان العوائق تتعدد وتختلف، وفي تقديري الشخصي، فإنها تنحصر في أربعة أركان رئيسية، أولها ما أصطلحُ عليه بالحلقات الاستعمارية الضاغطة وهو ما أعني به التبعية العمياء للقوى الاستعمارية الأجنبية، ولا أقصد بهذا ضرورة الاستقواء بالأجنبي، لأن التبعية دائما ما تكون للدوائر الرأسمالية وللكمبرادورات الاقتصادية واللوبيات الاستعمارية في حين أن الاستقواء بالأجنبي هو الالتقاء الحر والواعي بالقوى الديمقراطية والتحررية في العالم من أجل ضمانة أكثر لإنسانية الإنسان.

ثاني العوائق، هو فقدان التجارب الميدانية، بمعنى فقدان الصيغ التي تُطرح كبدائل أو أصول للنظم الديمقراطية، وسببه أن الشرائح التي تصل إلى سدة السلطة في أي قطر من البلاد العربية ومن دون استثناءات، عبر كفاحها التحريري، هي الشرائح الوسطى أو الشرائح البرجوازية الصغيرة وهو بطبيعتها متذبذبة وغير مستقرة إيديولوجيا وسياسيا، ولهذا أسقطت _ بمجرد نيلها استقلالا صوريا _ برامجها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية "الإصلاحية" لحساب مصالحها الطبقية وزجت بشعوبها نحو مطبات الفقر والجهل والقمع.

ثالث العوائق هو ما يمكن أن نصطلح عليه بضياع العقل العربي بين جاذبية الأصالة/التراث من ناحية وجاذبية الحداثة/العولمة من ناحية ثانية، خاصة على مستوى التأويل الديني وتحليل العلاقات الاجتماعية وإنتاج الرؤى الاستشرافية.

وآخر العوائق، وهو أهمها وأخطرها في الوقت الراهن، فهو يتمثل في الكيان الصهيوني وما استنزفه ويستنزفه من طاقات حيوية في مجالي التخطيط والعلاقات الدولية المُحتمل إقامتها بندية مع الطرف الآخر غير العربي.

هذا على مستوى ما هو نظري، أما على المستوي التطبيقي الواقعي، فان الأسباب تختلف أيضا وتتعدد، فالبنية الانثروبولوجية للدولة تتسم عموما بطابعها ألحصري القائم على الإقصاء، بمعنى أن السلطة تحتكرها جماعة محددة بشكل ضيق وهي أسرية، وفي الأعم اقتصادية (نفطية، تجارية، صناعية، خدماتية...) وهي عموما تغيب دور المؤسسات وتوجه برامجها إن أوجدتها لالتزامات خارجية بطبيعة الحال مثل المنظمات الحقوقية بصورة خاصة. وهذا الطابع ألحصري يمنع أية عملية "ارتقاء" يطرحها من هو خارج إطارها ومنظومتها ولا تقبل به إلا إذا دخل منظومتها (مثلها مثل نظام الموالي)، أي من ضمن علاقة دينية للطرف الآخر، مما يفضي عمليا إلى دفع هذا الآخر إلى المعارضة القصوى (التيارات المتطرفة).

وفي الحقيقة فان لهذه العوائق والتمظهرات السلبية جذور وأصول تمتد إلى زمن البدايات، بدايات تشكل نظام الحكم في الوطن العربي، ويمكن حصر هذه الجذور في : " حرفية التفسير " وهو ما يسمى في علوم القانون باسم " الصورية " أو ما يعرف عادة بالجمود وضيق الأفق النظري...

أما الحقوق والحريات الغائبة تماما فأهمها حرية الرأي والتعبير عنه شفاهة أو كتابة أو طباعة، وما حرية الرأي المزعومة إلا حرية الموافقة والإجماع المطلق، وما تطور أجهزة الرقابة لدى مؤسسات الدول العربية أو تحديدا لدى الأحزاب الحاكمة إلا دليل قاطع على الانتهاك الصارخ لهذا الحق الرئيسي.

أيضا الحق في التجمع السلمي سواء أكان ذلك في أماكن مغلقة أو في فضاءات مفتوحة، إلا إذا أوحت به أو نظمته السلطات الرسمية، ويكفينا مثالا على دلك ما تبثه وسائل الإعلام الرسمية من مسرحيات مفبركة حول التجمعات والمسيرات الحقوقية والنقابية والحزبية والجمعياتية. كذلك حق تشكيل النقابات أو الأحزاب السياسية أو الجمعيات غير الحكومية، ولا يخفى على عربي واحد التباين الفاضح بين مقرات الأحزاب المعارضة التي تشبه المحلات التجارية والمساكن الشعبية ومقرات الأحزاب الحاكمة والتي تشبه النزل الفاخرة وهي المشيدة بأموال الشعب المنهوبة عنوة.

ومن أهم الحقوق الغائبة أو المغيبة كليا في المجتمعات العربية هو حق المشاركة في إدارة الحياة العامة، إما مباشرة أو عن طريق ممثلين يختارهم بحرية الرفض والقبول فقط. أما أخطر الحقوق المغيبة فعلا خاصة منذ استفحال النظام الرأسمالي وتنامي آفة الخوصصة فهو حق الشغل/حق الحياة، ولا داعي للتذكير بآلاف المعطلين عن الشغل وآلاف المتعاقدين مع الموت والذل في كل المؤسسات والشركات وحتى في مكاتب الوزارات الرسمية في الأقطار العربية.

أما الحقوق والحريات الغائبة جزئيا في الوطن العربي فهي أساسا الحقوق المدنية المتوافرة قانونا في حالات معينة وتشمل على سبيل الذكر حق الإنسان في الحياة وفي عدم تعرضه للاستغلال والعبودية والعمل الإلزامي (بغير حكم قضائي) وكذلك حقه في الأمن الشخصي وفي المساواة أمام القضاء وفي الاعتراف به حيثما كان كشخص أمام القانون وعدم التدخل بشكل تعسفي أو لا قانوني في شؤونه الخاصة أو العائلية. ثم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية...

بالأخير أعتقد أنّ هناك نقطتان مهمّتان يجب أن نضعها في الاعتبار دائما وأبدا، الأولى تتمثّل في أنّ الدّفاع عن الحريات يعني القيام بهذا الدفاع في وجه المعتدي الحقيقي وهو لن يكون في معظم الأحيان سوى سلطة الحكم المنصبة من طرف القوى الإمبريالية، والراعية لمصالحها الاقتصادية والحضارية داخل أوطانها والثانية هي أن نؤمن بأن كفالة الحريات وضمانتها مهمة نضالية مستمرة سواء أكان الحكم ديمقراطيا أو غير ديمقراطي. فمادامت الديمقراطية ليبرالية في عمقها فإننا لا نضمن حقوق متساوية لكل البشر.