بحث هذه المدونة الإلكترونية

2012/02/24

"اصدقاء سوريا": الصداقة الموقوتة تحت سقف مؤقت

لا تطرح نقاط الاستفهام والتعجب من "هرولة" الحكومة المؤقتة التونسية وتسهيل الإجراءات التنظيمية لإيجاد "حل" إزاء الأزمة السورية، من جزء كبير من الشعب التونسي والمعارضة السياسية والمجتمع المدني فقط، وإنما تطرح دوليا وخاصة من الطرف الروسي والصيني.
باستثناء روسيا والصين والهند ولبنان، ستلتقي عشرات الدول العربية والأجنبية، إلى جانب حضور الأمين العام للأمم المتحدة، يومي الجمعة والسبت (24 و25 شباط الجاري) بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة لتدارس الحلول الممكنة للازمة السورية في إطار ما سمي "مؤتمر أصدقاء سوريا" الذي أعلن عن انعقاده وزير الخارجية في الحكومة التونسية المؤقتة رفيق عبد السلام بوشلاكة منذ أسبوعين تقريبا، وهو المؤتمر الذي يثير العديد من الانتقادات خاصة في الداخل التونسي من طرف الأحزاب السياسية المعارضة (حركة البعث القطر التونسي ، حركة الشعب المؤتمر التأسيسي الموحد للتيار القومي التقدمي ، حزب العمال الشيوعي التونسي ، حركة الوطنيين الديمقراطيين ، حزب العمل الوطني الديمقراطي ، حزب الطليعة العربي الديمقراطي والاتحاد الديمقراطي الوحدوي التونسي وحركة التجديد والحزب الديمقراطي التقدمي) ومن طرف العديد من مكونات المجتمع المدني والحقوقي والنقابي (الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والاتحاد العام لطلبة تونس)، إلى جانب شق واسع من الشعب التونسي، وقد عبرت هذه الأطراف عن رفضها المطلق لان تكون تونس بوابة لتدويل الأزمة السورية في أكثر من مناسبة لعل أبرزها عندما استضافت الحكومة المؤقتة ما يسمى المجلس الانتقالي الوطني السوري بقيادة برهان غليون وعندما أعلنت أيضا قرار طردها السفير السوري من الأراضي التونسية، حيث انتظمت عديد الوقفات الاحتجاجية بتونس العاصمة وأمام السفارة السورية بالعاصمة وأمام مقر المجلس التأسيسي وفي العديد من المحافظات الداخلية على غرار محافظة صفاقس ثاني اكبر المدن التونسية. وتجمع عديد القراءات السياسية أن الحكومة التونسية المؤقتة قد فتحت غرفة ولادة قيصرية لاستقبال "الجنين" المشوه، القادم من دولة قطر بعد أن نمى في رحم اسطنبول، خاصة بعد أن كشف عديد الدبلوماسيين العرب عن تمويل سفارة قطر بتونس لهذا المؤتمر وتكفل طاقمه بتنظيم أدق التفاصيل، ومن خلال التعبئة الإعلامية من طرف الفضائية القطرية "الجزيرة" والفضائية السعودية "العربية" ووسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية. هذا فضلا عن طبيعة العلاقة المتينة بين محمد المنصف المرزوقي الرئيس المؤقت لتونس وهيثم مناع رئيس التنسيقية السورية اللذان أسسا في باريس الرابطة العربية لحقوق الإنسان. المؤتمر الذي سيُعقد على مستوى وزراء خارجية دول الجامعة العربية (التي استحوذ عليها مجلس التعاون الخليجي) والإتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وبعض الأطراف الدولية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، كما سيشارك في أعماله مندوبون عن فصائل المعارضة السورية ومنها "المجلس الوطني السوري"، و"هيئة تنسيق قوى التغيير الديمقراطي"، و"المجلس الوطني الكردي السوري" كمراقبين، نفت قيادة حركة النهضة الإسلامية، وتحديدا زعيمها الأول راشد الغنوشي، نفى أن هذا المؤتمر سيشرع لتدويل الأزمة السورية والتدخل العسكري، دون أن ينفي الاعتراف بالمجلس الوطني السوري، وهو ما لا تستبعده عديد الأطراف المهتمة بالملف، وخاصة المعارضة التونسية التي تعتبر أن مؤتمر "أصدقاء سوريا" سيكون محطة لإعلان "ضرورة" إرسال قوات حفظ سلام عربية ودولية إلى الأراضي السورية، مستندة في ذلك (المعارضة التونسية) إلى التضارب الصارخ بين راشد الغنوشي وصهره وزير الخارجية فيما يتعلق بالاعتراف بالمجلس السوري وبالتدخل العسكري، كما أن العديد من الملاحظين والمتتبعين لسياسة حركة النهضة الإسلامية الحاكمة في تونس يربطون الموقف من سوريا بطبيعة العلاقة الجديدة مع الكيان الصهيوني خاصة بعد تصريحات قيادييها من أن تونس لا تمانع من إنشاء علاقات طيبة مع "إسرائيل" وبان الحركة لن توافق على إدراج فصل في الدستور التونسي يجرم التطبيع. من بين العناوين البارزة في صحافة المعارضة التونسية العنوان الذي تصدر الصفحة الأولى لجريدة "صوت الشعب" الناطقة باسم حزب العمال الشيوعي التونسي، في الأيام الأخيرة والذي يقول "في لعبة الشطرنج: البيادق تتحرك أولا" وهي إشارة بليغة عن طبيعة العلاقة بين المشروع الأمريكي القطري السعودي من جهة والحركات الإسلامية فيما يسمى ربيعا عربيا، وعلى رأسهم حركة النهضة الإسلامية في تونس.