بحث هذه المدونة الإلكترونية

2011/05/19

ثقافة قلم الرصاص والممحاة


بين الثقافة والمطر شبه يخون العين البسيطة.

تهطل على غير موعد، وتكون غزيرة هنا أو شحيحة هناك... فيكتسح الاخضرار هذه الأرض وتصير يبابا أرض أخرى .. والأرض التي تنال نصيبا من العناية ويغدق عليها صاحبها من العرق والحب ما يكفي وأكثر، تفيض بخيراتها عليه وبالمثل من يهمل أرضه تولي عنه خيراتها...

هكذا أرى الثقافة تماما... لا تأتينا من اللاشيء وإنما نحن من نصنعها بأدواتنا وبإصرارنا... بقدرتنا على تمثل الإرث المعرفي واستشراف الأفق الأكثر شبها بنا... في نفس الوقت. فالتاريخ لا يمنحنا في كل يوم فرصة للتحرّر من ذواتنا المرتبكة والخائفة وتعتقنا من ربقة التهميش، كما أن فرص إثبات ذواتنا لا تعترضنا مصادفة في الصالونات والبلاطات، بل نحن من يصنعها ويخلقها من عمق الانكسارات والانهزامات...

ومن يكتب ثقافته بقلم رصاص عليه أن ينتظر أثر الممحاة... مثلما عليه أن يتحمل شعاع شمس حارقة يذيب كرة الثلج التي يدحرجها باللغو...

وقد شهد الفعل الثقافي في تونس ما قبل 14 جانفي انحسارا ممنهجا وضربا لكل أفق تقدمي طال المؤسسات الثقافية والمثقفين الأحرار وقد استندت أجهزة النظام النوفمبري في سياسة التهميش والإقصاء للمثقف الحر على تواطئ اشباه المثقفين المتهافتين على فتات الولائم الذين انتشروا في الفضاءات الثقافية.

فالمتأمل في "ثقافوت" هذه البلاد والممتهنين بالثقافة عموما، سينتبه دون عناء إلى وجود أكثر من فئة تصول وتجول في الحقل الثقافي كالجرذان المسعورة التي لا تكل ولا تمل من الأكل والتخريب.

فئة أولى "أكلت الدنيا وتريد أن تتسحر بالآخرة" وهي تضم أولئك الذين نضبت منابع إبداعاتهم فباتوا يستثمرون ارثهم وتاريخهم، وطبعا علاقاتهم، ويكفي أن يضع واحد منهم اسمه على أي عمل بسيط، لا إبداع فيه، حتى يلهف مئات الملايين...

فئة ثانية تضم المسيرين والمسؤولين ومنظمي "موائد الإفطار الفني والإبداعي" الذين يلهفون الأموال في السر والعلن... ولا رقابة على أياديهم المندسة أبدا في ميزانيات مؤسساتنا الثقافية...

فئة ثالثة لا علاقة لها أصلا بالثقافة، قفزت إليها من نافذة رأس المال، فباتت "تغرف" ملء جشعها ما أمكنها من أموال الشعب والثروة الوطنية قفزت على الإعلام واندسّت بذلك في كلّ بيت دون استئذان تسوّق مؤثراتها الصوتية وأحدث تقنيات التقاط الصورة مستندة إلى الإبهار وأشياء أخرى أما عن المضمون فلا تسأل...

هكذا توزع المشهد الثقافي بين جيل تقاعد "إبداعيا" فبات يستثمر اسمه ليستأثر بكل شيء... وجيل سيخفت بريقه لشدة ما ضاق به السياق... وما بينهما جيل يتهافت هنا وهناك...جيل يعتبر نفسه المتن وما سواه هامش... وجيل ينخره السوس لشدة ما هُمش... وما بينهما جيل يتأرجح على الحبلين... فهل نستمر بعد ثورة 14 جانفي في السير الأعرج هذا؟؟؟

هل من المعقول والمنطقي أن تستمر الثقافة بأدوات تقليدية، وبذهنية كلاسيكية؟

بنفس الأسماء تنتقل من هذا الكرسي إلى الكرسي الآخر؟ وهل نثق اليوم بكاتب البلاط بالأمس يكتب عن الثورة اليوم؟ ومسرحيي التهريج بالأمس يوشون الركح اليوم بالثورة؟؟؟ وسينمائيي المناشدات وأفلام العائلة السعيدة وأفلام المليارات المنثورة هباء هل يعقل اليوم أن تستمر أساليبهم الأخطبوطية لتخنق الأفق السينمائي؟؟؟ وهل يعقل أن تظل وزارة الثقافة والمؤسسات التابعة لها حكرا على صحافيي "النعم" والتزكية والمباركة؟؟؟

حتما لا... لأن كل كاتب مشنوق بنصه، وكل نص على قدر النوايا التي فيه يضيء ... وبالأخير نحن لسنا نحن دائما... نحن مختلفون... نحن متعددون... حتى لا نصاب بالسكتة الإبداعية...

لا أحتاج أكثر من مكنسة.

2011/05/14

الناشط الحقوقي‮ ‬ورئيس فيدرالية‮ ‬التونسيين من أجل المواطنة بين الضفتين طارق بن هيبة للشعب‮:


نناضل‮ ‬للقطع‮ ‬نهائيا‮ ‬مع‮ ‬التمثيلية‮ ‬الشكلية والمزيفة‮ ‬للمهاجرين‮ ‬التونسيين؟

مثلما توحّدت كل الحناجر حول شعار‮ »‬ارحل‮« ‬للدكتاتور بن علي‮ ‬في‮ ‬كافة‮ ‬المدن‮ ‬التونسية،‮ ‬كانت‮ ‬حناجر‮ ‬المهاجرين‮ ‬التونسيين‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬اصقاع العالم‮ ‬ترفع‮ ‬ذات‮ ‬الشعار‮...

وبعد أن أسقطنا الدكتاتور‮... ‬تستمرّ‭ ‬اليوم القوى الحيّة والتقدمية لكنس بقايا الدكتاتورية وبالمثل‮ ‬يتساوق نضال أحرار تونس داخل الوطن وخارج حدوده وهو ما تجسّمه تحركات المنظمات والجمعيات‮ ‬الحقوقية والشخصيات الوطنية المنتشرة في‮ ‬جغرافيا العالم‮...‬
طارق بن هيبة نذر نفسه للنضال ضد الاستبداد وساهم من موقعه باعتباره رئيس فيدرالية التونسيين من أجل المواطنة بين الضفتين ساهم في‮ ‬اسقاط الطاغية وهاهو‮ ‬يواصل درب النضال ضد رموز الطغيان‮.‬
في‮ ‬هذا اللقاء نقف على بعض المحطات النضالية‮.‬
‮❊ ‬كيف‮ ‬كانت‮ ‬مساهمة‮ ‬الفيدرالية‮ ‬في‮ ‬اذكاء‮ ‬ثورة‮ ‬الشعب‮ ‬التونسي‮ ‬وأنتم‮ ‬في‮ ‬باريس؟
ـ شاركنا بكل قوانا وطاقاتنا منذ انطلاق شرارة الثورة لاننا ببساطة كنا جزء لا‮ ‬يتجزأ من نضالات الشعب التونسي‮ ‬ضد الاستغلال،‮ ‬منذ ان أسسنا الجمعية سنة‮ ‬1974،‮ ‬وقد ساهمنا في‮ ‬تأطير حركة المساندة في‮ ‬باريس‮ ‬للثورة في‮ ‬تونس‮ ‬وكنا محدّدين‮ ‬في‮ ‬تأسيس لجنة مساندة نضالات اهالي‮ ‬سيدي‮ ‬بوزيد التي‮ ‬جمعت كل المنظمات والاحزاب السياسية بفرنسا وقمنا بالتظاهر والاجتماعات العامة والتجمعات وطبعًا‮ ‬المظاهرة الضخمة‮ ‬يوم‮ ‬15‮ ‬جانفي‮ ‬بباريس،‮ ‬كما ان هذه اللجنة جمعت العديد من المناضلين والحقوقيين الفرنسيين ونظمنا النقاشات بين كل الاطراف وقد‮ ‬تعدّى دور اللجنة مساندة‮ ‬تونس إلى مساندة الشعب المصري‮ ‬والجزائري‮ ‬والليبي‮.‬
‮❊ ‬بعد‮ ‬سقوط‮ ‬الطاغية‮ ‬بدأتم‮ ‬تتوافدون‮ ‬على‮ ‬تونس‮ ‬لمواصلة‮ ‬النضال؟
ـ ساهمنا،‮ ‬هنا في‮ ‬تونس،‮ ‬في‮ ‬النقاشات مع الجمعيات والمنظمات وبالخصوص الاتحاد العام التونسي‮ ‬للشغل ابان حكومة الغنوشي‮ ‬الأولى والثانية والتي‮ ‬أفرزت لجنة حماية الثورة وساهمت في‮ ‬تحسين تمثيلية ومهام الحكومة الانتقالية والتي‮ ‬انتهت بالذهاب نحو مجلس تأسيسي‮ ‬وبتوسيع الهيئة العليا للاصلاح السياسي‮ ‬والانتقال الديمقراطي‮ ‬من خلال ممثلي‮ ‬جمعيات ومنظمات الهجرة فمن ممثلين فقط في‮ ‬البداية إلى خمسة ممثلين الان واعتقد ان اهم نقطة تتمثل في‮ ‬السهر على جعل كل المهاجرين التونسيين عنصرا اساسيا في‮ ‬العملية الانتخابية للمجلس التأسيسي‮ ‬والقطع النهائي‮ ‬مع التمثيلية الشكلية او المزيفة تحديدًا التي‮ ‬كان‮ ‬يأتيها الحزب الحاكم سابقًا من خلال القنصليات ومكاتب التجمع كما نسعى الى تشريك كل المهاجرين بمن فيهم من‮ ‬يحمل جنسية ثانية‮.‬
‮❊ ‬على‮ ‬ذكر‮ ‬القنصليات‮ ‬ومكاتب‮ ‬التجمع‮ ‬بالخارج‮ ‬كيف‮ ‬كان‮ ‬التعامل مع‮ ‬المهاجرين‮ ‬التجمعيين؟
ـ بقدر ما كانوا متواجدين وفاعلين كجوقة تابعة لنظامهم السابق وسعيهم المحموم لعرقلة ومنع اي‮ ‬نشاط معارض لهم والتفنن في‮ ‬ضروب الوشاية وفبركة الاخبار ضد المهاجرين،‮ ‬فقد تبخروا‮ ‬يوم‮ ‬15‮ ‬جانفي،‮ ‬ولكن نحن حذرين باعتبار انهم‮ ‬سيحاولون العودة في‮ ‬أشكال جديدة ومختلفة‮.‬
وقد اتصلنا بالقنصليات في‮ ‬باريس ومرسيليا وليون ونيس وبانتان وكانوا،‮ ‬اي‮ ‬ممثلي‮ ‬القنصليات،‮ ‬عن التعامل مع جمعيتنا وحل مشاكل المهاجرين وقد استرجع مناضلو مرسيليا قاعة للنشاط الثقافي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬والسياسي‮ ‬كان قد استولى عليها التجمعيون في‮ ‬السابق‮.‬
اما فيما‮ ‬يخص استرجاع المبنى الكائن بنهج‮ »‬بودزريس‮« ‬بباريس وهو ملك الدولة التونسية وجعل منه التجمع مقرا للجنة تنسيق‮ ‬بباريس فنحن ننتظر رد الحكومة المؤقتة على مطلب كنا قد تقدمنا به لجعل هذا المبنى دارًا للجمعيات التونسية المستقلة،‮ ‬كما راسلنا وزارة‮ ‬الخارجية للابداء برأينا في‮ ‬تعيين الدبلوماسيين الجدد لمنع التجمعيين من تحمل اي‮ ‬مسؤولية بالخارج‮.‬
‮❊ ‬باعتبار‮ ‬دوركم‮ ‬الفاعل‮ ‬في‮ ‬تحديد‮ ‬السياسة‮ ‬الخارجية‮ ‬كمواطنين وحقوقيين‮ ‬ماهي‮ ‬رؤيتكم‮ ‬لمسألة‮ ‬الهجرة‮ ‬السرية‮ ‬خاصة‮ ‬بعد‮ ‬مواقف ساركوزي‮ ‬وبرلسكوني‮ ‬بالذات؟
ـ الهجرة السرية هي‮ ‬معضلة انسانية قديمة وليس هنالك امبراطوريات لم تُبنى من‮ ‬غير مهاجرين ولا‮ ‬يمكن القضاء تمامًا على سريّة الهجرة مثلما‮ ‬يدّعي‮ ‬بعض المسؤولين،‮ ‬اما بالنسبة لجحافل المهاجرين بعد‮ ‬14‮ ‬جانفي‮ ‬حيث فاق العدد‮ ‬30‮ ‬ألف مهاجر تونسي‮ ‬ركبوا الزوارق لتحقيق احلامهم في‮ ‬العيش الكريم ولهم الحق في‮ ‬ذلك فإن هذه الظاهرة ليست جديدة والدليل مثلا ما حصل حين انهار النظام الالباني‮ ‬ولما تفككت‮ ‬يوغسلافيا حيث رأينا الالاف من الالبان والصرب في‮ ‬زوارق تقتحم الموانئ الايطالية‮.‬
فيما‮ ‬يخص المهاجرين التونسيين بعد‮ ‬14‮ ‬جانفي،‮ ‬كنا قد ساندنا موقف الحكومة‮ ‬الانتقالية التي‮ ‬وقفت في‮ ‬وجه برلسكوني‮ ‬الذي‮ ‬هدّد بارجاع المهاجرين في‮ ‬بواخر حربية وهذا مس من سيادتنا الوطنية لم ولن نقبله كما ساندنا الجانب الاول من الاتفاق الحاصل بين الحكومتين الذي‮ ‬منح بطاقة اقامة لمدة ستة أشهر لعشرين ألف مهاجر ولكن سرعان ما أحبطنا عندما اكتشفنا ان هناك صفقة سرية تنص على موافقة الحكومة المؤقتة على ترحيل أعداد صغيرة من المهاجرين‮ ‬قسرًا بعيدًا عن أعين الاعلام وهذا‮ ‬يتنافى قطعا مع القوانين الدولية التي‮ ‬تحرّم الترحيل الجماعي‮ ‬للمهاجرين‮.‬
كما ندّدنا بموقف حكومة ساركوزي‮ ‬اليمينية التي‮ ‬منعت المهاجرين الحاملين لبطاقة الاقامة في‮ ‬الشمال من الدخول إلى التراب الفرنسي‮ ‬ضاربة عرض الحائط الاتفاقيات الاوروبية التي‮ ‬أمضتها‮.‬
‮❊‬‭ ‬على‮ ‬أرض‮ ‬الواقع‮ ‬هل‮ ‬كانت‮ ‬لكم‮ ‬تحركات‮ ‬ميدانية؟
ـ نعم لقد أرسلنا بعثة إلى جزيرة لامبيدوزا‮ ‬يرأسها المناضل أمية الصديق وقد قدّم جملة من الخدمات للمهاجرين الموجودين في‮ ‬الجزيرة ونسق مع اصدقائنا الايطاليين الجمعويين والحقوقيين من أجل تنظيم لجنة‮ ‬دفاع قضائية لفائدة المهاجرين كما ارسلنا بعثة الى شمال ايطاليا وتحديدا مدينة‮ »‬فانتيميل‮« ‬يرأسها المناضل محي‮ ‬الدين شربيب حيث عاين مأساة المهاجرين الذين لم‮ ‬يتمكنوا من عبور الحدود الايطالية الفرنسية وقد وجد العديد منهم في‮ ‬حالة صحية ومادية سيئة وطالبنا قنصليتنا بمدينة نيس الفرنسية ومدينة‮ »‬جان‮« ‬الايطالية التدخل السريع لرفع الحواجز الحدودية لفائدة المهاجرين ولاعفاء الطابع الجبائي‮ (‬60‮ ‬أورو‮)‬‭ ‬للمهاجرين الراغبين في‮ ‬تجديد جواز سفرهم ومن ناحية اخرى طالبنا القوى النقابية التقدمية والجمعيات الفرنسية والايطالية بتنظيم مظاهرات حاشدة على الحدود لوضع حدٍّ‮ ‬للسياسات العنصرية تجاه المهاجرين العرب‮.‬
‮❊ ‬اليوم‮ ‬أنتم‮ ‬في‮ ‬الحمامات‮ ‬في‮ ‬اللقاء‮ ‬الموسع‮ ‬للجنة‮ ‬المتابعة للمنتدى‮ ‬الاجتماعي‮ ‬المغاربي؟
ـ‮ ‬نعم نحن موجودون بهذا العدد من الجمعيات والشخصيات من المغرب الكبير ومن بلدان المشرق أيضا وايطاليا وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية وهذا اللقاء بفضل ثورة‮ ‬14‮ ‬جانفي‮ ‬التي‮ ‬فرضت حرية التجمع والتي‮ ‬كانت مقموعة في‮ ‬عهد الدكتاتور السابق حيث تم اجهاض مشروع المنتدى الاجتماعي‮ ‬التونسي‮ ‬والمغاربي‮.‬
اليوم نحن جمعيات،‮ ‬جمعية‮ ‬التونسيين بفرنسا ـ باريس واتحاد العمال المهاجرين التونسيين بباريس وضواحيها ولجنة‮ ‬احترام الحريات وحقوق الانسان بتونس وفيدرالية التونسيين من أجل المواطنة بين الضفتين‮ ‬الى جانب الاتحاد العام التونسي‮ ‬للشغل وجمعية النساء الديمقراطيات والرابطة التونسية للدفاع عن‮ ‬حقوق الانسان والجمعية التونسية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والجمعية التونسية‮ ‬للبحث والتنمية حول النساء وعدة جمعيات مغربية وصحراوية وجزائرية وليبية وهدف هذا اللقاء هو البحث في‮ ‬الانعكاسات‮ ‬الممكنة بعد الثورة وآفاق التغيير الديمقراطي‮ ‬والتحديات السياسية والاقتصادية‮ ‬والاجتماعية والثقافية والحقوقية وعمومًا استراتيجيات الحراك الاجتماعي‮ ‬وكذلك بحث التفاعلات الوجوبية مع الحركات الاجتماعية في‮ ‬المشرق‮.‬
‮❊ ‬اطلقتم‮ ‬مؤخرا‮ ‬ما‮ ‬أسميتموه‮ ‬نداء‮ ‬إلى‮ ‬التونسيين‮ ‬والتونسيات الثورة‮ ‬التونسية‮ ‬مستمرة،‮ ‬ماهو‮ ‬فحوى‮ ‬هذا‮ ‬النداء؟
ـ هو نداء لتنظيم لقاء الهجرة التونسية من جمعيات وأفراد وهيئات وتنسيقيات أينما كانت‮. ‬لقد ارتأينا ان ننظم لقاءً‮ ‬مفتوحًا للقطع مع العمل الجمعياتي‮ ‬البيروقراطي‮ ‬المغلق كما‮ ‬يراه البعض ممن‮ ‬ينصب نفسه ممثلاً‮ ‬عن الهجرة،‮ ‬فالهجرة التونسية لا‮ ‬يمكن لاي‮ ‬كان ان‮ ‬يمثلها بنفسه فهي‮ ‬متنوعة قديمة وجديدة،‮ ‬غنية وفقيرة،‮ ‬مناضلة أو‮ ‬غير مناضلة لذلك نستعد ليوم‮ ‬7‮ ‬ماي‮ ‬2011‮ ‬بلقاء كبير في‮ ‬جامعة ساندوني‮ ‬قرب باريس أين سيتكلم‮ ‬كل الحاضرين عن رؤيتهم للثورة وانعكاسها على الهجرة والمهاجرين التونسيين وبناء على التدخلات سنجمع كل الافكار والمقترحات وسيتم تبويبها في‮ ‬كراس مطالب سنقدمه إلى رئيس الحكومة‮ ‬المؤقتة ووزيري‮ ‬الخارجية‮ ‬والشؤون الاجتماعية وسوف‮ ‬ينتقل إلى تونس وفد للقاء الحكومة والاستماع لمدى استعدادها لتلبية مشاكل المهاجرين خاصة ان بعضها مزمن‮.‬
نريد ان تشمل الثورة كل تونسي‮ ‬سواء في‮ ‬تونس أو خارجها‮.‬

2011/05/10

ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا


الأكيد أن حالة تشتت اليسار التونسي بمختلف فصائله وأحزابه وتياراته هي حالة تاريخية بامتياز، ورغم ان اليسار التونسي لم يجلس في الجهة اليسرى للبرلمان بصفته كتلة موحدة منذ نشأة المؤسسة البرلمانية في تونس فهو لم يلتق خارجها ايضا كتلةً موحّدةً ذات هدف مشترك وان برزت بعض التحالفات في السبعينات والثمانينات فهي لم تفلح في رفع أوتاد خيمة تتسع لجميع فصائل اليسار التونسي من ماركسيّين لينينيّين وماويّين وتروتسكيّين وغرامشيّين على ما أظن... وهذا يبدو أمرا طبيعيا ومفهوما ذلك ان تاريخ تونس الحديث لم يفرز منعرجا حاسما من شأنه ان يمنح المدرسة اليسارية باشتراكييها وشيوعييها فرصة الالتقاء على أرضية صلبة... فهذا القطب الايديولوجي والسياسي لم ينتظم يوما في جهاز واحد ولم يجمعه نظام قيمي واضح وبالطبع تفرقت وجهات منتسبيه من مقر الى آخر وتوزعوا بين النشاط العلني في الاحزاب المعترف بها او النشاط السري لمن لم يحصُل على تأشيرة نشاط...

اليوم وبعد 14 جانفي، بعد الثورة التي اطاحت بالدكتاتورية النوفمبرية، الثورة التي أذكت نارها كل أطياف اليسار وأجج سعيرها شباب الحركات التقدمية وكانوا في مقدمة مسيراتها في عمق البلاد كما في العاصمة وكل مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل شاهدة على وحدة صفوف التقدميين بمختلف درجاتهم في الصراع الطبقي الاجتماعي وايضا في الصراع العقلاني والمدني...

اليوم، وبعد 14 جانفي، وأمام الفرصة التاريخية للمّ شمل الحركة اليسارية التونسية والحركة النقابية والحركة الحقوقية والحركة النسوية والحركة الطلابية وكل نفس ديمقراطي تقدمي صارت المسألة مصيرية وفارقة في تاريخ البلاد. في الأخير ما يجمعنا اكثر بكثير مما قد يفرقنا، ولا إخال اليوم أحدا ما قد يتأخر عن الالتحاق بالنداء الذي توجهت به بعض الشخصيات المستقلة الى الاحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات والنقابات لتكوين جبهة وطنية موحدة على أرضية ديمقراطية تقدمية حداثية لخوض انتخابات المجلس التأسيسي ضمن قائمات مشتركة.

إن ما يجمعنا أكثر بكثير مما قد يفرقنا، وما انتخابات المجلس التأسيسي الا الاجنحة التي ستسمو بالمشروع المجتمعي الحداثي والتقدمي والعقلاني خاصة أن ثورة 14 جانفي أثبتت ان الشعب التونسي، ومن خلال شعاراته واصراره على كنس الدكتاتور، أثبت انه تقدمي بطبعه ولا يقبل الانغلاق والتقوقع، وان لم نتوحد اليوم فإننا سنخذله حتما...