لغة يندى لها الجبين سمجة ووقحة... أخطاء في التركيب وركاكة في النطق والتعليق تنثال على مسامعي أينما نقلتها في مربّعي الأسود مربّع الإذاعات... برامج إذاعية تتشابه وأفكار تتوالد من بعضها البعض في دائرة مغلقة... دائرة التمجيد... الشكر... الامتنان... ودائرة المرور العابر على الهموم الدائمة..
هذه الدائرة المفرغة والمغلقة صارت تيمتها الإذاعية وميزة تفرّدنا الأثيرية اعتاد عليها المستمع التونسي حتى نفر من الإذاعات بمواصلة الاستماع إليها هكذا سبهللا كما يقول العرب قديما...
ولكن الاكتشاف الجديد الذي منّ عليّ هاتفي الجوّال به وجعلني أقف عليه في المحطات الأربع من دون استثناء هو ذلك الإلحاح العجيب من مذيعي برامج الترفيه والتنشيط على المستمعين لربح الجوائز والفوز بها.
طبعا برامج التنشيط عالميّة ولها مقاييس وضوابط وشروط علمية وأخلاقية وأدبية.. ولكن شروط ومقاييس مسابقات إذاعاتنا عجيبة وغريبة ذلك أن الجوائز مثلا تتمثل في تذكرة حفل مثلا أو تبّان سباحة وفي أقصى الحالات خمسون دينارا... هذه من ناحية ومن ناحية ثانية فان طبيعة الأسئلة المدرجة في هذه المسابقات هي من قبيل كم من ساق للكرسي!!!
وهل التفاح ثمرة صيفية أم شتوية!! وهل غنت فيروز في لبنان!!! طبعا أنا قلت إن الأسئلة من هذا القبيل لأني لا استحضرها حرفيا ولكن سذاجتها المفرطة وتفاهتها المغرقة في الإسفاف لا يمكن أن انساهما ولكن مرة أخرى ما يصيبك بالجنون حدّ الخبل هو أن المستمع المشارك في هذه البرامج وأمام حيرته أمام تلك الأسئلة لا يخجل من طلب مثلا ثلاثة مقترحات تسهيلا له أو يطلب سؤالا آخر اقل تعقيدا من البحث عن عدد سيقان الكرسيّ!!! هذا طبعا إلى جانب المطالبة بحقه في مهلة زمنية للتفكير والتثبّت لئلا يخطئ في معرفة فصل التفّاح!!!
من قاعات البث الإذاعي ومن وراء المصدح يتناغم البؤس المعرفي للمذيعة أو المذيع مع البؤس المعرفي المضاعف لدى المستمعين فلا يجد المذيع أو المذيعة بدا من إطلاق صرختها عاليا أو الإكثار من الإلحاح على المستمع بان يربح الجائزة القيّمة... باللّه اربح... هكذا تتكرّر لازمة التجهيل في إطار رسميّ بكل جرأة وأحقيّة!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق