في الوقت الذي تطالب فيه عديد الأحزاب والجمعيات والمنظمات غير الحكومية، وخاصة منها الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية، تضمين الدستور التونسي الجديد فصلا واضحا يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني، شهدت الساحة السياسية بتونس منذ أيام قليلة ضجة إعلامية مازالت متواصلة بسبب تصريح إذاعي أدلى به راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة لغيديون كيتس مراسل "صوت اسرائل" بمناسبة تواجده في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا.
وقبل التصريح المنسوب لزعيم النهضة أثارت مشاركة راشد الغنوشي في هذا المنتدى (رفقة ابنه معاذ) جدلا واسعا في تونس حول الصفة التي يشارك بها، باعتباره لا يشغل أي منصب حكومي، في حين أن وزير المالية التونسي السيد حسين الديماسي لم يكن ضمن الوفد المشارك في المنتدى.
التصريح الأخير لراشد الغنوشي الذي قال فيه "أن مستقبل العلاقات بين تونس وإسرائيل مرتهن بحل القضية الفلسطينية" مازال يتراوح بين التأكيد والنفي، ففي الوقت الذي نفى فيه السيد نجيب الغربي المسؤول عن قسم الإعلام بحركة النهضة وعضو هيئتها التأسيسية، أن يكون الغنوشي قد خص إذاعة "صوت إسرائيل" بأي تصريح، وأن ما قام به هو تنظيم ندوة صحفية حضرها عدد كبير من الإعلاميين للتعريف بالثورة التونسية وبالتحديات الاقتصادية التي تواجهها تونس والفرص التي يمكن أن تدفع عجلة الاستثمار خاصة من طرف الاتحاد الأوروبي، وفي نفس الوقت اتصلت إحدى الإذاعات الخاصة في تونس (موازييك أف أم) يوم الثلاثاء 31 كانون الثاني بالصحفي الإسرائيلي "غيديون كيتس" للتأكد من صحة الخبر فأفاد لصحفي الإذاعة التونسية شاكر بسباس بأنه بالفعل قد أخذ تصريحا وبث مباشرة من طرف السيد راشد الغنوشي بعد أن عرفه بنفسه وبالمؤسسة الإعلامية التي يعمل لصالحها والمرسوم شعارها على شارة الدخول (إذاعة صوت إسرائيل).
وقد تتالت ردود الفعل الشاجبة لهذا التصريح، خاصة بعد الاتصال بالصحفي الإسرائيلي، حيث استنكر قياديون في الحزب الديمقراطي التقدمي هذا التصريح معتبرين أنه مدخل للتطبيع مع الكيان الصهيوني خاصة وأن راشد الغنوشي علم بجنسية الصحفي وبالإذاعة التي يعمل لصالحها.
راشد الغنوشي سبق له أن صرح لمجلة "ويكيلي ستاندار" الأمريكية أن الدستور التونسي الجديد لن يتضمن "أية مواد تدين الكيان الصهيوني" وأن الوثيقة التي أمضتها عدة أحزاب وجمعيات وشخصيات سياسية ومدنية وحقوقية في مجلس حماية الثورة، قبل انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، والتي تجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني، هي وثيقة لا معنى لها؟ وهذا التصريح السابق يستند إليه اليوم العديد من المحللين السياسيين والأحزاب في إدانة التصريح الأخير للغنوشي في دافوس بسويسرا.
يُذكر أن راشد الغنوشي لم يدل لأول مرة بمثل هذه التصريحات المثيرة للجدل، لعل أبرزها تلك التي وجهها قبل ظهور نتائج انتخابات المجلس التأسيسي والتي "هدد" فيها بإنزال مناصريه إلى الشارع إذا ما تم تزييف الانتخابات، أو تلك التي دعا فيها إلى غلق السفارة السورية بتونس وطرد سفيرها، أو تلك التي صرح بها في واشنطن عندما قال أن المملكة العربية السعودية "مهددة" بثورات الربيع العربي، هذا فضلا عن تصريحاته التي أدانتها فرنسا بسبب عدائه للغة فولتير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق