مـــر الـكـــلام
لا يختلف عاقلان من أن الطلاق بين الواقع والنظرية يمثل المحتوى الحقيقي لكل أزمة تطال سياقا فكريا ما، سواء كان ذاك الفكر يساريا أو يمينيا، علميا أو إيديولوجيا، مثلما لا يختلف نفس العاقلان من أن معالجة تلك الأزمة لا يمكن أن تكون إلا من الداخل، من داخل النسق ذاته، ولا تعني المعالجة إيجاد الحلول واستنباط البدائل بقدر ما تعنى ـ خاصة المعالجة الفنية ـ بتفكيك وتقويض بنية ذاك النسق المتراكمة، وطرحه وفقا لمقاربة استيتيقية / فكرية تنأى عن الإيديولوجية المسطحة وذات الوجه العمودي الواحد.
وتعتبر المنظومة الماركسية أو الفكر الاشتراكي من أكثر الأنساق التي مثلت حقلا تجريبيا ثريا للنقد والمراجعة والفهم والمساءلة سواء فيما تعلق منها بالقاعدة الفلسفية أو بما تعلق بمختلف التجارب السياسية التي عاشتها الشعوب فيما سمي وانتمي للمعسكر الاشتراكي... وقد استأثرت الأعمال السردية بشكل خاص الى جانب المحاولات السينمائية والمسرحية بالنصيب الأكبر في اعتماد الفكر والتجربة الماركسيتين محمولا ومتنا لها ...وكانت مسرحية «مر الكلام» واحدة من هذه الأعمال، وهي مسرحية للروائي والناقد ظافر ناجي وإخراج للشاذلي العرفاوي ومن تمثيل وجيهة الجندوبي وفؤاد اليتيم وتوفيق العايب.مر الكلام» تلك التي تذكرنا بأغنية الراحل الشيخ إمام، اختارها الكاتب ظافر ناجي عتبة مفضية لمتنه المسرحي واشتغل على مدلولاتها من خلال توزيعه المحكم لآفاقها ليقدم من خلالها رؤيتها ربما لمسيرة تجربة «آفاق» التونسية في أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي خاصة من خلال الشخصية المحورية «قوشي».«مر الكلام زي الحسام...» مثل تاريخ الأفعال ومسار القيم لا أمر ثابت ولا شيء لا يتحول .. الكل مهزوز أو الكل إنساني يحكمه قانون النسبية وعدم الاكتمال...... أما المديح سهل ومريح» وهو ما لم يسقط فيه نص ظافر ناجي فقد أظهر لنا شخوصه الثلاثة بقروحهم وجروحهم من دون مساحيق ولا بهرج ولا زينة قد تغرق التاريخ في لجة المديح الموصل للتزييف...... والكلمة دين بس الوفاء على الحر» وهي الحكمة التي نهضت عليها هذه المسرحية، إذ أن إيمان منتجيها نصا وإخراجا وتمثيلا بأن التاريخ هو تاريخ الوفاء وأن الإبداع لا يمكن أن يكون خارج التاريخ وخارج النص وخارج الفعل الإنساني...إن ما يجعل هذه المسرحية فارقة ربما في تاريخ الأعمال التي «شخصت» تاريخ اليسار التونسي أن كاتبها ظافر ناجي أتقن جيدا إخراج لغتها من دلالة المطابقة (dénotation) الى دلالة الإيحاء (connotation) كما أن هذه المسرحية لم تحاول امتلاك معنى النص نفسه بقدر ما كانت قوة انكشاف على عالم يشكل إحالة النص ذاتها... وهذي الطريقة المثلى التي أشار إليها بول ريكور باعتبارها القوة المرجعية الأصيلة للنص ... فبهذه الطريقة «يكف التملك عن الظهور بوصفه نوعا من الاستحواذ، نوعا من التشبث بالأشياء، بل ينطوي، بدلا من ذلك، على لحظة فقدان للذات الأنانية والنرجسية».
لا يختلف عاقلان من أن الطلاق بين الواقع والنظرية يمثل المحتوى الحقيقي لكل أزمة تطال سياقا فكريا ما، سواء كان ذاك الفكر يساريا أو يمينيا، علميا أو إيديولوجيا، مثلما لا يختلف نفس العاقلان من أن معالجة تلك الأزمة لا يمكن أن تكون إلا من الداخل، من داخل النسق ذاته، ولا تعني المعالجة إيجاد الحلول واستنباط البدائل بقدر ما تعنى ـ خاصة المعالجة الفنية ـ بتفكيك وتقويض بنية ذاك النسق المتراكمة، وطرحه وفقا لمقاربة استيتيقية / فكرية تنأى عن الإيديولوجية المسطحة وذات الوجه العمودي الواحد.
وتعتبر المنظومة الماركسية أو الفكر الاشتراكي من أكثر الأنساق التي مثلت حقلا تجريبيا ثريا للنقد والمراجعة والفهم والمساءلة سواء فيما تعلق منها بالقاعدة الفلسفية أو بما تعلق بمختلف التجارب السياسية التي عاشتها الشعوب فيما سمي وانتمي للمعسكر الاشتراكي... وقد استأثرت الأعمال السردية بشكل خاص الى جانب المحاولات السينمائية والمسرحية بالنصيب الأكبر في اعتماد الفكر والتجربة الماركسيتين محمولا ومتنا لها ...وكانت مسرحية «مر الكلام» واحدة من هذه الأعمال، وهي مسرحية للروائي والناقد ظافر ناجي وإخراج للشاذلي العرفاوي ومن تمثيل وجيهة الجندوبي وفؤاد اليتيم وتوفيق العايب.مر الكلام» تلك التي تذكرنا بأغنية الراحل الشيخ إمام، اختارها الكاتب ظافر ناجي عتبة مفضية لمتنه المسرحي واشتغل على مدلولاتها من خلال توزيعه المحكم لآفاقها ليقدم من خلالها رؤيتها ربما لمسيرة تجربة «آفاق» التونسية في أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي خاصة من خلال الشخصية المحورية «قوشي».«مر الكلام زي الحسام...» مثل تاريخ الأفعال ومسار القيم لا أمر ثابت ولا شيء لا يتحول .. الكل مهزوز أو الكل إنساني يحكمه قانون النسبية وعدم الاكتمال...... أما المديح سهل ومريح» وهو ما لم يسقط فيه نص ظافر ناجي فقد أظهر لنا شخوصه الثلاثة بقروحهم وجروحهم من دون مساحيق ولا بهرج ولا زينة قد تغرق التاريخ في لجة المديح الموصل للتزييف...... والكلمة دين بس الوفاء على الحر» وهي الحكمة التي نهضت عليها هذه المسرحية، إذ أن إيمان منتجيها نصا وإخراجا وتمثيلا بأن التاريخ هو تاريخ الوفاء وأن الإبداع لا يمكن أن يكون خارج التاريخ وخارج النص وخارج الفعل الإنساني...إن ما يجعل هذه المسرحية فارقة ربما في تاريخ الأعمال التي «شخصت» تاريخ اليسار التونسي أن كاتبها ظافر ناجي أتقن جيدا إخراج لغتها من دلالة المطابقة (dénotation) الى دلالة الإيحاء (connotation) كما أن هذه المسرحية لم تحاول امتلاك معنى النص نفسه بقدر ما كانت قوة انكشاف على عالم يشكل إحالة النص ذاتها... وهذي الطريقة المثلى التي أشار إليها بول ريكور باعتبارها القوة المرجعية الأصيلة للنص ... فبهذه الطريقة «يكف التملك عن الظهور بوصفه نوعا من الاستحواذ، نوعا من التشبث بالأشياء، بل ينطوي، بدلا من ذلك، على لحظة فقدان للذات الأنانية والنرجسية».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق