2008/09/16
الثقافة والسوق السوداء
تنشط السوق الموازية أو السوق اللاقانونية، التي نطلق عليها اسم السوق السوداء، خاصة في الميدان الرياضي وتحديدا في بيع تذاكر المباريات ذات المنعرجات الحاسمة في البطولة أو الكأس في أذهان من يعتبرون أن الرياضة من الامور الحاسمة في بناء مجتمع ما.
كما تنشط أيضا السوق السوداء لدى أولئك الذين يكتبون على جدران بيوتهم «هنا يباع الخمر خلسة!!!» وأيضا لبعض المنتوجات الاستهلاكية التي يتكالب عليها المواطنون في المواسم والأعياد فترى الطوابير طويلة كالثعابين أمام الدكاكين والحوانيت ... في مقابل هذه الظاهرة التجارية بالأساس، تظل الثقافة ـ نتاجا وفعاليات ـ سوقا كاسدة لا تغري المغامرين والمقامرين باستثمار حيلهم وأساليبهم في التمعش منها في نطاق سوقهم السوداء ... إذ لا يزال سوق الثقافة أبيض شاحبا إلا فيما ندر من حفلات الهرج والمرج التي تنتظم هنا أو هناك والتي تمثل «المصيدة» و «الفخ» و «الوليمة» للذين يمارسون عمليات البيع اللاقانونية لجمهور الشباب المندحر بعيدا بعيدا في أقانيم الجهلوت والعمى المُنذر بالخراب الماثل قيد أنملة من خطواتنا...ومن دون التوغل في شعاب اللغة «الفضفاضة» والأفكار التي قد تبدو للبعض هدامة وسوداوية سأكتفي بالإشارة الى بعض «الحالات الثقافية» لنلامس شبح الموت القادم على مهل ... هل شاهدتم مثلا سوقا سوداء لبيع تذاكر الدخول لقاعات السينما التي تعرض أفلاما تونسية (بغض النظر عن القرصنة الرديئة والمسيئة لتقليد الفرجة داخل القاعات والمكرسة لتقليد استهلاك الثقافة فقط)؟!هل لمحتم يوما ما بائعي تذاكر مسرحيات وطنية أو حتى في أيام قرطاج المسرحية أو السينمائية؟!هل شاهدتم سوقا سوداء تبيع هذه الرواية أو تلك المجموعة الشعرية أو ذاك الكتاب النقدي؟!هل استوقفكم يوما ما بائع تذاكر سوداء أمام متحف أو دار ثقافة أو ناد ثقافي بمناسبة ندوة أو محاضرة أو أمسية شعرية ؟!!أبدا، ... فهذا السياق لا يستهويهم ولايدر عليهم الأموال كالخمور والخراف وصياح الملاعب وهستيريا القبة وقرطاج ...أعرف أني أنظر للاقانون وللممارسات اللاأخلاقية ولكن أعتقد أن الأمر لم يعد يحتمل وأخشى أن يأتي اليوم الذي تغلق فيه كل المكتبات وكل دور الثقافة ونواديها وكل الفضاءات الحرّة التي تراهن على الثقافة الحرّة ...
ويصاب كل الكتاب والشعراء بسكتة إبداعية!!!أخشى أن تصير رقعة الشطرنج سوداء لا يرفرف فوقها إلا علم القرصنة والقراصنة... وعصابات السوق السوداء...
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق