هذه فحوى الرسالة التي وجهناها لأوباما...
نشأ مركز الاسلام والديمقراطية في مارس 1999 بالعاصمة الامريكية من قبل الدكتور التونسي رضوان المصمودي وهو يهدف الى دراسة الفكر السياسي الاسلامي والديمقراطي ودمجهما للوصول الى خطاب ديمقراطي اسلامي حديث، وهو يضم أكاديميين ومهنيين ونشطاء مسلمين وغير مسلمين من الولايات المتحدة الامريكية، ويسعى المركز الى انتاج ونشر البحوث الدقيقة عن علاقة الاسلام بالديمقراطية في محاولة منه لتحسين الصورة السائدة في المجتمع الامريكي عن الاسلام . مع رئيس المركز ومؤسسه الدكتور رضوان المصمودي كان لنا هذا الحوار:
* لو تعرّف لنا مركز دراسات الاسلام والديمقراطية؟
ـ طبعا المركز هو مركز أبحاث ودراسات مختصة حول موضوع علاقة الاسلام والديمقراطية على المستوى النظري والتطبيقي، اما نظريا فهو يقوم بعدة مؤتمرات وندوات فكرية وأكاديمية التي تتعلق بمواضيع حقوق الانسان وحقوق المرأة والأقليات في الاسلام، وعلى المستوى التطبيقي يقوم المركز بتنظيم ورشات تكوينية وتدريبية حول ماهية الديمقراطية وعلاقتها بالحياة اليومية ودور المواطن والمواطنة في المجتمعات العربية والاسلامية من اجل دعم وتدعيم الديمقراطية في بلداننا العربية والاسلامية.
ومن اهتمامات المركز ايضا تحسين صورة العرب والمسلمين والاسلام عموما في امريكا وتحسين العلاقة بين امريكا والعالم الاسلامي فيما يخدم المصالح المشتركة للطرفين ونبذ العنف والتطرف والارهاب مهما كان مأتاه.
* هل لهذه الاهداف علاقة بمكان وجود مقر المركز في واشنطن؟
ـ بطبيعة الحال نحن كجالية عربية واسلامية نشعر أن لنا او علينا مسؤوليات كبرى في تحسين صورة الاسلام والعرب والمسلمين في امريكا وإقناع الشعب الامريكي ان الاسلام والعرب ليسوا اعداء لأمريكا وليسوا متطرفين او ارهابيين كما يقدمهم في بعض الاحيان الاعلام الامريكي. كذلك نحن نسعى الى اقناع العرب والمسلمين ان امريكا ليست بالضرورة عدوة لهم ولقضاياهم العادلة اذا عرفنا كيف نقدم هذه القضايا ونشرحها الى اصحاب القرار والشعب الامريكي.
هناك اقلية في امريكا تعادي الاسلام والمسلمين ولكنها اقلية صغيرة جدا ويمكن ان نتغلب عليها اذا طوّرنا اساليب الحوار وعرفنا كيف نخاطب الرأي العام والضمير الامريكي.
* مع باراك أوباما هل يمكن ان يراهن المركز على حظوظ اكثر في التقدم بهذا الحوار وتحقيق اهدافه؟
ـ يعلق العرب والمسلمون في امريكا آمالا كبيرة جدا على الادارة الجديدة، اذ ان ادارة الرئيس بوش الابن قامت بأخطاء كثيرة سواء في علاقتها بالعالم العربي او الاسلامي او في حربها على الارهاب ونحن نقدّر ان من حق وواجب الادارة الامريكية ان تحارب المنظمات الارهابية ولكنها يجب ان تكسب الرأي العام العربي والاسلامي الى جانبها في هذه الحرب وان لا تتحول الحرب على الارهاب الى مناسبة او تعلة للتهجم على الاسلام او المسلمين او ربط الارهاب بالاسلام والمسلمين فمن اكبر اخطاء الادارة السابقة، رغم أننا حذّرناها في العديد من المرات هو انها لم تسع الى اقناع الرأي العام في العالم العربي والاسلامي بأن الحرب على الارهاب ليست حربا على الاسلام او على الثقافة والهوية الاسلامية، وهذا خطأ كبير وان الادارة الجديدة تفطنت له منذ البداية ولذلك نرى ان الرئيس أوباما يسعى جاهدا الى بناء علاقات جديدة مع العالم العربي والاسلامي قوامها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
* وجّهتم رسالة منذ شهر الى الرئيس أوباما، ما فحواها وكيف كان رد البيت الابيض عنها؟
ـ بالفعل وجهت مجموعة من الباحثين والاكاديميين (290 أو أكثر) ونشطاء سياسيين نصفهم امريكيين والنصف الثاني من الدول العربية والاسلامية رسالة الى الرئيس أوباما نطالبه فيها بأن لا تكف ادارته عن دعم الديمقراطية وحقوق الانسان في العالم العربي والاسلامي رغم ضرورة مراجعة السياسات القديمة للإدارة السابقة في هذا المضمار ونحن نعتبر ان ادارة بوش قامت بأخطاء كبيرة في هذا المجال أهمها الحرب في العراق ورغبتها في دعم اطراف سياسية معينة ضد اطراف اخرى.
نحن نرى ان من واجب الولايات المتحدة الامريكية ان تدعم الديمقراطية كأسلوب لحل النزاعات السياسية بالطرق السلمية وان تترك لشعوب المنطقة حق الاختيار وتقرير المصير وان امريكا اذا تدخلت لصالح طرف ضد طرف اخر فهذا سيقوّض العملية الديمقراطية وسيُفقد الولايات المتحدة أية شرعية او مصداقية في رغبتها في دعم الديمقراطية.
ونحن على تواصل مع الادارة الجديدة وسنواصل اللقاءات والاجتماعات بها في الاسابيع القادمة من اجل اقناعها بضرورة عدم التخلي عن النهج الديمقراطي والكف عن دعم الانظمة الديكتاتورية والشمولية في العالم العربي والاسلامي.
* أنجزتم كتابا تدريبيا على غاية من الاهمية حول مسألة الاسلام والديمقراطية ومفاهيم المواطنة؟
ـ لقد تم انجاز هذا الكتاب بين سنة 2004 الى 2006 بالتعاون مع مجموعة من ثمانية مفكرين ونشطاء سياسيين من المغرب والجزائر ومصر والاردن، ويهدف الكتاب الى توعية المواطنين في الوطن العربي بأهمية الديمقراطية والتصاقها بمشاكلهم اليومية وتوافقها مع قيم وتعاليم الاسلام وضرورة المشاركة الفعالة في البناء الديمقراطي وبعد تجربة طويلة في ميدان تنظيم الندوات الفكرية اقتنعنا بضرورة تطوير مادة جديدة تمكننا من التواصل مع شرائح كبيرة من المجتمع من مختلف الاعمار والتجارب والتوجهات الفكرية لكي لا تبقى الحركة الديمقراطية حكرا على عدد صغير من النخبة الثقافية والسياسية، اذ ساهم الكتاب في تدريب اكثر من 4000 مواطن عربي من المغرب والجزائر وتونس ومصر والاردن واليمن والبحرين والسعودية والعراق على هذه القيم والمفاهيم والآليات لتحقيق وانجاز الديمقراطية في عالمنا العربي والاسلامي وقمنا بتدريب اكثر من 200 مدرب في هذه الدول لكي نتعاون معهم لاستخدام هذه الطرق البيداغوجية في ايصال الفكر والمفاهيم الديمقراطية والحقوقية الى المواطنين ونحن مقتنعون ان الديمقراطية تبدأ أساسا وتستمر من خلال ترسيخ قيم المواطنة والمشاركة الفعالة لكل المواطنين في هذا المشروع الطويل المدى من اجل ارساء مجتمع ديمقراطي متماسك ومتطور.
* كيف تقيمون نجاعة برامجكم في المنطقة العربية في ظل انتشار الاصولية الدينية من جهة وابتعاد الشباب عن الشأن العام؟
ـ لقد لاحظنا من خلال هذه الدورات ان هناك رغبة وارادة قوية لدى قطاعات متنوعة ومختلفة في كل هذه الدول من اجل التعايش واحترام كل الآراء وايجاد القواسم المشتركة التي يمكن لأبناء الشعب ان يلتقوا حولها رغم اختلافاتهم الفكرية او المذهبية او السياسية.
إن التطرف الديني او التطرف العلماني لا يمكنهما التقدم بمجتمعاتنا لأنهما يفرّقان ولا يجمّعان.
إن فكر التخوين والتكفير لا يمكنه ان يبني مجتمعا يحترم فيه الانسان ويشعر فيه كل مواطن بقيمته وبحريته وبمساهمته الفعالة لذلك فنحن نسعى من خلال هذه الورشات الى ترسيخ فكرة القبول بالرأي الآخر واحترام حق الاختلاف الذي هو طبيعي في كل المجتمعات وحتى داخل الاسرة الواحدة.
فيجب علينا ان نطور آليات تسمح لنا بالوصول الى قواعد مشتركة وبرامج واهداف مشتركة وقيم مجتمعية تحفظ حقوق الجميع بما في ذلك حق الاقليات في التعبير عن رأيها واقناع الآخرين بوجهة نظرهم.
وهذا يبني تفاؤلا متجددا رغم الصعوبات التي نواجهها في التحول السلمي الديمقراطي.
*هل لديكم برامج مستقبلية مع العرب والمسلمين المتواجدين في المنطقة الاوروبية؟
ـ نحن فكّرنا بجدية في بناء فروع لمركزنا في اوروبا ولكن الامكانيات هي التي تعوزنا ومع ذلك فنحن نتعاون باستمرار مع العديد من المنظمات سواء كانت عربية واسلامية في اوروبا او غيرها من اجل تحقيق وانجاز العديد من البرامج المشتركة.
نحن نقدر أن الجالية العربية والمسلمة في اوروبا تجاوزت الآن 25 مليون اي انها تقارب عُشر سكان اوروبا وهذا عدد مؤثر في كل القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولذلك فإن الجالية العربية والمسلمة في الغرب بصفة عامة مرشحة لكي تلعب دورا مهما في تحسين العلاقات بين اوروبا والعالم العربي وكذلك في تطوير مجتمعاتنا وتنمية الديمقراطية والحكم الرشيد في العالمين العربي والاسلامي.
لقد نظمنا وساهمنا في تنظيم العديد من المؤتمرات في كل العواصم الاوروبية وخاصة باريس ولندن وبروكسيل وبراغ ونشعر ان الاتحاد الاوروبي مهتم جدا هذه الايام بموضوع حقوق الانسان والديمقراطية وكيف يمكن المساهمة في تنميتهما وترسيخهما في الدول العربية والاسلامية.
* بعد عدة دورات تدريبية في تونس كيف تقيّمون مسار التجربة الديمقراطية؟
ـ انني كمواطن تونسي و امريكي أشعر بأن تونس قادرة ومرشحة لكي تصبح نموذجا جيدا للديمقراطية وحقوق الانسان في العالم العربي اذ ان تونس تمتاز بتعليم جيد وبمشاركة فعالة للمرأة ولها بنية تحتية متطورة نسبيا مما يجعل امكانية ترسّخ قيم ومبادئ حقوق الانسان والديمقراطية ممكنة وليست بعيدة المنال اذا تعاونت كل القوى الحية المدنية والسياسية من اجل تطوير وبناء نموذج حيّ يجمع بين كونية الديمقراطية وخصوصية الاسلام والثقافة العربية الاسلامية التونسية.
هذه القناعة وصلنا اليها بعد تنظيم خمس ورشات تدريبية ومؤتمرين فكريين في تونس بالتعاون مع المعهد العربي لحقوق الانسان ومنتدى الجاحظ وهما منظمتان مستقلتان لهما تاريخ عريق وتجربة مهمة في الحقل الحقوقي والثقافي ولهما اشعاع جيد داخل وخارج تونس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق